مصطفى طه: التجمع سيكون مفاجأة الانتخابات القريبة

تاريخ النشر: 12/01/13 | 11:26

مصطفى طه نائب الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي ورئيس الدائرة التنظيمية للحزب، وهو أحد مؤسسي التيار القومي في الداخل والذي تخطى المألوف، بل تمرد عليه في ظروف بالغة التعقيد، لا سيما بعد اتفاقيات أوسلو التي اقصت عرب الداخل من دائرة الصراع التاريخي–ومن دائرة الحل،بما في ذلك الإسقاطات التي تركت بصمات عميقة على مسيرة العمل السياسي وعلى الحركة الوطنية في البلاد، والتي تراوحت بين التيار التقليدي والمحافظ وبين الفراغ، وقد اعتبر الكثير من المراقبين ان التجمع الوطني قد احدث انقلابا نوعيا في الفكر والسلوك السياسي ومفهوم العمل البرلماني، حتى أصبح هذا التيار محط الانظار والمراهنة على أمكانية صموده أمام الهجمة الشرسة من قبل الخصوم والاعداء، ويواصل التجمع معركته هذه الأيام مصمما على تحقيق إنجازات أخرى بل انتصارا آخر وسط التفاف شعبي عارم.

مصطفى طه، لا يحب الأضواء، يعمل بشكل دؤوب خلف الكواليس من أجل تعزيز بناء الحركة الوطنية، واكب مسيرة الحزب ومعاركه الشاقة، وبثقة القيادي الذي لم تتزعزع إرادته وقناعاته بأن المستقبل هو لمن سعى لتحقيق المستحيل وليس الممكن..

وحول رؤيته للمعركة القريبة، التي لا يحب تسميتها بالمعركة، ولمستقبل الحركة الوطنية، كان لنا هذا الحوار معه.

هناك جو من التفائل في صفوف التجمع هل هناك ما يبرر ذلك، وهل الاستعدادات الحزبية كافية لاسيما وأن الحديث يدور عن تحقيق انتصار وليس انجازا فقط؟

بعد المؤتمر الخامس الذي عقد في تاريخ 25.6.2010 قيمنا مسيره الحزب ووضعنا إخفاقات ونجاحات الحزب على كفتي ميزان وحاولنا استخلاص العبر بصوابها وأخطائها، وفي البيان التنظيمي الذي خصصناه للانتخابات القادمة تحت بند الاستعداد للانتخابات الكنيست القادمة في حال تقدمت عن موعدها المحدد، ووضعنا خطط مباشره لهذا الاستعداد والتي شملت جردا كافا لكل المواقع البيضاء (التي لا يوجد بها فروع للتجمع) والتي حصلنا فيها على أكثر من 3000 صوت ، كما وشخصنا بالوقت ذاته مكامن قوة التجمع وعلى رأسها الجيل الشاب الذي سيصوت للمرة الأولى والذي ولد بميلاد التجمع، وقلنا حينها ونؤكد اليوم أن هذا الجيل سيكون مكمن القوة لهذا الحزب وهم الذين تربوا منذ السنة الأولى في مخيمات الهويه للصغار ومعسكرات الشباب والجامعيين إضافه لمكمن قوة آخر، وهو السابقه التي وضعها التجمع لتحصين امرأة في كل ثلاثة أماكن بالقائمة الانتخابية والذي ثبت صحته بالدليل القاطع.

إن الشعبية التي نشهدها اليوم خصوصا محاوله شطب التجمع والنائبه زعبي كل هذا سيترجم الى التفاف شعبي حول التجمع وهذا ما نشهده في كل فرع على طول وعرض البلاد، ولكن مع كل ذلك تبقى ترجمه هذا التأييد الى قوة حقيقيه منوطة بنا كتجمع تنظيميا في كل فرع باستيعاب هذا التأيد الشعبي، لقد وضعنا شعارا كعنوان للمؤتمر الخامس (التجمع من قوة مركزيه الى القوه المركزيه) نطمح ونسعا وسنعمل كل ما فينا لتحقيق هذا الحلم ولن أراهن بالارقام هنا ولكن أكاد أجزم أن التجمع سيكون مفاجأه الانتخابات الحاليه.

هناك صدى كبير وتعاطف متزايد مع التجمع في الشارع كيف لك ان تفسر هذا الزخم؟ وبماذا تتميز هذه المعركه الانتخابية؟

في الانتخابات السابقه 2009 خضنا الانتخابات في أسوأ وضع ممكن من حيث التحريض علينا من الجهات الأربع السلطه، الأحزاب العربية والخطاب الطائفي الذي لجأ له البعض للأسف الشديد، وجوقه إعلامية شبه كاملة بعضها ماجور و يشكك بشكل منهجي بإمكانية اجتياز الحزب لنسبة الحسم، وكان هناك شبه إجماع لبعض وسائل الإعلام بأن التجمع بأحسن حالاته لن يستطيع تخطي الخمسين الف صوت بما فيه الاستطلاعات المغرضة الداخلية لبعض الاحزاب من ابناء جلدتنا، وهذا الشيء أثر بلا شك على كوادر وبعض مبادرات الحزب ولكن من ناحيتنا كنا متطلعين على وضعنا الحقيقي من خلال استطلاعاتنا الحقيقية على الأرض ومعرفتنا بفروع الحزب بالكامل، كانت حساباتنا تشير بدقة إلى أن التجمع سيتخطى العضو الثالث بفائض اصوات وأشارت تقديراتنا حينها أن للتجمع 82 الف صوت وحصلنا على 84 الف صوت وهذه المره لدينا حسابات دقيقه منذ أشهر ومسح تام لجميع مواقع الحزب بلا استثناء وتشير حساباتنا الى ان التجمع سيفاجئ الجميع.

من حيث تركيب القائمة فإن قائمة التجمع هي القائمة المتجددة الوحيدة وتعكس صورة شعبنا من حيث التركيبة الاجتماعية، حيث أن القائمة تضم الرجل والمرأة، و المتدين وغير المتدين، وتغطي المناطق من الشمال حتى الجنوب على عكس قوائم الآخرين، هذا من حيث التركيب، أما من حيث الجوهر ليس صدفه أن قائمه التجمع هي الوحيدة التي تتعرض لمحاولة الشطب عشيه كل انتخابات لأن التجمع طرح مشروعا اعتراضيا منذ انطلاقاته ونجح بالنهايه في إبراز التناقض الكامن بين يهودية الدولة وديمقراطيتها من حيث التعريف وقلنا منذ اللحظة الأولى أن تعريف الدولة كيهودية وديمقراطية يحمل تناقضا جوهريا بحكم التعريف فإما ان تكون يهودية لا ديمقراطية كما هي الآن، أو أن تصبح ديمقراطية لجميع مواطنيها كما نطرح نحن، ولا خيار ثالث بين الخيارين.

ليس صدفة أن حزب ليبرمان اختار شعاره الانتخابي في الانتخابات السابقة (لا مواطنة بلا ولاء) وحصد 15 مقعدا بهذا الخطاب كنقيض مطلق لخطاب التجمع الذي رفض في النهاية ربط المواطنة بالولاء، بمعنى لا مقايضة بين حقوقنا المدنية وكرامتنا الوطنية.

هناك عوامل أخرى تميز هذه المعركة: الخبرة والتجربة التي اكتسبها اعضاء وكوادر الحزب، تمرس القيادة على المستويين السياسي والتنظيمي، تجذر فكر التجمع بشكل مركّز وخصوصا لدى جيل الشباب، أضف إلى ذلك الحملة التحريضية على التجمع التي أصبحت شبه تقليد يومي، فضلا عن الكثير من القوانين العنصرية التي فصّلت على مقاس التجمع- وبالإسم احيانا -قانون عزمي بشاره وقانون حنين زعبي، وقانون الولاء وغيرها.

لو تعرض أي حزب آخر غير حزبنا لمثل هذه الحملات، أشك فيما إذا كان سيصمد سنة واحدة، وما كنا لنصمد لولا كوادرنا الصلبة فكريا وتنظيميا، والتي تمرست في خضم هذه المعارك اليومية التي طالت شخصياتنا الوطنيه المجبولة بالكبرياء والتحدي. بصمود أبناء الحركة الوطنية وإرادتهم وعزيمتهم استطعنا ان نصمد ونحافظ على مشروعنا الوطني، وكان ذلك مدفوعا بإدراكنا لأهمية وحجم المشروع الذي نحمله، والذي نراه بكل تواضع خط الدفاع الأول والأخير، وصمام الأمان لكل محاولات الانزلاق والتشوه السياسي والاخلاقي على حد سواء .

يتساءل الكثيرون حول أهم الفوارق بين الاحزاب العربية، وربما قد نجد من لا يميز أو لا يريد أن يميز، إما لسبب انتهازي مغرض او بسبب عدم الإطلاع، كيف لك ان توضح ذلك؟

منذ اللحظة الأولى لتأسيس التجمع قلنا إن شعبنا بالمجمل ليس شيوعيا ولا إسلاميا بالمفهوم السياسي، وأنه بلا شك قومي وطني تقدمي ديمقراطي بالفطرة، وبهذا المفهوم كنا واثقين منذ البداية ان هناك مكانا لهذ التيار الثالث بين التيارين وثبتت صحة هذه الرؤيه مع الزمن.

والتجمع اليوم أصبح رقما صعبا بل الرقم الأصعب على ساحه فلسطينيي الداخل من حيث خطابه السياسي على الأقل الذي تبنته كل الاحزاب في ما بعد (وان كان ذلك بالتبني اللفظي) وخصوصا بما يتعلق بيهودية الدولة وتنظيم فلسطيني الداخل على أساس قومي، وبناء مؤسساتنا القومية والمدنية نحو التصرف كشعب لا كأيتام على موائد اللئام، كذلك علاقه القومية بالإسلام التي رأينا بها ولا زلنا علاقه تكامليه لا تناقضية كحال بعض الاحزاب التي جعلها تناقضيه، لأنها موضوعيا هي ليست كذالك، وتميزنا أيضا بقضية تعاملنا الجدي بمفهوم التعددية الفكرية والسياسية، عملا لا قولا واستطعنا ايجاد نقاط التقاطع مع المختلف من أبناء شعبنا ورفضنا إلا أن نتعامل معهم كمنافسين سياسين لا كخصوم وليس كاعداء كما تعامل معنا الاخرين للاسف.

حددنا منذ البداية أن العدو الأساسي هو المؤسسة العنصرية الحاكمة وسياستها وقوانينها التي تتعامل معنا كعرب بصرف النظر عن انتمائنا السياسي أو الاجتماعي، وبهذ المفهوم استطعنا ان نخلق تحالفات مع الجميع على كافه المستويات، فتحالفنا على سبيل المثال مع الجبهه في الكثير من المواقع المحلية، مثل «نتسيريت عيليت» وترشيحا واللد، وتحالفنا مع أبناء البلد في شفاعمروسخنين، ومع الحركات الإسلاميه في الجامعات، فعملنا معا بما نتفق عليه وتناقشنا بما نختلف فيه دون احتواء ولا استثناء، باستثناء طبعا من اختار ان يكون ضد شعبه من السماسره والعملاء ومقاولي الأحزاب الصهيونية.

نقطة اختلاف أخرى أيضا هي أنه مع أهمية انتخابات الكنيست القادمة وضرورة تحقيق أكبر إنجاز ممكن، ولكننا في الوقت ذاته كتجمع لا نرى في الكنيست سوى منبرا من المنابر الواجب طرح صوتنا من خلاله مع كل النقاش حول ضرورة خوض الانتخابات او حول جدواها وعدم الجدوى، ولكنها على أية حال ليست هي الحلقة الأهم بل قد تكون الأضعف في مفهومنا ويبقى النضال الشعبي الجماهيري هو الأهم، وندرك سلفا حجم الثمن الأخلاقي الذي تدفعه الحركة الوطنية لمجرد وجودها هناك، وندرك أيضا حجم المعاناة التي يعانيها من يمثلنا، ولكن ما دمنا حسمنا هذا الموضوع فلا خيار إلا الانتصار.

هل هناك ما تخشاه من مفاجآت في الانتخابات الحالية وما هو المطلوب من كوادر الحزب في الايام القليلة المتبقية؟

من خلال معرفتنا وبحكم موقعي كنائب للأمين العام ورئيس الدائرة التنظيمية، نشهد التفافا غير مسبوق حول الحزب، ونلمس ذلك من خلال الحلقات البيتية وزيارة المؤسسات وخصوصا المدارس، ونشاط كوادرنا الميداني، ولكن هذا المزاج الشعبي المشجع مشروط بنا الآن لترجمته الى قوة حقيقية نأمل أن تفاجئنا للأفضل، وعلينا رفع درجة التأهب والاستعداد لتنظيم انفسنا يوم الانتخابات كل بقائمته الشخصيه وضمان وصول المصوتين للصناديق لرفع نسبه التصويت. من جهتنا نفضل أن يصوت الجميع للتجمع، ولكن هذا واقعي طبعا فمن لم يقتنع بالتجمع فعليه للقوائم العربيه الأخرى ولكن ليس للاحزاب الصهيونيه التي يجب أن نجمع وبصدق على كنسها من الشوارع العربية.

من حيث التوقعات نادرا ما اخطأنا بتقديراتنا، لأننا نضع العاطفة جانبا في اعتماد حساباتنا الانتخابية ولدينا تقييم منذ أشهر لكل موقع في البلاد، حيث وضعنا تصورا لأسوأ وضع لكل موقع وموقع وحددنا ما هو المطلوب من الحزب لتوفير ظروف الحد الاقصى الممكن، واستثمرنا جماهيريا وتنظيميا وماليا على هذا الأساس، وحساباتنا تشير إلى أن التجمع سيكون مفاجأة الانتخابات وسيحقق انجازا يليق بمكانه وخطابه ونملك من الارادة والعزيمة ما يكفي لتحقيق ذلك، والانطلاق نحو تعزيز أقدام الحركة الوطنية على ساحه النضال الوطني على الأرض لتنجيع التصدي لسياسات المؤسسه التي تستهدف مصادرة الهوية، وبموازاتها الأرض والمسكن معا، وإذا صدق العزم وضح السبيل والعزم صادق، ونؤمن حتى النخاع بصدق الدرب وصحه المسار وصواب الطريق وذا كان هذا الحلم مستحيل فان الحركة الوطنيه قامت لتحقيق المستحيل لا الممكن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة