لقاء مع أ. د الشاعر الفلسطيني فاروق مواسي
تاريخ النشر: 06/05/15 | 9:10حوار مع ب. فاروق مواسي أجراه كاتب كردي: سردار زنكنه- لقاءات تحت أشعة الحروف المشرقة
********
وصل إلى يدي من إربيل – في كوردستان كتاب – لقاءات- تحت أشعة الحروف المشرقة- مجموعة حوارات أجراها سردار زنكنه مع عدد من الأدباء، منهم أحمد إبراهيم الفقيه ، علاء الأسواني، دينا سليم، سميح القاسم، فاروق مواسي، مقداد رحيم، شيركو بيكه س، نصيف الناصري، حاتم الصكر، شاكر خصباك وغيرهم.
…
الحوار معي هو في الكتاب الصادر في السليمانية- 2011، ص 70- 75.
إليكم نص الحوار في الكتاب:
………………………….
لقاء مع أ. د الشاعر الفلسطيني- فاروق مواسي –
الشاعر الفلسطيني أ. د فاروق مواسي، غني عن التعريف ليس فقط في فلسطين وانما في الوطن العربي أجمع – شاعرًا وقاصًا وناقدًا، وله بصمته المتميزة في هذا المجال، وذاك. وله أكثر من (60) عملاً مطبوعاً ما بين الشعر والقصة والنقد والدراسات. يشغل منصب رئيس دائرة اللغة العربية في أكاديمية القاسمي- في باقة الغربية، عضو مجمع اللغة العربية في اسرائيل، ونائب رئيس نقابة الكتاب في إسرائيل.
شارك في مهرجانات ثقافية في العالم العربي، وله نشاطات في حلقات عربية – يهودية، رسالة ماجستير بعنوان( لغة الشعر عن بدر شاكر السياب) عام 1976، حصل سنة 1989 على دكتوراه في تل أبيب ( الشعراء الديوانيون)، ترجمت أشعاره إلى لغات عديدة، وفي حوار معه دار الحديث التالي:
الأسئلة
مابين العقل والعاطفة، الشعر أيهما يخاطب؟
الشعر يخاطب العقل والعاطفة معًا، فلو كان مقصورًا على العقل لما كان شعرًا يعبر عن مشاعر وانفعالات، ولو كان عاطفة فقط لما حمل فكرًا وتأثيرًا وفعالية.
أجمل الشعر ما دعاك ودعا عاطفتك إلى اتخاذ موقف، أو إلى بناء علاقة إنسانية. وإلا فإن الشعر يظل بدون رسالة، وبدون معالجة تخالج المتلقي، فالرسالة من شأنها أن تدعو إلى التغيير، وكل تلقٍ حري به أن يدعو إلى ذلك.
فعندما أقول في قصيدتي ” الشيخ والبحر”:
“أطلب كأسًا
كي أذكر درسا
أذكر رأسا
أذكر أنسى أنسى أذكر أذكر أنسى
أجتر مهانة….”
فإنني أعبر عن عاطفة الغضب إزاء ما فعله الغاصب، وتراوحني مشاعر متفاوتة ومتباينة، ومن جهة أولى فإنني أدعو بفكرتي وبعاطفة منطقي أن يرفض المتلقي هذا الفعل المهين الذي جعل من المسجد حانة.
أي العوالم ترتب من خلالها هواجسك الشعرية؟
تنتظم هواجسي وفق عوالم هي في الواقع، أو هي في الواقع الممكن، أحيانًا أرتبها، وأحيانا لا تنتظم في أي إطار لتنطلق مؤقتًا إلى فانتازيا، لكنها جميعًا تعبر وبصدق- وهذا هو خيط نسيجي- عن ” أناي ” ، بكل تجليات الأنا، وتعارضاتها، وانعكاساتها، وبكل صورها ودواعي وجودها.
هل يمكن للشعر أن يتقمص الهموم السياسية ؟ بأعتقادكم هل هناك توافق مابين الثقافة السياسية والخطاب الشعري؟
يستطيع الشاعر أن يتقمص همًا سياسيًا، وهمًا وجوديًا، وهمًا اجتماعيًا، فالخطاب الشعري يقاس بـ “كيف تقول” ، لا بـ “ماذا تقول” . وأدلل على ذلك مما أحبه من شعر توفيق زياد ( الذي كتب عنه عز الدين إسماعيل أنه أصدق الشعراء الفلسطينيين):
“أناديكم
أشد على أياديكم
وأبوس الأرض تحت نعالكم
وأقول أفديكم”
ففي ندائه، بل بين حروف ندائه شاعرية مجسمة تتقمص أحاسيس – هي في التواصل الشعري ذات دينامية وتلاحم، وتترك أثرًا حميمًا ومحفزًا، وذلك رغم المباشرة التي لا أراها مخلة أو غامطة من شعرية النص.
كتاباتك عن فلسطين كثيرة ومتنوعة، ماذا أعطت فلسطين لكتاباتك؟
حقًا، هي كثيرة شعرًا ونثرًا، ونظرة في موقعي الخاص تدلك على هذه الغزارة في التعبير. http://faruqmawasi.com
أمسك بيد غضبي وألمي وحبي، وأرافقها لنبحر في كلمات أسيانة، ونتقصى الشواطئ لعلنا نجد معًا مرفأ يتعاطف أو يرحب .
ما مدى انعكاس البيئة التي عشتها على نتاجك الأدبي؟
البيئة هي الطبيعة والمجتمع، وما ينعكس فيهما من مرايا، وكتابتي لا تعمد إلى الطبيعة بما يكفي – رغم أنني كتبت عن البحر وعن مناظر في بانياس، وعن…
لكني أتركز على طبيعة المجتمع، وأنحي باللائمة على كل مظاهر القبح والشر والعدوان.
ومن جهة أخرى أستقصي مظاهر الجمال، وكم بالحري المرأة المخلوق الأجمل، فأراوغ وأناغي ، وأداور وأحاور، وتطيب لي كل لحظة.
ماهي طبيعة العلاقة بين الأدب الفلسطيني في الضفة والقطاع والأدبين الفلسطينية والعبري في اسرائيل؟
أدبنا في الداخل له خصوصية تختلف عن أدب أهلنا في الضفة والقطاع، فنحن نخاطب اليهودي (ولا أعني الصهيوني أو المحتل) بإنسانية، بل نتعاون مع يهود يساريين في نضال مشترك ضد الاحتلال والغطرسة الحكومية العدوانية.
وعلاقتنا قائمة مع بعض الأدباء العبريين – الأمر الذي ينعدم لدى أخوتنا – ، وذلك بحكم عشنا المشترك، فنحن وبعض الأدباء العبريين نقيم أمسيات وندوات مشتركة، معظمها له موقف يدعم تطلعات الفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم.
أود أن أشير هنا إلى أن بعض الأدباء العبريين يعارضون القصائد التي لها تناغم سياسي، بدعوى أن السياسة تقتل الشعر، وهم في ذلك يلتقون مع بعض غلاة الحداثة لدينا.
وأخيراً هل لك اطلاع على الأدب الكوردي، هل قرأت لنماذج منه؟
قرأت للكثيرين، وما أحبه فيهم الحسية والومضات الذكية، وأبرز من أحببت هو شيريكو بيكه س، وفي مكتبتي عشرات من قصائده.
جدير بالذكر أنني كتبت قصيدة تعاطفتُ فيها مع عبد الله أوجلان ، وهي:
ولماذا طلبوا موتك يا أوجلان ؟!
شعر: فاروق مواسي
وعلى مرأى من بحرٍ صافٍ وجزيرهْ
وسماءٍ زرقاءَ كريمهْ
كانت ثَمَّ جريمهْ :
طلبوا موَتك يا أُوجلانْ
لم تطرفْ عينُ القاضي
ها هو ذا يتلو الْحُكم – البهتانْ
او ينفخُ نَفخةَ ثعبانْ
* * *
فوق منصته غنّى البهتانْ
قام القاضي يرقص في حلبتهِ
ما زالت رقصتهم حتى الآن
من جهة أخرى:
انطلقَ البحرُ
وسماء في أُغنيةٍ
تبكي:
آ بو آ بو آ بو
اما آبو = ( أوجلان)
في ساعتها أضحى نسراً يكبر
يكبر يكبر
مشتعلا لا يخبو
حلَّق فوق ذُرى كردستانْ
صاحبه غيمٌ يحملُ حزنا في طيَّاته
وضفائر ماءِ سحابهْ
تغدو سرَّ الحبِّ لأرض ظمأى
لشراب
وربابهْ
* * *
سألت أطيارٌ أوجلانْ :
– ولماذا طلبوا موتَك؟!
رَدَّدَتِ الأمداءُ صدًى تلو صدى
ولماذا طلبوا موتك؟
طلبوا موتك؟
موتك؟
لكنَّ النَّسْرَ مضى في رحلته فوقَ الوطنِ
المنكوبْ
يلحظُ مأساة الجوع هنا
آيات الفقر هناكْ
فيدوِّن في دفتَرِ « زلزال » كلَّ حكايهْ
ما زالت ” مَوْتُكَ ” تكبر
تكبر تكبر
فأجاب الشَّاهدُ – ذاك البحرُ :
– فلعلَّ لهم ثأرًا من أيام صلاح الدين!؟
– أَوْ غضبا من أشعار بيكه س.
( أو حتى تُحذف أسماء : قاسملو، جمال
عرفات، عبد الخالق معروف، شرفكندي،
موسى عنتر، سعيد بور، و.. و..)
وتجيب الشاهدة الأخرى:
– حتى لا يسأل أحد عن حريته
( أحد من أمثال الأكراد أو أبناء الشرق)
– حتى لا يصبح عصفور يتغنَّى أغنية كرديهْ
– حتى لا يقرأ أطفال في انطاكيهْ
حرفـًا عربيا
– حتى لا يعرف كردي أن له وطنـًا يحميه
أن له صفصافهْ
أو تاريخـًا يرويه
وأقول أنا: السيد الأمريكي يبغي حرية وانفصالا للأكراد
في العراق- يا للكرم- !
أما في إيران فهو حيادي في مسألتهم – يا للموضوعية-!
وفي أذربيجان ثمة إغماض وتجاهل- يا للأكراد- !
أما في تركيا، فالأكراد هم الإرهاب ، واسمهم ” أبناء الشرق”
– يا للعدل- !
أرسلت كلماتي النثرية أعلاه
في برقيهْ
للشاعر شيركو بيكه س.
فأجاب بكلِّ حميهْ :
” ذات يوم
ولدت الأرض بركانا
ومن البركان
ولدت كردستان
وكردستان خلفت ابنها آرارات
ومن آرارات
ولد الكرد
ومن الكرد
ولد توأمان: القهر والتحدي
ومنهما
ولد طريق- يلماز كوناي-“.