زيارة الطلاب في بيوتهم رسالة تربوية خالصة
تاريخ النشر: 19/01/13 | 0:00
كنت أسير الهوينا أتوكأ على عصاي ، في طريقي إلى وكالة البريد المحلية علنّي أجد في صندوق بريدي ما يثلج صدري من معايدة أو تهنئة أو رسالة من صديق قديم عاوده الشوق والحنين ، وأمام احد المقاهي وتحت شجرة فيكوس ضخمة وارفة الظلال جلسا ، زميلان شابان يعملان في حقل التربية والتعليم ، دعواني للجلوس فلبيّت الدعوة شاكرا لهما ، وعلى فنجان قهوة ، كما نقول ، دار حديث متشعب وذو شجون أنهاه احدهما مقترحا على زميله مرافقته لزيارة بيت احد الطلاب ، كان قد أعتدي عليه من قبل احد أترابه مما اضطره الغياب عن المدرسة وتقديم شكوى لدى الشرطة ، وأوضح له أن هدف الزيارة من اجل الاطمئنان على صحة الطالب والتهدئة ، ومناشدة أهله التسامح ورأب الصدع والعفو وإلغاء الشكوى ، رفض الزميل الاقتراح بحجة أن لديه التزامات عائلية تحول دون اشتراكه ، أعاد الزميل الاقتراح عليه ثانية وثالثة إلا انه أصّر على رفضه قائلا: "لا تتعب نفسك ريّح بالك ، كل واحد يقلع شوكه بأيده" أي لا تتدخل وأتركهم وشأنهم ليتدبروا أمورهم بأنفسهم ، قال جملته وانصرف ولم يدع مجالا لمناقشته أو لتدّخلي ، عندها رأيت أن من واجبي أن أشدّ على يد زميلي الشاب هذا وأبارك له مبادرته وشجعته وقلت له: لقد كانت لي تجربة ناجحة بزيارتي لأحد طلاب مدرستي الثانوية الزراعية التي أدرتها ، فقد مرض أحدهم (أي احد الطلاب) أو تمارض واله اعلم وغاب عن امتحان شفوي في احد فروع الزراعة وهو مركب هام وأساسي في علامة "بجروت" هذا الموضوع وبدونه لا يمكنه الحصول على شهادة الاجتياز الثانوية والتي تؤهله الاستمرار في الدراسة الجامعية ، هاتفت والده فقال لي أن "زاهر" مريض وأنه عاجز عن إقناعه تقديم هذا الامتحان ولمعرفتي التامة بقدرات "زاهر" وحرصا على مستقبله قررّت السفر إلى بيته حيث كان يقيم في قرية غير الموجودة فيها المدرسة الثانوية ، عدته في بيته وقضيت في صحبته بعض الوقت لأصطحبه معي في سيارتي إلى المدرسة وتقديم الامتحان الشفوي ، واجتازه كما اجتاز بقية الامتحانات وحصل على شهادة الاجتياز "البجروت" ليصبح فيما بعد مهندسا بعد أن أنهى تحصيله الأكاديمي.
هذه التجربة عمقّت لدي ما آمنت به من أهمية زيارة المربين لبيوت طلابهم … قلت لجليسي: تحرّك ، وتوكل على الله ، وزر بيت طالبك هذا ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وتسهيلا… ورسالة أوجهها إلى كل مربية ومرب فأقول: إن زيارة بيت الطالب/ة هي ركن هام من أركان العملية التربوية التعليمية ، وإذا كان مربي/ة الصف مطالب/ة الإكثار من الزيارات البيتية فأن معلمي المواضيع المختلفة مطالبون بذلك فزيارتهم مكملة لزيارة مربي الصفوف فهي تصّب في صالح الطلاب وتساهم في فهم سلوك الطلاب وتحصيلاتهم ، وبالتالي تكون عاملا مساعدا ومهّما في خلق جو من التآلف والتعاون والتفاهم ما بين البيت والمدرسة وتساهم أيضا في حل مشاكل معضلات سلوكية وتعليمية وتكون دعامه أساسية لعمل المستشار/ة التربوي/ة …
هذا وزيارة المربيات والمربين والمعلمات والمعلمين لا تعفي مدير/ة المدرسة من مسؤوليته/ها… فللسفينة ربانها وموجهها ومن أحرى من المدير/ة بالزيارة والتعرّف على أوضاع طلابه/ها المعيشية والسكنية ، فمن خلال الزيارة البيتية نتمكن من فهم الطالب/ة ومن ثم معالجة أموره/ها ومن خلال المعرفة المباشرة لا عن طريق الوسطاء أو الوكلاء .
انا معك على طول الخط وبارك الله فيك