صورة قوميون أم شعوبيون ؟!
تاريخ النشر: 19/01/13 | 11:11في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة المصرية، وفي ظل تكتل قوى المعارضة، تحت ما يسمى "جبهة الإنقاذ"، التي تضم حركات مثل حركة 6 ابريل، تلك التي جاء أحد أعضائها المدعو مايكل حبيب إلى الجامعة العبرية في القدس ليلقي فيها محاضرة يسبح فيها بحمد إسرائيل، وتضم قيادات سياسية متنوعة مثل محمد البرادعي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا، التي كان لها الدور الفاعل في إقرار الاعتداء الأمريكي على العراق، والذي تلاه احتلال أمريكي للعراق، وتضم كذلك احد رموز النظام السابق عمرو موسى، وتضم أحد ممثلي الحركة القومية حمدين صباحي.
في ظل تلك الأحداث، كنت أتوقع أن أسمع المتحدثين باسم الحركات القومية العربية، وعلى رأسهم حمدين صباحي ومستشاريه الإعلاميين، بلهجة تختلف عن باقي مركبات المعارضة.
فالمعروف لدى الحركات القومية والوطنية أنها وان خالفت الحركات والأحزاب الإسلامية إلا أن خطابها معها ونقاشها معها، يكون نقاشا موضوعيا وخطابا حضاريا، بعيدا عن حرب التشويه والتخويف الذي يقوده أناس مثل البرادعي وقناة الفراعين وفلول النظام، الذين يحملون لواء محاربة كل ما هو إسلامي، على منهج "عنزة ولو طارت".
ولكن المفاجئ أن حمدين صباحي والحزب الناصري وحزب الوفد وباقي الأحزاب القومية قد انصهرت تحت لواء البرادعي وموسى والفراعين الذين يحملون الفكر العنصري المصري -بمعنى التعصب لمصريتهم ولفرعونيتهم- وليس لعروبتهم ولا لإسلامهم.
وظاهرة التعصب والعنصرية لمصرية الشعب قبل عروبته كانت لها محطات واضحة في عهد النظام السابق، لعل أبرزها، استغلال أحداث مباراة كرة القدم في تصفيات مونديال 2010 والتي حدثت بين مصر والجزائر، وتجندت كل المحطات التي تدعو لفرعونية المصريين ولمصرنتهم وسلخهم عن عروبتهم، والتي قادت حملة شعواء ضد الشعب الجزائري العربي، حتى أن احد مقدمي البرامج المشهورين في قناة الفراعين قد قال مخاطبا الجزائريين أن الرئيس مبارك صنع للجزائريين معروفا عندما قرر عدم إرسال جيشه للجزائر، متباهيا أن يد "المصريين" (ليس العرب) طويلة، تطال المناطق الممتدة بين موريتانيا إلى البحرين، مشيرا إلى أن "المصريين" يستطيعون معاقبة كل "عربي" يخرج عن طوعهم.
وها هي الأحداث الأخيرة تثبت أن حمدين صباحي وحزبه ليسوا قوميين عربا -وأنهم ليسوا أقل عنصرية وتعصبا لمصريتهم وفرعونيتهم- قبل عروبتهم، وذلك ثبت جليا عندما تسمع صباحي والمتحدثين الإعلاميين باسمه يهاجمون الرئيس المصري وحزب الحرية والعدالة بأنهم جاؤوا ليخدموا الفلسطينيين الغزيين (الغزاويين) في كل مناسبة وقد انضموا إلى بعض الأقباط من حركة 6 ابريل الذين اتهموا من قاموا بالاعتداء على رئيس نادي القضاة بأنهم "مسلمون من غزة"، في ظل حملة التحريض على غزة وعلى فلسطينيي غزة.
وعندما شاهدت وسمعت اللهجة التعصبية لمصرية الشعب، تذكرت ما قاله احد المتحدثين الإعلاميين باسم حمدين صباحي إبان حملة الانتخابات للرئاسة، عندما سأله احد مقدمي برامج الحوار في محطة B.B.C العربية، ما الفرق البارز بين حمدين صباحي ومحمد مرسي، فأجابه أن مرسي وحركة الإخوان سوف يعملون من اجل دولة غزة في حين أن حمدين سوف يعمل من اجل دولة مصر، في محاولة منه لتحريض الشعب المصري على الارتباط التاريخي والعضوي الذي يربط بين الشعب المصري والشعب الفلسطيني.
ولو كان حمدين وحزبه قوميين كما كان عبد الناصر لكانوا افتخروا بارتباطهم بالشعب الفلسطيني العربي، الذي تربطهم به عرى القومية العربية. ولكن حمدين وحزبه اثبتوا أنهم شعوبيون وليسوا قوميين -بمعنى أنهم ينتمون للشعب المصري- وليس للأمة العربية.
ومع أنهم يحاربون الحركات الإسلامية تحت شعار القومية العربية، إلا أن الحقيقة أنهم شعوبيون ليس بينهم وبين القومية إلا الاسم الزائف، ووقوفهم ضد التيار الإسلامي ينبع من قناعتهم أن الإسلاميين يدعون لتوحيد الأمة الإسلامية في حين أن الشعوبيين يريدون عزل الشعب المصري عن محيطه العربي والإسلامي.