خطاب الطيبي حول النازية بمرور 70 عام على هزيمتها
تاريخ النشر: 14/05/15 | 8:44أقامت الكنيست جلسة خاصة بمناسبة مرور سبعين عاماً على هزيمة ألمانيا النازية، ألقى فيها النائب أحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير –القائمة المشتركة، خطاباً افتتحه قائلاً : في فانزيه برلين تحول عام 1942 القرار بتنفيذ ” إبادة شعب ” الذي كان اتُخذ قبلئذٍ إلى قرار سياسي، تحول من فلسفة الى بيروقراطية. ان يوم الانتصار على النازية هو انتصار على قوى الشر، أولئك الذين أرسلوا ملايين الناس إلى موت رهيب. انه انتصار لقوى النورعلى من عملوا في صناعة الموت التي ترتكز على ايديولوجية الكراهية والعنصرية والنظرية العرقية، وهذه الايديولوجية نمت في الغرب في ألمانيا وليس في الشرق. في هذا اليوم خيط واحد يربط بين جميع أبناء البشر، أبناء مختلف الديانات، وبين القلب النابض للعالم الفخور بانتصار النور على الظلام، انها بداية التنوّر والليبرالية بعد ان كانت ازدهرت نظرية الجنس العرقي تحت رعاية نظام سياسي قامع آمن بتفوق العرق وتدني الآخر.
واقتبس الطيبي الكاتب ألترمان الذي كتب ” تحرر العالم من سجنه.. تحول الوحش إلى رماد “.وأضاف الطيبي : الكارثة كانت جريمة فظيعة يجب عدم انكارها او تصغير حجمها ولكن يجب عدم المتاجرة بها.
ان معرفة الآخر والاعتراف به في الأنظمة الديمقراطية أهم من المساواة بين الأغلبية والأقلية، وهذا الآخر قد يكون العربي، الاثيوبي،المرأة المُطاردة، المتدين، وفي هذا اليوم يلتزم الكثيرون في العالم بمحاربة العنصرية على جميع أشكالها.
كما اقتبس الطيبي ما كتبته محامية اثيوبية استر بيسور في وصفها للعنصرية التي تتعرض لها لكونها اثيوبية بشرتها سوداء، تعبّر عن كفاحها ضد العنصرية والأفكار المسبقة التي تواجهها يومياً، حيث يُعرض عليها العمل في مجال التنظيف، ويحاول الآخرون التكهّن ما اذا كانت من اثيوبيا ام اريتريا. ويبدو انها ستضطر للانتظار جيلاً او جيلين حتى انتهاء هذه العنصرية.
وتطرق د. الطيبي في خطابه الى التمييز ضد العرب قائلاً : يوجد في إسرائيل تدريج للعنصرية، والعرب مُميّز ضدهم في جميع مجالات الحياة ودائماً تُقدم مُبررات لذلك بأنه ” لا توجد ميزانيات “، او بسبب ” الوضع الأمني”، أو بأنها ” دولة يهودية “، لأن العربي هو ” الآخر ” بشكل كامل وفي نهاية الأمر. العربي يُعتبر عدواً ايضاً عندما يكون مواطناً يريد الاندماج والمساواة. يُسمح بهدم بيته او إطلاق النار عليه في المظاهرة ثم إغلاق ملف مَن أطلق النار عليه. يُسمح برفض طلبه للاندماج في العمل حتى إن كان متفوقاً وموهوباً.
وأضاف الطيبي: كيف يستطيع مجتمع كامل كان ضحية تاريخية ان يتعايش مع مظاهر مثل تنظيم ” لهفا – التنظيم المعادي للعرب ” او ” لا- فميليا – نادي مشجعي فريق بيتار العنصري ” انها العنصرية وثقافة الكراهية.
كما اقتبس د. الطيبي مما كتبه البروفيسور ادوارد سعيد قائلاً :.. ان جميع الثقافات متداخلة ببعضها البعض ولا يوجد تميّز او نقاء مطلق بل هي متجانسة.
لا نريد ان نسمع أي تصريح لأي سياسي تجاه المواطن العربي الذي ولد هنا، في الطيبة او رهط، ام الفحم او الناصرة بان يقارن حياته هنا بالحياة في العراق او ليبيا. وبأنه يتلقى مخصصات تأمين وطني، ولديه شوارع ويُسمح بالتعلم في الجامعات. كما لا يمكن مقارنة حياة السود في فرنسا وفي افريقيا كما جاء في إحدى مسرحيات الفيلسوف الأسود فرانس فانون.
ثم توجه الطيبي للحضور في القاعة قائلاً : قد يعجبكم القسم التاريخي في خطابي ولا يعجبكم القسم الذي يتطرق الى الوضع الحالي. ولكن من المهم الإصغاء الى ما اقوله هنا بإسم جمهور كامل.. أقلية كاملة.. نحن صوت جيل كامل نريد تنشئته على حقّه الإنساني في النضال لكي يكون متساوياً منتصب القامة وفخوراً. جيل كامل في هذه البلاد لا يقول ” شكراً على مخصصات التأمين الوطني ” او على مجرد كونه يعيش في هذه البلاد، جيل يتكلم بمستوى العينين.. لا يتأتئ.. لا يبحث عن مبررات.. من ناحية أخرى نحن نمد يدنا لكل من هو مستعد للعيش معنا حياة مشتركة مبنية على الاحترام المتبادل، العدل والمساواة، الاعتراف بالآخر واحترام تراثه من أجل منح مصطلح ” المواطنة ” معنى ملموساً.
واختتم الطيبي قائلاً : نستطيع ارتداء عباءة انسانية ذات قيَم، والتأمل في الماضي حتى لا يتكرر. وكما قال الفيلسوف الفرنسي جان فرانسوا ليوتار ” النازية لم تُهزم.. وإنما أطلقت النار على رأسها مثل الكلب “. ونحن نقول ان العنصرية لم يتم تنظيف القلوب منها.. فقط أطلقت النار عليها, فتعالوا بنا نصغي إلى التاريخ..
وأنهى د. الطيبي بعبارته ” هناك زهرة تحت ركام الخراب.. وهناك أمل.. وهو أمل جميع الضحايا بمن فيهم ضحايا الضحية.