المصادقة على برافر: الحكومة تختتم مسيرة التمييز
تاريخ النشر: 30/01/13 | 10:55صادقت الحكومة الإسرائيلية يوم الأحد الماضي على توصيات الوزير بيني بيغين المتعلقة بتطبيق مخطط برافر وتسوية قضية أراضي عرب النقب والقرى غير المعترف بها. وكما في كل مرة عندما يتعلق الأمر بقضايا المواطنين العرب وحقوقهم، علم أصحاب الشأن عن طرح الموضوع في الحكومة من وسائل الإعلام دون أن يكلف أي طرف نفسه عناء إبلاغهم أن الأمر سيطرح في الحكومة. والآن وبظرف غير متوقع وأيام معدودة بعد الانتخابات يوضع هذا الأمر من جديد لجانب قضايا إقليمية ساخنة مثل الأحداث في مصر وإيران.
في تعديلاته يطالب الوزير بيغن بالرجوع إلى تقرير غولدبرغ نفسه ويتحدث عن الحاجة بالاعتراف بأكبر عدد ممكن من القرى غير المعترف بها، لكنه لا يشير إلى القرى التي يجب الاعتراف بها. وقد جاء تقريره الجديد دون أسماء لقرى أو أية خارطة جديدة. من جهة أخرى عاد بيغين وكرر طلبه بترحيل قرى العزازمة "والبالغ عدد سكانها 14,000 نسمة بالإضافة إلى 3,000 عائلة في مواقع أخرى.
لكن يجب التنويه أن مخطط برافر يطبق اليوم على أرض الواقع في النقب حتى قبل سن قانون بهذا الشأن. نرى ذلك في تسارع وتيرة الهدم في القرى غير المعترف بها وقرى المجالس الإقليمية "واحة الصحراء" و"قسوم". كما نلحظ تفاقم مشكلة عدم منح رخص بناء في هذه القرى، وهي مشكلة عرب النقب الأساسية اليوم والتي سمعها الوزير بيغين في كل قرية زارها. مع ذلك فضل الوزير بيغين عدم التطرق إلى هذه القضية في تقريره الجديد.
ما أحضره الوزير بيغين يوم أمس للحكومة هو تعديلات طفيفة وليست جوهرية لمخطط برافر وتأتي هذه التعديلات بالتوازي مع الضغوط التي تمارسها طواقم "المفاوضات" الحكومية ضد سكان القرى غير المعترف بها للقبول بالخطة حتى قبل إقرارها في الكنيست. وتستخدم الحكومة واذرعها المختلفة وسائل كثيرة لتضييق الخناق على المواطنين مثل رفع أسعار المياه وبشكل باهظ، تقليل كميات المياه المخصصة لكل عائلة، مطاردة أصحاب المواشي من خلال عدم منحهم مساحات مراعي، وإضافة إلى ذلك كله، قرارات بنقل المدارس من القرى المهددة بالترحيل إلى بلدات أخرى مثل ما حدث في وادي النعم حيث أصدرت وزارة المعارف مرسومًا بنقل المدارس الثلاث في وادي النعم مع طلابها ال 2500 إلى بلدة شقيب السلام.
نشر توصيات بيغين الآن له علاقة بإنهاء عمله كعضو كنيست ووزيرًا في الحكومة الحالية وبإقرار مخطط متروبولين بئر السبع والذي اقر قبل عدة شهور. هذا المخطط مرهون بتدمير بعض القرى غير المعترف بها وترحيل سكانها بشكل مستعجل لإفساح المجال أمام مشاريع "تطوير" في النقب. مثل بناء "مدينة الاستخبارات العسكرية" على أنقاض قرية المكيمن غير المعترف بها، وبناء البلدة اليهودية حيران على أنقاض القرية العربية أم الحيران. والجدير بالذكر وحسب هذا المخطط فأن إقامة مدينة الإرشادات والتدريبات ألعسكرية "عير هباهاديم" على أراضي عشيرة العزازمة ستجعل سكان القرى وادي المشاش، العزازمة، وادي النعم والسر ضحايا للمخطط.
يجب أن لا نبني الكثير من الآمال على هذه التوصيات رغم استخدامها للغة أكثر ايجابيةً واستخدام مصطلحات مثل "العدل الاجتماعي". فهذه التوصيات مبنية على التلاعب بالأرقام بدلاً من إنصاف عرب النقب وضمان حقوقهم في أراضيهم. من جهة أخرى لا يترك الوزير بيغين مجالا للشك أن هناك نية لاستعمال القوة وباسم القانون لتطبيق خطته خطة برافر-عميدرور-بيغين في حال رفضها المواطنون العرب.
عرب النقب يشكلون اليوم ثلث سكان المنطقة. مجموع ما يطالبون به هو 5% من مساحة المنطقة. لكن التوصيات التي جاءت لا تأخذ هذه الحقيقة في الحسبان. وللتذكير فأن عرب النقب سيحصلون حسب الخطة الحكومية، وفي أحسن الأحوال على أقل من 20% من أراضيهم التي يطالبون بتثبيت ملكيتها. هذا الاقتراح كان قائما منذ سنوات السبعين من القرن الماضي ولكنه رفض منذ ذلك الوقت جملةً وتفصيلا.
الانتخابات من وراءنا وقضايا عرب النقب تزداد حدة. دخول لاعبين جدد مثل جمعية راغابيم سيجعل العام الحالي وفترة الحكومة الحالية أكثر صعوبة. النضال السياسي والجماهيري كان وما زال حجر الزاوية في مواجهة مخطط برافر وتعديلاته المختلفة. لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، الجسم الذي قاد نضال عرب النقب في الفترة الأخيرة والمركب من الأحزاب والحركات السياسية، مدعوة إلى توسيع صفوفها وتكثيف جهودها ونضالها في مواجهة أيام عصيبة في الفترة القادمة. أيضا هناك دور متميز لمنظمات المجتمع المدني لإعطاء الأجوبة المهنية ودعم سكان القرى غير المعترف بها وخاصة المهددة في الترحيل في السنة القادمة.
*د. ثابت أبو راس هو مدير مكتب عدالة في النقب