كلمة وداع لرحيل نمر مرقس – القائد الوطني والاممي
تاريخ النشر: 31/01/13 | 13:00عدت مساء اليوم من هناك، حيث يبكي الرجال علانية، دون داع للخجل. عدت من كفر ياسيف، حيث أخوات الرجال، يقفن شامخات، برؤوس كارتفاع الجرمق أو يزيد. هناك حيث يبكي معا، اليهود والعرب، اسلاما، دروز ومسيحيين. حاولت ان امتنع عن البكاء، "كما يليق بالرجال"، الا ان دمعة، دمعتين، فرتا من عيني، لتتبعهما دمعات كثيرة.
لم أكن وحدي، كنا كثيرين، من المثلث والجليل ومن الجولان والنقب. آلاف وآلاف جئنا، لنودع قائدا، مناضلا، معلما، أبا وصديقا، ذا قلب واسع يشع محبة، وعقل متفتح أهدى الكثيرين الى سواء السبيل، درب الرباط الابدي بين الوطني والاممي.
هناك، في قاعة المركز الثقافي الذي بناه، كان جثمانه مسجى، فقط هو بصمته تحدث. مسيرة عشرات السنين من النضال، من محبته لابناء شعبه، عشرات السنين من التفاني في خدمتهم، عشرات السنين من رفع الراية والشعلة، لخصتها شخوصهم الواجمة وعيونهم الدامعة. جاءوا جميعا يعلنون محبتهم له، فتحولت الجنازة الى عرس وطني، بادلوه حبا بحب، قلبا بقلب.
الآن، في نقطة اللاعودة، تتضح امام زوجته ام نرجس وأمام "الصبايا"، هذه اللوحة التي رسمها، من المهد الى اللحد، بمواقفه، بوضوح رؤيته، وبقناعته التي لا تتزعزع، لوحة تظهر دون أدنى شك، أنه أحب الناس، وأنهم أحبوه أضعافا مضاعفة.
سلاما أبا نرجس، فمثلك لا يموت
سلاما أبا نرجس، فأنت ومن مثلك، أقوى من النسيان.
لم التقيه، لم اتحدث اليه يوما، حال الموت بين لقائنا المرتقب. التقيت تلامذته و ابنائه بالفكر و الدم؛ احببتهم، اصبحت واحدا منهم، اصبحت جزءا من عائلته الكبيرة و الصغيرة. ام سمعان عندما اهاتفها و اقول انا حسين شعبان لا تتذكرني و لكن عندما اقول لها ان النمر، تضحك من قلبها و تداعب قلبي بعبارات تعيدني الى طفولتي. قرروا ا قبل 30 سنة ان يسموني نمر تيمنا به، قبلت حبا و طوايعة. على الدوام كنت افتخر بهذا الاسم و اجزم بأني سأبقى وفيا للنمر الاول ابو نرجس …. هو لم يمت فالرجال لا يموتون بل ترتاح اجسادهم، اما مبادئهم فخالدة.