الزَّرع الفَّريطي : الجَّراد سبَّق الحصاد!!
تاريخ النشر: 26/01/13 | 15:35الحقيقه المُره هي ان الربيع العربي لم يحٍل بعد وهذه التسميه قفزت عن واقع وحقيقة ان فصل الشتاء وموسم الزراعه لم يسبقا هذا الربيع الهجين الذي حل بالبلاد العربيه اللتي نمَا فيها زرع " الفريطي" دون زرع البذور وبذرها والاعتناء بها والزرع "الفريطي" بلغة اهل الباديه والفلاحين هو الزرع الذي ينبت في ارض بور او مشاع من تلقاء نفسه من بذور قديمه وقليله تبقَّت في الارض من مواسم سابقه وهو في العاده زرع ليست خصب ولا مثمر وقليل السنابل ولا ينتج غله… الغله الوفره تنتج عادة من ارض مزروعه ببذور نعتني بها ونرعاها وندق الطبول ونبني الفزَّاعات لطرد الجَراد عنها حتى تصبح سنابل يافعه يحين حصادها فنحصدها ونُذَّريها ومن ثم نُغربلها لتعطي افضل انواع الغله وانقاها.. وهذا للاسف لم يجري في المواسم المهجنه اللتي طلت علينا فيها الثورات العربيه..لم نبذُر الارض بالافكار الثوريه الصحيحه ولم نعتني بها ولم نُعشبها ايضا تعشيب الارض المزروعه يعني ازالة النباتات والاعشاب المضره بالزرع والنتيجه زرع فريطي وجَّراد سبق الحصاد..حصاد بلاغله… اما بعد…
من المؤسف القول ان الانتفاضات العربيه وبعد عامين على انطلاقها لم تجلب ماهو مطلوب للشعوب العربيه ولربما ونقول لربما حتى لا نحكم على الامور بالمطلق ان الحاصل هو العكس وهو ان ما يسمى بالربيع العربي ساهم ويساهم في تصحير الدول العربيه وتدميرها وما هو حاصل في هذه الاوان في سوريا يدمي القلوب بسبب الدمار الهائل الذي لحق بهذا البلد شعبا ودوله والواضح ان القادم اعظم والقضيه لا تتعلق بمسلكية طاغيه فاقد للوطنيه ومقومات الانسانيه بقدر ما تتعلق بتدمير وطن كامل من اجل اسقاط او بقاء نظام حكم طاغي في هذا البلد العربي او ذاك وبالتالي الذي جرى والجاري في العالم العربي يوحي ان ايادي كثيره معنيه بتدمير الوطن العربي دوله دوله ورقعه رقعه بهدف تدمير امال وطموحات الشعوب العربيه ببناء دول عربيه ديموقراطيه في اعقاب اسقاط انظمة الاستبداد من بن علي في تونس ومرورا بمبارك والقذافي وصالح وحتى الاسد في سوريا والحقيقه المُره هي ان للشعوب العربيه الحق كل الحق باسقاط انظمه استبداديه وطغاه مستبدين لكن الجاري هو التفاف واضح على هذا الحق وحرف حاصل لمسار الثورات وطموحات الشعوب..نعم ..يحق للشعب الليبي اسقاط نظام القذافي واستبداله بنظام ديموقراطي يحترم حقوق المواطن الليبي ويلبي طموحات الشعب الليبي ببناء دوله عصريه وديموقراطيه, لكن الذي جرى في ليبيا بالفعل هو ان الشعب الليبي قد ضحى بالارواح ودفع الثمن غاليا من اجل اسقاط القذافي وهذا ما حصل بغض النظر عن هذه التجاوزات او تلك, لكن النتائج حتى الان لم تكن بمستوى التضحيات الكبيره الذي قدمها الشعب الليبي حيث ان ليبيا ما زالت مدمره ومقسمه والى حد بعيد تحولت الى دولة ميليشيات ودولة محسوبيات وتيارات تابعه لاجنده اجنبيه غربيه وعربيه رجعيه وطموحات هذه الاجنده في واد وطموحات الشعب الليبي في واد اخر..النظام الجديد يحاول تعليق فشله على شماعة النظام القديم الذي اصبح في حكم المنتهي والماضي ولن يعود الى ليبيا والمشكله اليوم تكمن في تفاصيل الوضع الليبي الجديد, لكن مشكلة ليبيا الكبرى ان ثورتها الشعبيه أختطفت من الغرب الامبريالي والرجعيه العربيه وما جرى هو ان الغرب اراد فقط تفتيت وتدمير ليبيا والاستيلاء على منابع النفط في ليبيا ولم يهمه دمار او اعمار هذا البلد العربي وبدورها الرجعيه العربيه ارادت كسب نظام عربي جديد صديق لانظمة الخليج وما جرى هو ان الثوره والانتخابات الليبيه قد حققت اهداف الغرب والرجعيه العربيه ولم تحقق اهداف الشعب الليبي..ليبيا ما زالت مدمره ومقسمه ووضعها مهلهل ولم تحقق لا المصالحه الوطنيه ولا الدوله الديموقراطيه..ببساطه الجَّراد اكل الزرع الثوره وسبق موسم الحصاد والغله لم تناسب تضحيات وطموحات الشعب الليبي.. القذافي سقط وانتهى ولن يعود, لكن السؤال ما ذا جرى لاحلام وطموحات وتضحيات الشعب الليبي؟..النتيجه المرئيه : تبعيه ليبيه لدول عربيه رجعيه ودول غربيه.. مفارقة الجراد الصاروخ.. والجَّراد البشري والسياسي الذي اهلك الزرع الليبي قبل الحصاد.. الغله ما زالت شحه ان لم تكن معدومه بالنسبه للشعب الليبي!!
الذي جرى في اليمن كان اكبر خديعه سياسيه, حيث نجحت الدول العربيه الرجعيه الخليجيه بإجهاظ الثوره اليمنيه بالكامل والابقاء على نظام صالح برئاسة هادي وتوسيع النفوذ الامريكي في اليمن الى ابعد حد, وبالتالي ماجرى في اليمن هو اعادة صياغة التحالف الامريكي مع اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي والمفارقه ان احدى مطالب الثوره اليمنيه كان رفع اليد الامريكيه عن اليمن ووقف التبعيه واللذي جرى هو العكس ان تبعية النظام الجديد في اليمن لامريكا ازدادت اكثر من عهد صالح والطائرات الامريكيه تصول وتجول في اليمن وتقتل من تشاء بحجة محاربة الارهاب ناهيك عن ان السياده اليمنيه تنتهك الى ابعد
حد وهذه السياده والحفاظ عليها كان مطلب من مطالب الثوره اليمنيه ويخطئ من يظن ان اعادة هيكلة الجيش اليمني وابعاد انصار صالح سيصب في مصلحه غير مصلحة الاستراتيجيه الامريكيه في اليمن والخليج…هيكلة الجيش اليمني لم تأتي كتلبية لمطلب الحراك الشعبي في اليمن لابل تلبيه لمطالب امريكيه للسيطره على اليمن كموقع استراتيجي مهم والجاري كما تفيد التقارير الصحفيه هو ان امريكا تشيد المزيد من القواعد العسكريه في اليمن وتزيد من تواجدها العسكري في هذا البلد العربي الذي من المفروض ان تجرى فيه انتخابات رئاسيه عام 2014 وحتى ذلك الحين سيلتهم الجَّراد ما تبقى من مطالب الحراك الشعبي اليمني..الاتفاق الذي جرى في اليمن زاد من نفوذ امريكا في اليمن من جهه ووَّطد مكانة اليمن في منظومة الدول الرجعيه العربيه التابعه لامريكا من جهه ثانيه وبالتالي حصاد ما سمي بالثوره اليمنيه الشعبيه هو لا شئء ملموس.. الجَّراد سبق الحصاد واهلك مطالب الشعب اليمني.. اليمن كان مفارقه خاصه في الانتفاضات العربيه..النتائج كانت مقلوبه بالكامل..موسم بلا غله!!
اللذي جرى في تونس ومصر حتى الان هو إعادة صياغة نظام حكم الحزب الواحد وابعاد القوى الاخرى عن السلطه والقرار السياسي والى حد الان لم يتغير شئ ولم يجرى تحسن على حال الشعب والخراب والدمار الذي خلفهما نظاما بن علي ومبارك ما زال على حاله ولم يتغير شئ بالنسبه للشعب والشباب التونسي والمصري الذي فجر الانتفاضات وصمد في الميادين وقدم التضحيات من اجل التغيير والعداله والديموقراطيه.. الذي جرى في مصر وتونس كان انتخابات في ظل اختطاف سريع للثورات واستثمارها لصالح احزاب وحركات دينيه نجحت في الوصول الى الحكم لكنها لم تلبي طموحات وتطلعات الجماهير الشعبيه في كل من مصر وتونس..الجاري هو ان الوضع الاقتصادي يزداد سوءا و استراتيجية اقصاء واستبعاد القوى السياسيه الاخرى انتقلت من الانظمه البائده الى الجديده..قد لم او لا يتمكن الجَّراد اهلاك زرع الثوره التونسيه والمصريه بالكامل, لكنه نجح الى حد بعيد من تقليل الغله…الغله القليله في تونس ومصر هي نتيجة " زرع فريطي..بعل" نمى وينمو في ارض ثوريه حقيقيه حالت عدة ظروف امام من ان تكون ارض خصبه ووافره لثورات حقيقيه كان من المفروض ان يكون مردودها وغلتها وافره بالنسبه للشعب..نعتقد ان الجاري في تونس ومصر هو ان النظامين الجديدين في هاذين البلدين يشدوان ويتوسلان الاعتراف الامريكي والغربي كأولويه سياسيه بدلا من الاعتماد على الدعم الشعبي والجماهيري وتلبية طموحات الشعوب…المعضله هنا والامر ينطبق على كامل الوطن العربي هي ان دول الاستعمار القديم وسايكس بيكو لايريدون تحرر العالم العربي ووحدته ويفعلون المستحيل لاجهاظ اي تحرك عربي تحرري ووحدوي ويسعون الى تخريب الثورات العربيه عبر الزج بالانظمه العربيه العميله كقطر والسعوديه الى واجهة وعمق الثورات العربيه وهو الامر الذي شوه صورة هذه الثورات ودمر دولا عربيه بالكامل كما جرى في ليبيا ويجري الان في سوريا.. الجَّراد الغربي والعربي ومشتقاته من ميليشيات دمر الثورات قبل موسم الحصاد..!!
نخشى ما نخشاه ان الانتفاضات العربيه المُهجَّنه والمخطوفه صارت مَّعولا لهدم الاوطان وتقسيمها لابل صارت عاملا واداه من ادوات الغرب الهادف الى استنزاف قوة العرب وقتل معنوياتهم وتيئيسهم وابعادهم عن فكرة التغيير والدمقرطه.. الغرب يسعى لاقناع الشعوب العربيه بان الثورات محفوفه بالمخاطر ولا جدوى منها سوى الدمار او الرضاء عن ما يصنعه الغرب من حكام جدد في العالم العربي!..ملامح الحكام الجدد ابشع من ملامح سابقيهم من طغاه..حكام جدد مزركشين بديموقراطيه شعبيه زائفه وتابعين تمام التبعيه لامريكا من جهه ومُحيَّدين تمام التحييد عن القضايا العربيه الرئيسيه كفلسطين وغيرها من جهه ثانيه وبالتالي امريكا تسعى لبناء جيل من الحكام العرب الجدد يهتمون فقط بالشان المحلي وليس بالشأن العربي العام.. حاكم تشبه مهامه مهام رئيس بلديه او مجلس محلي…شأن محلي.. العرب تحدثوا في الماضي القريب عن جلبي العراق والان ماهو موجود عدد كبير من الجلبيون العرب في سوريا وليبيا وكامل دول الانتفاضات العربيه.. هؤلاء يتعاملون مع امريكا وقطر والسعوديه وتركيا في وضح النهار ويزعمون انهم من قيادات الانتفاضات في الدول العربيه.. يعقدون المؤتمرات واللقاءات في لندن وواشنطن ويطرحون انفسهم كبديل للحكام الحاليين.. لاحظوا معنا ان الديموقراطيه والعداله الاجتماعيه صارتا موضوع ثانوي وليست رئيسي في الانتفاضات العربيه..البحث يجري في كيفية ايجاد نظام حكم تابع لامريكا وليست نظام حكم ديموقراطي يمثل الشعب السوري او الليبي او اليمني الخ من شعوب عربيه منتفضه؟!!
الحقيقه المُره ان الربيع العربي لم يحل بعد وهذه التسميه قفزت عن واقع ان فصل الشتاء وموسم الزراعه لم يسبقا هذا الربيع الهجين الذي حل بالبلاد العربيه اللتي نمَا فيها زرع " الفريطي" دون زرع البذور وبذرها والاعتناء بها والزرع "الفريطي" بلغة اهل الباديه والفلاحين هو الزرع الذي ينبت في ارض بور او مشاع من تلقاء نفسه من بذور قديمه وقليله تبقت في الارض من مواسم سابقه وهو في العاده زرع ليست خصب ولا مثمر وقليل السنابل ولا ينتج غله… الغله الوفره تنتج عادة من ارض مزروعه بالبذور التي نعتني بها ونرعاها وندق الطبول ونبني الفزاعات لطرد الجَراد عنها حتى تصبح سنابل يافعه يحين حصادها فنحصدها ونذريها ومن ثم نغربلها لتعطي افضل انواع الغله وانقاها.. وهذا للاسف لم يجري في المواسم المهجنه اللتي طلت علينا فيها الثورات العربيه..لم نبذر الارض بالافكار الثوريه الصحيحه ولم نعتني بها ولم نُعشبها ايضا- تعشيب الارض المزروعه يعني ازالة النباتات والاعشاب المضره بالزرع- والنتيجه زرع فريطي وجَّراد سبق الحصاد..حصاد بلاغله.. وانتفاضات عدميه لم تجلب المطلوب والمطلوب اليوم ثورات عربيه فعليه ترعاها الشعوب وتحصد غلتها…نأسف ياعرب بالقول ان ماهو موجود هو انتفاضات مهجنه وزرع فريطي…هنالك من سعى ويسعى لتخريب حَّرث وزرع الانتفاضات العربيه قبل ان تينع وتثمر وقبل حلول موسم الحصاد وفي الوقت نفسه هناك من سعى ويسعى الى تدمير وتفتيت الدول والشعوب العربيه…الجَّراد الغربي والعربي الرجعي سبَّق الحصاد والنتيجه موسم حصاد بلا غله والمؤسف في الامر هذا العدد الكبير من الضحايا والشهداء والجرحى والمفقودين واللاجئين الذي تاجر ويتاجر بدماءهم وعذاباتهم الانظمه الطاغيه من جهه والامبرياليه والرجعيه العربيه من جهه ثانيه.. الزًّرع "الفَّريطي" العربي : الجَّراد سبَّق الحصاد!!