مقابلة "1" مع الأديبة الفلسطينية منى زيداني من الناصرة
تاريخ النشر: 02/02/13 | 1:45ضمن سلسلة دراسات في الأدب العربي تصدر عن جامعة بن جوريون في النقب
الكتابة الأدبية ومشكلات العصر
مقابلة مع الشاعرة والأديبة الفلسطينية منى عادل ظاهر زيداني من الناصرة (1975)
بقلم الدكتور صالح يوسف أبو ليل
شاعرة وكاتبة مسلمة، ولدت في مدينة الناصرة، أنهت اللقب الأول في اللغة والدب العربي في جامعة حيفا واليوم تدرس للحصول على اللقب الثاني في قسم الدراسات العربية والاسلامية في جامعة تل-ابيب. في عام 2003، حصلت على وسام تقدير وذلك لبحثها في الأدب النسوي من جمعية "العمل التربوي" في بريطانيا ضمن مشروع بحث حول النساء الفلسطينيات.وقد دعيت ظاهر للمهرجان العالمي للكتاب في لقاهرة وذلك على يد الأديب والباحث المصري المعروف سمير سرحان، رئيس الْهَيْئَةُ الْمِصْرِيّة الْعَامّة للكتابِ واشتركت في مهرجان "تيرانوفا" للشعر في شمال فرنسا في عام 2006. وفي عام 2007، حصلت ظاهر على جائزة التفرغ للأدب من قبل وزارة التربية والتعليم. نتاجها الادبي:
-
"شَهْرَيَارُ الْعَصْرِ/مجموعة شعرية/ 1997.
-
"لَيْلكيّاتٌ/مجموعة شعرية/2001.
-
"طَعْمُ التّفَاحِ/مجموعة شعرية/2003.
-
"حِكايَاتُ جَدّتِي مُوفادّت/نصوص أدبية/2003.
-
"أصَابِعُ/مقالات أدبية/2006.
-
"خَمِيلُ كَسَلِهَا الصّباحِيّ/ مقالات أدبية/2008.
-
"يَوْمِيّاتٌ/ مقالات أدبية/2006.
شعرها يترك انطباعا أنها تميل الى الرومانسية، لكنه، في الحقيقة شعر له عمق، يرتكز على أسلوب كتابة عصري، بواسطته تصف الشاعرة الروح النسائية وعذاباتها نتيجة للقهر الذي تعاني منه كامرأة في مجتمع ذكوري. مع ذلك، فان لغة كتابتها، خاصة في مقالاتها، تنتقد عدم المساواة الاجتماعي في الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون والفلسطينيات تحت حكم الدولة اليهودية مثلما يظهر ذلك في كتابها "يَوْمِيّاتٌ". تكتب ظاهر على الاغلب شعرا ومقالات أدبية.
القسم الأول من المقابلة:
1. ما هي الصعوبات التي واجهتك كأديبة/شاعرة في بداية مشوارك الأدبي؟
الصّعوبات الّتي واجهتني ككاتبة/شاعرة في بداية طريقي؟ لا بدّ لي أن أنوّه هنا أنّ ردود الفعل:
في العائلة: الأسرة الصّغيرة، داعمة جدًّا. ووالدتي هي أوّل قارئ لكتاباتي. منذ البداية أبي وأمّي داعمان لي ويثقان بأنّ المسار الّذي اخترته ليس سهلاً بل هو شائك وشائق وطويل وفيه خسارات مجتمعيّة وشخصيّة. في الدّوائر الاجتماعيّة والثّقافيّة القريبة والواسعة: متابِعة ومشجّعة، وغالبًا فقط إن كانت المرأة بعيدة، وليست قريبة حميمة إليك (رجلاً و /أو مبدعًا) لأنّه تبدأ حينها الممنوعات والمحظورات والتّابوات والقيود المرتبطة بالتّقاليد والعادات الّتي يمسك زمامها المجتمع البطريركيّ الفارض هيمنته على روافد الحياة كلّها. إضافة إلى ذلك يمكن الحديث عن معاناة الكاتب الّذي يعيش في مجتمع لا يقرأ أفراده أدبًا محلّيًّا.
2. هل من الصعب أن تكون المرأة كاتبة فلسطينيه في اسرائيل؟ لماذا؟
للمرأة في مجتمعنا العربيّ الفلسطينيّ عمومًا أن تبحث عن نفسها وتحاول أن تخلّصها من كلّ القيود والمركّبات الحياتيّة المضطهِدة. وأيضًا وفي مجتمعنا الفلسطينيّ في إسرائيل، من المهمّ للمرأة أن تبحث عن نفسها وتخلّصها مرّتين، وأنا كامرأة من هذا المجتمع وكفرد من النّساء- أعايش هذا البحث عن الذّات، من جرّاء تمييزين واضحين: أوّلا: لأننا عربيّات من أقليّة فلسطينيّة. وثانيًا: لأنّنا نساء نعيش في مجتمع ذكوريّ، تطغى عليه منظومات مجتمعيّة بطريركيّة، فيها سلطة الرّجل هي الغالبة. طبعا هناك تحدّيات وصعوبات تواجه المرأة العربيّة عمومًا مقارنة مع الرّجل في ظلّ مجتمع أبويّ يرجّح كفّة الميزان للرّجل ويعطيه كلّ الامتيازات في الحيّز العامّ والخاصّ، فكيف بالأحرى إن كانت المرأة كاتبة أو شاعرة أو كلاهما معًا. لذا ليس من العجب أن نرى أنّه على مرّ العصور منذ بداية حمل المرأة للقلم رافقتها ممنوعات كثيرة أوّلها العادات والتّقاليد فنجد نساء كثيرات كتبن بأسماء مستعارة ونشرن إبداعاتهنّ بأسماء مستعارة، أو حتّى بأسماء رجال. ثمّ خرقت النّساء هذا الحاجز إلى حدّ كبير لتخرج المرأة معبّرة عن كينونتها كلّها، ومع ذلك بقيت هناك تحفّظات مجتمعيّة من مواضيع قد تتطرّق إليها المرأة الكاتبة خصوصًا، منها خلخلة تابو الجسد والتّعبير عن نفسها وعن حرّيّتها وعن حقّها على جسدها. والحديث عن مشاعرها وبالأخصّ مشاعر الحبّ والعشق. وقد تصل هذه التّحفّظات إلى منع عامّ يمكن أن يصل إلى منع رسميّ يؤدّي إلى عدم نشر أو توزيع العمل الإبداعيّ. مع ذلك فإنّ المرأة برغم كلّ الصّعوبات نجحت في أن توصل إبداعها في العالم كلّه ولا يخفى علينا أسماء نساء لمعت نصوصهنّ عربيّا وأجنبيًّا. ومن جهة أخرى هناك تحدّيات وصعوبات أخرى تواجه الشّاعرات الفلسطينيّات والشّعراء عمومًا/ الكتّاب كصعوبات في النّشر والتّكلفة المادّيّة وتسويق الكتب، بالإضافة إلى عدم دعم المؤسّسات المحلّيّة، ممّا يضطرّ الشّاعر/ة للسّفر إلى الدّول العربيّة لطبع كتبه ونشرها، وأيضّا من أجل خرق حاجز الجغرافيا والسّياسة. ولا يفوتني أنّ هناك تحدِّ آخر قد يواجه المبدع والمبدعة، وأتحدّث هنا عن الحقيقيّ، هو منع كتابه/ا دون ذكر سبب واضح أو حتّى ذكر السّبب هو أمر يحيل إلى مشهد كوميديّ ساخر. كيف لنا أن نمنع تلك الرّئة الأخرى للتّنفس والحياة من ممارسة وجودها وحياتها، تلك الرّئة هي إبداعنا. من هنا فإنّ أزمة الكاتب عمومًا ليست أزمة فرد/أفراد، بمعنى أنّني لا أتحدّث عن هذا الموضوع فقط لأنّ أحد كتبي قد منعته الرّقابة الأردنيّة، وهو كتاب "أصابع" الصّادر عن المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنشر 2006 في بيروت. بلّْ لأنّ المنع هو المنع الشّامل الّذي كما نعرف بأنّه يصل إلى كلّ مجال إبداعيّ وثقافيّ وحياتيّ/ فيه تحطيم خصوصيّة الآخر وحريّته. يعني وأتساءل عن أنّ هناك كتبًا من عيون أدبنا العربيّ القديم أيضًا يمارس عليها الحذف والتّشويه، بحجّة أنّها تكسر واحدًا أو أكثر من التّابوهات الثّلاثة: الدّين، السّياسة، الجسد. أصلاً كيف لنا أن نبدع/ أن نخلق/ أن نكتشف/ أن نبحث أوّلا في مجاهل أنفسنا ونستغورها ونحن نقيّدها بقوانين!
تصوّر أنّك تكتب بقوانين مفروضة عليك! أنا أؤمن أن قوانين الكاتب هي فقط قناعاته نفسه. هذا وأؤمن بالمقولة الّتي تقول: لن تلمسَ سوى الأشياء الّتي استطعتَ تخيّلها. لذا نستطيع أن نكون كلّنا على أرض واحدة فقط إن تخيّلنا ذلك. وما أودّ أن أضيفه أنّ الأجمل سيكون ذاك الّذي لم أكتبه بعد.
3. كيف ينظر اليك المجتمع بصفتك أديبة؟ اشرحي ذلك من فضلك.
نظرة المجتمع لي ككاتبة: بداية إنّ الإبداع الّذي يمثّل كينونة إنسانيّتنا بما فيها من أرخبيل مكوّناتنا الثّقافيّة لا تنفصل عن المتغيّرات السّياسيّة والاجتماعيّة والفكريّة للمرحلة الّتي نعايشها كعرب فلسطينيّين في إسرائيل. والإبداع لا يمكن أن يكون إبداعًا دون أن يكون موصولاً وطارحًا لقيم وقضايا مجتمعيّة نعيشها. هو أيضًا صوتنا ولكلّ واحد فينا هويّته، أيْ أسلوبه هنا في طرح هذه القضايا. المبدع الحقيقيّ غير منفصل عن قضايا وهموم وآمال شعبه لأنّه جزء من هذا الشّعب، لكن كلُّ له أسلوبه في طرح هذه القيم ومن هنا فإنّه ينزاح إلى الإبداع شعرًا ونثرًا أو أيّ جنس أدبيّ آخر. هناك صعوبات مجتمعيّة كنت تطرّقت لها في إحدى إجاباتي. لكن باعتقادي كلّ الصّعوبات لي أن أجيّرها لتحفّزني كي أستمرّ في مصيري الشّائق والشّائك.
4. متى تكتبين؟ ومتى تشعرين بحاجة ماسة تسبب لك فعل الكتابة؟
ما يمكنني الحديث عنه هنا هو لحظة البرقِ الأولى في انطلاقِ النّصّ الشّعريّ عندي، وهذا يلخّص إلى حدٍّ ما تجربتي في كتابة الشّعر: هذا البرق الأوّل وتلكَ الومضَةُ الأولى الّتي تستلبكَ من زمانك ومكانكَ، كماها اجتذابك الفطريّ الوحشيّ لكائن يستوقفك.. يقتنصكَ في لحظةٍ ما، يترككَ بعدها لصَنعتِكَ في أن تحلّق معه في انفعاليّتك خيالاً وواقعًا لتنقش في داخل روحك، وتلتقي كلماتك بتواتريّةٍ بعدها على بياضِ الورقةِ في جسدِ قصيدةٍ أو نصّ شعريّ. نعم، تهبني القوّة الخفيّة الإشراقة الأولى.. الجملة الأولى أو الشّطر الأوّل من قصيدتي، أقولُ إنّه الوحي أو الشّيطانُ الشّعريّ.. إنّه اللاوعي القابع فيّ، المنتهز للحظةٍ يكون فيها بدئيًّا وغريزيًّا ليقذفَ من أعماقي نسجَ حروفٍ أترجِمُها بانفعاليّة وتواتريّة كلماتٍ على بياضٍ في ورقة. قد يضيعُ منّي نسج الحروفِ هذا في لحظة منامَةٍ أو سهوةٍ، لذا فالورقة باتت شقيقتي وشقيقة وسادتي لأقتنصَ معها نداءً مستفحلاً آتيًا من قعرِ أبديّتي مُلتفًّا بشعريّةٍ باسقةٍ من روحي.. بعدها أبني فضائي المتناسلِ من تلكَ النّطفة الآتية من تلكَ اللّحظةِ.. لتولدَ القصيدةُ كاملة من اختمار كلّ كينونتي: روحًا، جسدًا، فِكرًا، حِسًّا ونغمًا. تكتملُ القصيدة بتلاقٍ مع الوعيِ لغةً وموسيقى وصُوَرًا وتركيبًا، وتكون ذروة النّشوة عندي حين يكون جسدها كاملا.. فتتنفّسُ روحي بهاءً وارتياحًا. أمّا عن العناوين، فإن اختيار العنوان هو بحدّ ذاته بالنّسبة لي كأن تكتب نصًّا جديدًا، لكنّه نصّ حامل بين جوانحه روح العمل كلّه، لذا فإنّ الإشتغال على عنوان الكتاب هو عمل آخر بحفر أكبر.
5. ماذا تقولين عن أزمة النشر وعن ذلك ان قسم من الاديبات والادباء ينشرون نتاجهم الادبي على حسابهم الخاص؟
كما ذكرت فإنّ هناك تحدّيات وصعوبات تواجه الشّاعرات الفلسطينيّات والشّعراء عمومًا/ الكتّاب، منها صعوبات في النّشر والتّكلفة المادّيّة وتسويق الكتب، بالإضافة إلى عدم دعم المؤسّسات المحلّيّة، ممّا يضطرّ الشّاعر/ة للسّفر إلى الدّول العربيّة لطبع كتبه ونشرها، وأيضّا من أجل خرق حاجز الجغرافيا والسّياسة. علمًا بأنّ المؤسّسة الوحيدة الّتي يمكن أن تدعم الكتاب المحلّيّ هي دائرة الثّقافة العربيّة التّابعة لوزارة الثّقافة الإسرائيليّة. هذا ولا بدّ من التّنويه هنا إلى ركيزة تشكّل البديل أو الرّدّ على تجذير المحافظة على هويّتنا الفلسطينيّة في الدّاخل وهو عملي كمنسّقة لدار فضاءات للنّشر والتّوزيع في عمّان والّتي يديرها الشّاعر جهاد أبو حشيش، بدأ منذ عامين في الدّاخل الفلسطينيّ. وترتكز رؤية التّنسيق إلى ربط مكاننا في الدّاخل مع الكينونة الفلسطينيّة ككل. ويهدف هذا التّنسيق إلى الانكشاف ونشر وترويج الأعمال الأدبيّة التي تكتب والّتي تعكس تجربة مختمرة إبداعيّة ووطنيّة.
علمًا بأنّ الدّار تعمل على مشروع ثقافيّ متكامل يهدف إلى نشر الإبداع العربيّ في كافة التّخصّصات، وإثراء صناعة الكتاب، وتقديم إضافة حقيقيّة إلى مسيرة الكتاب العربيّ، وفق رؤى متوازنة تجمع ما بين طبيعة عملها كمؤسّسة تجاريّة تتطلّع إلى تحقيق الرّبح والانتشار، ومابين تحقيق رسالتها الثّقافيّة، وتطلّعات المؤلّفين والمؤلّفات.
كاتبة فلسطينية رائعة
والاروع من ذلك انه يوجد مثقفون يوثقون ويهتمون بادبنا الفلسطيني العريق
دمت فخرا لبلدك يا دكتور
كل الاحترام والتقدير للفنان الدكتور صالح ابو ليل على مساهمته واهتمامه بان يعزز الثقافة لدينا واتمنى لك دوام التقدم والنجاح
مقابلة جديرة بالاحترام