ماذا حدث مع أرنوب حتى باح بسره؟!
تاريخ النشر: 03/02/13 | 10:00صدر في الأسبوع الماضي كتاب للأطفال، للكاتبة ميسون أسدي، بعنوان "أرنوب يبوح بسره"، يعالج قضية التحرش الجنسي بالأطفال وكيفية معالجتها، وصمم رسومات القصة د. الريكي كرستمن ابداح من قرية كابول.
تقول ميسون أسدي: القصة عن أرنوب الذي كان يضرب أخته أرنوبة ويشدها من أذنيها ويعضها حتى يدميها، فتذمر والديه من تصرفاته، وبعثا به إلى قريبه الذي يسكن بالكوخ القريب منهم، حتى يلعب هناك بعيدا عن أخته.
وفي المدرسة، تميز أرنوب بأفعاله الشاذة، فابتعدت عنه الأرانب في صفة بسبب عنفه وإزعاجه، وفي ساحة المدرسة يحمله الأرانب الكبار على ظهورهم ويتقاذفونه من أرنب إلى أرنب ويأمرونه: تعال يا أرنوب، اذهب يا أرنوب، اجلس يا أرنوب، قم يا أرنوب، ارم الورقة في سلة المهملات، اركع على ركبتيك، قبّل جميع الأرانب.
انتبه الخروف، مدير المدرسة والعنزة مربية الصف لما تفعله الأرانب الكبار بأرنوب الصغير، واستفسرا منه لما تستغله باقي الأرانب بهذا الشكل.
لكن أرنوب الحبوب كان مكسور الخاطر. في حصة الفنون، رسم أرانب بدون ملابس وصنع من المعجونة أشكال وحشية، ثم قام بتدمير ما صنعه بعنف، ويوما ما نجحت المعلمة العنزة بأن تجعل الأرنوب أن يبوح بسره الدفين، فقال: أحب أن العب كرة القدم مع قريبي الأرنب عندما يكون والدي في العمل. فيأخذني قريبي إلى بيته ويجبرني أن أتعرى أمامه ويمد يده على أعضاء جسمي، ويغدق علي بهداياه، ويضربني ويهددني إذا بحت بسري لأحد. حضر والدي أرنوب للمدرسة وبحضور المدير والمربية، حكى أرنوب لهم سره فضمته أمه قائلة: من اليوم وصاعدا سيقول أرنوب لا لكل ما لا يرغب به ولن يسمح لأحد بان يجبره بأن يفعل ما لا يحب.
وقال والد أرنوب: سنعلم الشرطة بما حدث وسينال قريبنا عقابه الشديد بحسب القانون
*من اين جاءتك الفكرة؟
ميسون أسدي: أنا شخصيا كنت شاهدة على عدة حالات من التحرش الجنسي والاعتداءات الجنسية على أشخاص ذوي محدودية عقلية تطويرية، ورأيت صعوبة البوح والحديث عن ما أصابهم وقررت مساعدتهم وتسهيل الحديث عن طريق قصة قصيرة قليلة الكلام كثيرة الصور التي تسهل على ذوي الاحتياجات الخاصة والاطفال الحديث عما يمرون به.
*ما هي ردود الفعل لهذه الحكاية القاسية بمضمونها؟
– يهمني الأطفال جدا، فهم مستقبل الإنسانية، لقد قرأت القصة لعدة أطفال قبل طباعتها وبعد طباعتها، وصدمت من ردود الفعل، فهناك طفلتين واحدة في جيل الحضانة، لا تعرف القراءة والكتابة ولكنها حسب الصور أخذت تحدثني حكاية أخرى تشبه حكايتي مما يدل على أن هذه الطفلة تشاهد أفلام إباحية وقد أطنبت في الوصف مما أثار دهشتي ودهشة والدتها ولم نصدق من سمعناه من هذه الطفلة، أما الطفلة الأخرى فهي في الصف الرابع وقد شاركتنا بأنها هي نفسها مرت بتجربة مماثلة، حيث حاولت احد الشابات من عائلتها على تعريتها من ملابسها ولكنها وبسبب رفضها وصراخها الشديد، تركتها الشابة لحالها.
*هل القصة بمضمونها كافية لتجعل المعتدي عليه يبوح بما يجول في صدره؟
لمياء نعامنة (مركزة المشروع التربوي في جمعية سوار): إن القصة رائعة وتصلح لجميع الأجيال وللمربين وللأهالي معا، فهي واضحة تعبر عن ما يصيب المعتدي عليه وكيفية رؤية العلامات التي تدل على انه مر أو يمر بحالة اعتداء او تحرش جنسي، وكون القصة على لسان الحيوانات فهي تسهل على المتلقي إذا كان طفلا أو طفلة أو طالب مدرسة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أن يتحدث عن ذاته على لسان الحيوانات.
واضافت لمياء ، جمعية "السوار"، هي جمعية لدعم الضحايا الجنسية ورفع الوعي في الوسط العربي، إلى أن الاعتداءات الجنسية كثيرة وهي مشكلة كبيرة تمس كل واحد منا ولا نستطيع أن نقول هذا الموضوع لا يهمني.. ويرافق الاعتداءات بشكل عام حالة إنكار، الإنكار ليس بالصدفة، لأنه ليس من السهل التحدث بموضوع الاعتداءات الجنسية والاعتراف بوجوده..من منا يستطيع أن يعترف بأنه اعتدي عليه جنسيا، وهذا يحدث عند كل الطبقات الاجتماعية، ولا يمكننا تمييز بروفيل المُعتدي.
وأضافت أن الاعتداءات الجنسية عند كل الديانات هو جريمة، والمتعدي لا يهمه الدين. والاعتداءات تحدث من قبل رجال ونساء، و95% من المعتدين هم ذكور، وهناك اعتداءات من قبل إناث، الاعتداءات من ذكر على أنثى وذكور على ذكور، في جيل الطفولة نسبة المعتدى عليهم من الذكور والإناث متساوية..
الاعتداء الجنسي يؤثر تأثيرا كبيرا على المعتدى، وممكن أن يكون على شكل فعل أو قول أو إشارة، ودائما يتضمن غرض جنسي ومن دون موافقة الضحية..
الاعتداءات تضم في طياتها تحرش جنسي كلامي تمس بحيائنا وأيضا استراق النظر، والتحرش الجنسي عن طريق الانترنيت، والكشف عن أعضاء جنسية وهذا النوع من الاعتداءات موجود بكثرة في المدارس. **كيف يختار المعتدي جنسيا على ضحيته كما فعل القريب في القصة أرنوب؟ تقول ليلى جاروشي مركزة عامة في جمعية السوار: برز أرنوب في القصة بأفعاله الشاذة التي عبر عنها بعنفه الشديد تجاه أصدقاءه في المدرسة وإزاء أخته أرنوبة، وكان أرنوب وحيدا، وعمل على جذب أصدقاء له عن طريق منحهم هدايا أو زاده يوميا.
أرنوب القصة في القصة هو العنزة السوداء في المدرسة وفي البيت. أهانه طلاب المدرسة، وتعاملوا معه بطريقة سيئة. لم ينتبها والديه إلى أن قريبه يستغله ويهدده، فجل اهتمامهم كان أن يكون الأرنب خارج البيت وبعيدا عن أخته حتى لا يؤذيها بدوره. وتضيف ليلى: عملية الاعتداء الجنسي هي عملية مخططة، لأن من يخطط الاعتداء يختار ضحيته وعادة تكون الشخصية الضعيفة ولا يمكنها التعبير عن ذاتها بسهولة..
حسب الإحصائيات في السوار 50% من الاعتداءات تحدث من داخل العائلة ويليها من البيئة المحيطة ونادرا أن يكون المعتدي غريب.
**كيف يمكننا كأهالي ومربين أن نلاحظ العلامات عند أولادنا؟
-لمياء نعامنة: ان العلامات الجسدية التي تصيب المعتدى عليه مثل جروح معينة، أو عضة أو مصة، تقرحات حول الفتحة الشرجي أو المهبل علامات حمل، ألعلامات السلوكية مثلا: تبول ليلي، تراجع في التحصيل العلمي، تغيير في عادات الأكل، وعدم التركيز أو العزلة، الصمت، موجات غضب، بكاء كل الوقت.
**وكيف سنعالج المتحرش والمعتدي جنسيا؟
– ليلى جاروشي: حكاية "أرنوب يبوح بسره" أوضحت أن العقاب يجب أن يناله المعتدي، وان لا يبقى حرا طليقا حتى ولو كان المعتدي العم أو الخال أو ابن الخال أو حتى الأب أو الجد فيجب التوجه إلى الشرطة وان ينال العقاب حسب القانون.
وتقول ميسون أسدي: كان عندي مشكلة في موضوع العقاب، لأنني لا أومن بالعقاب بل أؤمن بالعلاج، وأنا لا أثق في الشرطة بشكل عام ولكن بالنسبة للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة ما زالت الشرطة هي رمز للردع والعقاب والقانون.
وتضيف لمياء نعامنة: عند وجود حالة اعتداء يجب توجيه المعتدى عليه إلى معالج الذي يفحص إذا كان عليه أن يوصل القضية إلى الشرطة..قسم من التوجهات التي تصل إلى جمعية "السوار"، تصل إلى الشرطة، وحينما لا نخبر الشرطة يواصل المعتدي اعتداءه.
هناك مراكز في البلاد تعمل مع المعتدين، من عمال اجتماعيين ومعالجون. يعلمون المُعتدي أن يختار اختيار آخر غير الاعتداء الجنسي أن يرد بطريقة أخرى..
**رسومات واضحة ببساطتها جميلة الألوان، تسلب قلب الطفل كيف التقيت بهذا العمل؟
الريكي كرستمن ابداح: هذا أول مرة ارسم لوحات لقصة أطفال، انه عمل اعتز به كثيرا، وكوني محاضرة في موضوع الفنون في كلية تأهيل المعلمين في سخنين فانا قريبة جدا من موضوع الطفولة، فالموضوع شيق ومهم اختراقه والحديث عنه مع الأطفال ومع المربين، ورغم أنني ألمانية الأصل وأعيش في قرية كابول إلا أنني اقر بأن هذا العمل جريء وحساس ومتقن المضامين من جميع النواحي، ونحن بحاجة إلى التطرق إليه والحديث عنه علنا، خاصة وان المعتدين هم من العائلة القريبة جدا.
تقرير وتصوير: ضرار كنانة