وداعا أستاذي بديع يونس
تاريخ النشر: 25/05/15 | 8:09كان مربيًا لصفي سنة 1953، وكنا نحبه وهو يقرأ أمامنا من كتب التراث، وهو يحدثنا عن ضرورة التحلي بالخلق قبل العلم، فيكتب بخطه: “شعارنا الأخلاق أولاً ثم العلم”، وكان يتفنن في أنواع الخطوط من الكوفي إلى الرقعي، ومن الثلثي إلى الفارسي..
كان محدثًا لبقًا جذابًا مشوقًا.
هو أول مرب أعرفه قريبًا من الطلاب يهتم بأمورهم ويتدارك خلافاتهم، ويصلح ذات البين، فلا أذكر أنه ضرب طالبًا على كثرة الضرب تلك الأيام.
أحببناه حتى كنا لا نصبر والله على فراقه يوم الجمعة والسبت- يومي العطلة الأسبوعية، فكان أن مشيت مرة أنا وخمسة من الطلاب مشيًا على الأقدام من باقة الغربية إلى عارة حيث يقيم (نحو أربعة عشر كيلو مترًا).
استقبلنا الأستاذ بديع في بيته مرحبًا، وحذرنا من التدخين -إن كنا ندخن، فنشرب القهوة ونأكل الحلوى، ويودعنا وكأننا أصدقاؤه.
ثم نعود نحن إلى أمهاتنا أدراجنا، فالسيارات نادرة جدًا، فنصل متهالكين لنحدثهن عن أستاذنا العظيم!
….
بقيت العلاقة بيننا وطيدة، وكانت الأحاديث شجونًا وأشجانًا، ومؤخرًا كان في كل لقاء لي معه يعرض أمامي محاولاته الشعرية التي أخذ يقرضها في العقود الأخيرة من عمره الطويل (ناهز التسعين).
…
من الأبيات التي قالها في رثاء قريبه د. نظير يونس وقد أطلعني عليها، أقتبسها هنا لأنني أراها وكأنها ترثيه هو نفسه أيضًا:
لك يا نظير من القلوب منازل *** ريانة كالمرجة الخضراء
أرهقت قلبك لم تنله راحةً *** وهو الذي قد ناء بالأعباء
يشكو إليك، ملوّعًا متضرعًا *** رفقًًا بنا يا سلوتي وعزائي
أسلمت وجهك للإله مكرمًا ***فاهنأ بتاج العزَة القعساء
ما مات من أعقابه خلَفُ العلا *** متميزين بخيرة الأبناء
ألبسك من رحماه ربي بردةً ***تزهو بها بمنازل الشهداء
….
و(بديع) و(نظير) في الشعر على الوزن نفسه!
أستاذي بديع:
لك في القلوب منازل!
ب.فاروق مواسي
اللهم ارحم استاذنا الفاضل وادخله فسيح جناتك واجعل اللهم قبره روضة من رياض الجنة واجعل له نورا كما انار الطريق للكثير من الطلاب والناس الذين عرفهم .
كلام جميل ومؤثر بروفيسور فاروق بارك الله فيك.
آمين. اللهم ارحمه رحمة واسعة، واجعل مقامه في الفردوس الأعلى.