راشد حسين يصرخ في قبره : كفى لهذا الحب ..!
تاريخ النشر: 05/02/13 | 12:01أكثر شيء اثار استغرابي واستهجاني ودهشتي ما سمعته يوماً من احد اصحاب القلم في هذه البلاد ، وما قرأته في احد المواقع الالكترونية حول الشاعر الفلسطيني راشد حسين ،الذي مات محروقا، وتصادف ذكرى رحيله ال (36)هذه الايام ، بانه لم يوف حقه من الاهتمام حتى الآن ، شأنه شأن رموز النقاء الثوري الفلسطيني جميعا.
وهذا القول يجافي الحقيقة ويعيد كل البعد عن الواقع . فراشد حسين صاحب اللحن الجميل، والاسلوب السهل الممتنع ،الذي اغنى ادبنا وثقافتنا ومشهدنا الابداعي بالشعر الملتزم والوطني ،الذي لا يعرف الهزيمة ، وانما يعرف لغة التحدي والمقاومة والاباء والشموخ والمعاندة ، هو اكثر شعراء التراب الفلسطيني الذي اخذ حقه من الاهتمام دون نقصان.
فمنذ ان ترجل راشد عن صهوة القصيدة محلقاً في فضاء الخلود فارساً ، لم تنسه جماهير شعبنا بتاتاً ، ولم تتوقف الاقلام عن الكتابة عنه واستحضار ذكراه ، والاستشهاد بشعره في كل حدث او مناسبة وطنية او ثورة شعبية ،وخاصة " سنفهم الصخر ان لم يفهم البشر/ان الشعوب اذا هبت ستنتصر" .
وقد اقيمت عشرات الاحتفالات في ذكرى غيابه بمصمص وام الفحم والناصرة وكفر قرع وسالم وغيرها من البلدات العربية في المثلث والجليل . كما وعقدت ندوات ادبية وشعرية عديدة حول مسيرته الشعرية الابداعية ومحطات حياته القصيرة .
وفي اربعينيته اقيم له احتفال تأبيني ضخم تحدث فيه عدد كبير من الخطباء، من احباب راشد واصدقائه ومجايليه ، من شعراء وكتاب ورجال سياسة وشخصيات وطنية وتمثيلية ورؤساء سلطات محلية توافدوا من اماكن ومواقع مختلفة .وبعد عام من وفاته اقيم احتفال واسع وكبير القيت فيه كلمات رثائية وتأبينية ، وتم توزيع كتاب "التأبين" الذي اصدرته لجنة احياء تراث راشد حسين ، وضم ما قيل في راشد يوم رحيله ، وقدم له المحامي الوطني المعروف علي رافع .
كما واعادت اللجنة اصدار دواوينه الشعرية وقصائده الفلسطينية غير المطبوعة ، اضافة لكتابين من تراثه الواسع ، الذي سبق ونشر في مجلة "الفجر " المحتجبة و"المرصاد" وغير ذلك .
كذلك قام مركز احياء التراث الفلسطيني بالطيبة ، الذي كان يرأسه المناضل المرحوم صالح برانسي ، باعادة اصدار مجموعته الشعرية الكاملة ، التي اشرف عليها وقدم لها الشاعر والاديب الفلسطيني الراحل نواف عبد حسن .
هذا بالاضافة الى عشرات المقالات والدراسات والابحاث والصحف الفلسطينية والعربية الصادرة في الداخل والخارج ، تناولت شعر راشد حسين ومضامينه واسلوبه وصوره الشعرية ، كمقالات صاحب هذه السطور شاكر فريد حسن ، التي بلغت اكثر من عشرة مقالات ،ودراسة الروائي والناقد اللبناني الياس خوري في كتابه الموسوم "الذاكرة المفقودة" . هذا عدا عن دراسة اعدتها الكاتبة اسمهان خلايلة ، والدراسة الشاملة والوافية التي اصدرها الباحث والاديب الاردني حسني محمود في كتاب بعنوان " راشد حسين الشاعر.. من الرومانسية الى الواقعية " ،ودراسة الشاعرة الدكتورة رقية زيدان "وجع القصيدة ونبضها " . وايضاً هناك اطروحات ورسائل جامعية وابحاث لطلاب الثواني عشر عن راشد . يضاف الى ذلك الفيلم عن حياة راشد الذي عرض في اماكن مختلفة من البلاد.
هذا غيض من فيض النشاطات والفعاليات الادبية التي اقيمت تخليداً لذكرى شاعر الارض والوطن والنكبة والوجع الفلسطيني راشد حسين ، الذي يصرخ من قبره : كفى لهذا الحب القاسي ، الذي يضر بي. فأنا لست نبياً ولا قديساً ، ولست الشاعر الوحيد الذي افتقدته ساحات الادب والنضال الفلسطيني . كفى لهذه الاحتفالات الاستعراضية الروتينية الى حد الملل والرتابة ، التفتوا لغيري من مبدعي الطليعة الثقافية الفلسطينية واصحاب القلم النظيف والالتزام الوطني والسياسي والطبقي ، واستحضروا ذكرى من رحلوا الى عالم الخلود ولم يلتفت اليهم احد .
وبعد ، هل سيبقى هؤلاء يرددون :ان راشد حسين لم يوف حقه من الاهتمام ؟
يبدو انك محب للانشاء اكثر من قدرتك على الفهم او لديك شعور بالغيرة من الشاعر وتعتقد انك انت تستحق اهتمام لم توفه بعد خصوصا وانت من قريته .
راشد لم يوف حقه حتى اليوم على المستوى الفلسطيني والعربي بسبب ارائه ومقالاته التي لم ترق لانصاف الادباء والشعراء وبعض التيارات السياسية
ما كتبته يعبر عن نفسيتك وتريد ان تسقطه على الاخرين ، وهو ما يعرف في علم النفس بالاسقاط ،فلا يوجد لدي غيرة ، واكره الاضواء واحب ان اكون في الظل ، ولو كان لدي غيرة ما كنت كتبت كل هذه المقالات عن راشد ،واخرها مقالي من عباب الذاكرة عندما احترق راشد حسين . ما كتبته اليوم هو من كثرة تقديري وحبي لراشد ، شاعراً ومناضلاً وانساناً ، لكي لا يكون عرضة للمتسلقين والانتهازيين .
شر البلية ما يضحك هل حبك وتقديرك لراشد يجعلك تهاجم وتنتقد من يكرمه . ان كنت تقدره كما تدعي فصمتك افضل تكريم له . هل من احد منعك ان تبادر في تكريم غيره . من كرم راشد هم محبيه من الشباب لم يكرمه حزب او غيره . بالنسبة لمقالاتك فجميعها تكرر نفسها يكفي انك من القلة التي تدعي انه توفي في حريق من عقب سيجارة حسب الادعاء في الصحف الاسرائيلية .