الشباب والثورات المصرية
تاريخ النشر: 31/05/15 | 9:52الشعوب في البلدان العربية التي تحررت من نير الاستعمار المباشر إلا أنها لم تتحررمن التبعية للإستعمار ولم تتحرر من استبداد الأنظمة الحاكمة والصراع مستمر بين الجماهير وبين أنظمة الحكومات الملكية والجمهورية الوراثية وكل أشكال النظم الفاسدة في هذه البلدان. والشعوب في البلدان العربية تعيش مرحلة نضال ثوري من نوع جديد هي ثورة الشباب.وثورة تكنولوجيا الإتصالات النت، السلاح الفعال الذي يسيطر عليه ليس فقط الحكومات وإنما المسيطر الحقيقي هو جيل الشباب. الذي يعرف كيفية أستخدام هذه الوسيلة الإعلامية الهامة، وبذلك حطم إحتكار الأنظمة لوسائل الأعلام التقليدي.وثورة الشباب المصري وقبلها ثورة الشباب التونسي تكمن قدرتهم على التحكم و أستخدام هذا السلاح بشكل فعال وإيصال مطالبهم وأهدافهم إلى كل الشعوب في الداخل والخارج.
الشباب المصري يجسدون طموح وأمال الشعب المصري في التغيير الجذري في طبيعة النظام الديكتاتوري الاستبدادي وبناء دولة عصرية حديثة مزدهرة.وليس صدفة أن يكون الشباب هم الذين فجروا الثورة فمنذ العصور القديمة قد لعب الشباب دورا هاما في حياة البشرية. فكانوا دائما في طليعة النضال لأجل التغيير ومن أجل قضايا شعوبها للتخلص من الظلم والاضطهاد.والشبيبة المصرية أنظار الأحرار في العالم متجه نحوها وخاصة الشعب المصري الذي يعاني من النظام الاستبدادي.والشعب يرى في جموع الشباب الثوري مستقبل الوطن. وهم يحملون أحلام الجماهير في التغيير ومطامحهم التي لم يستطيعوا أحداثها في العقود الماضية.فلذلك يريدون لهذه الثورة الشبابية أن تنجز ما لم ينجزوه، يريدون تجسيد الأفكار والطموحات إلى واقع حقيقي.
كانت ثورة 23 يوليو 1952 أول فعل شبابي سياسي منظم للشباب المصري في النصف الثاني من القرن الماضي ، ولكنه فعل اقتصر على فئة محدودة من الشباب وهي فئة شباب الجيش المصري الذين كونوا تنظيم الضباط الأحرار الذي قام بهذه الثورة وتراوحت أعمار مؤسسيه ما بين نهاية العشرينيات ومنتصف الثلاثينيات ، واستطاعوا أن ينهوا حكم أسرة محمد علي ويسقطوا الملكية ويعلنوا قيام الجمهورية، فضلا عن إخراج الاستعمار البريطاني من مصر.
وفي عام 1954 تولى الضابط الشاب جمال عبد الناصر (36سنة) حكم مصر لتبدأ حقبة مهـمة من العمل الوطني (تسميها الأدبيات بالعهد الناصري)، وقد اتخذت المشاركة السياسية الغالبة للشباب شكل التنظيم الواحد التابع للسلطة حيث أنشأ عبد الناصر منظمة الشباب الاشتراكي التي بدأت عام 1963 واستمرت رسميا حتى 1976.
وقد كانت المنظمة تطويرا لاهتمام الثورة بالجانب الاجتماعي لدي الشباب والذي وانعكس في بدايتها بتقديم الوظائف للشباب والسكن وخلافه دون أن يكون هناك نوع من التثقيف، بل إن الثورة في بدايتها تصادمت مع الحركة الطلابية وجمدت النشاط الطلابي، إلا إنه في إطار التفكير في بناء منظمة من شباب الثورة لدمج فكرها في إطار رؤيتها السياسية الشاملة كلف الرئيس عبد الناصر نائبه زكريا محيي الدين بتكوين منظمة الشباب.
والمنظمة وفقا لشهادة السيد عبد الغفار شكر الذي كان قياديا بارزا فيها عملت علي تربية جيل «مسيس» لديه رؤية فكرية ذات طابع تقدمي، وعندما وقعت الهزيمة كان أول اختيار لهؤلاء الشباب في الشارع حيث طالبوا بمحاسبة المسئولين عن الهزيمة، وعندما لم يحاكموا قامت المظاهرات التي عرفت بهبة الشباب في 1968، وهي الهبة التي أسفرت عن تحولات في مسار الحكم بدأت مع صدور بيان 30 مارس وأظهر ناصر حكمة بالغة عندما عين أحد أبرز زعماء الشباب آنذاك وهو الدكتور عبد الحميد حسن وزيرا للشباب
في الحقبة الساداتية (1970-1981) برز دور التنظيمات الطلابية ذات الأيديولوجية الفكرية والسياسية والتي كانت تنتمي لتنظيمات سياسية كبرى (الإخوان المسلمين – الجماعات الإسلامية – التنظيمات الشيوعية والاشتراكية) فالفعل السياسي الشبابي خلال تلك الفترة كان فعلا معارضا بعيدا عن السلطة ومحاربا لها، ويرجع ذلك إلى أن السياسات المتبعة آنذاك (سياسيا واقتصاديا) بعيدة عن طموحات و آمال الحركة الطلابية المصرية. ومن أبرز الأفعال السياسية الشبابية خلال تلك الحقبة كانت مظاهرات الطلبة المطالبة بالثأر والحرب عام 1972 حيث عمت مظاهراتهـم جميع أنحاء مصر حتى بدأ السادات يشعر تجاهها بالقلق خوفا من أن يتضامن بقية طوائف الشعب مع الطلبة، وكذلك المظاهرات الضخمة التي خرجت من الجامعات و المصانع في 18 و 19 يناير 1977 بعد إعلان قرارات إلغاء الدعم و غلاء الأسعار
وقد واجهت السلطة هذه الحركة الطلابية المتنامية بإصدار لائحة 79 التي ألغى من خلالها اتحاد طلاب الجمهورية الذي كان يمثل رأيا عاما غاية في الخطورة و يعبر عن الحركة الطلابية المصرية و كما تم إلغاء اللجنة السياسية في اتحادات الطلاب و حرمت كافة أشكال العمل السياسي داخل الجامعة
خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك التي بدأت عام 1981 كان النظام باقيا على تخوفه من الحركة الطلابية المصرية لذا فقد أجرى تعديلا على لائحة 79 وذلك عام 1984 و بموجب هذا التعديل تصاعد دور الأمن الجامعي في حماية ما يعرف بأمن الجامعة الذي وصل إلى التدخل الكامل في انتخابات الطلاب وغيره من الأنشطة الطلابية ذات الطابع السياسي.
كما شهدت فترة حكم مبارك نمو جماعات الإسلام السياسي داخل الجامعة التي راحت تمارس نشاطها بدون قيود لدرجة وصلت لممارسة العنف ضد الطلبة الآخرين غير المنتمين لهذا التيار وذلك في سياق تبني هذه التيارات للعنف كخيار للتغيير السياسي، وهو ما استمر حتى صدور وثائق المراجعات الفكرية في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي. وقد شهدت فترة حكم مبارك بعض الأفعال السياسية الشبابية المتناثرة والتي كانت مرتبطة في أغلبها ببعض الأحداث القومية ففي عام 1998 خرج طلاب مصر لينددون بالقصف الأمريكي على العراق وفي سبتمبر 2000 خرجت جموع الطلبة من جميع جامعات الجمهورية للاحتجاج على اقتحام شارون للمسجد الأقصى في اليوم السابق، وفي مارس 2003 بعد الهجوم الأمريكي على العراق شهدت الساحة المصرية تظاهرات شبابية وطلابية أخرى .
تسمت الثورة المصرية التي تفجرت في 25 يناير 2011 من بين ما اتسمت به أنها لم يكن لها تنظيم أو قيادة تقودها على غرار الثورات أو حتى الانقلابات الكبرى ومع هذا لا يمكن إغفال حقيقة هامة، وهو أن الشباب هو مفجر هذه الثورة التي انضمت إليها أغلبية القوى السياسية بعد ذلك، مما أكسب الثورة البعد الشعبي بحيث لم تكن ثورة فئوية إن جاز التعبير وسوف نعرض في هذا الجزء لأهـم التنظيمات الشبابية التي تشكلت خلال الفترة من 2006 إلى 2011 وكان له الدور الأكبر في صناعة حالة الحراك السياسي والاجتماعي في مصر متعرضين لملامح وسمات وأهداف كل تنظيم من هذه التنظيمات (عبد الحي، 2011 – الجزيرة، 2011)
1- التنظيمات غير الحزبية
تعددت وتنوعت هذه الحركات بصورة كبيرة نظرا لسهولة تشكيلها في عالم الفضاء الإلكتروني ، و سهولة الانضمام إليها بسبب عدم وجود عوائق تنظيمية في عملية الانضمام من ناحية، أو حتى عوائق فكرية ” أيدلوجية” فيما يتعلق ببناء أفكارها التي غالبا ما تكون فكرة أو مجموعة أفكار بسيطة هناك شبه إجماع عليها، وإن كانت هذه ميزة لهذه الحركات بالنظر لسهولة التشكيل، أو الاجتماع للدفاع عن المطالب المختلفة، إلا أنها قد تسبب مشكلة لهذه الحركات في مرحلة ما بعد الثورة بالنظر إلى تركيبتها غير المتجانسة أيدلوجيا، أو حتى بالنظر إلى تحقق الهدف الذي كانت تسعى له خاصة فيما يتعلق بالإطاحة بالنظام ككل، ومن ثم باتت الكثير من هذه الحركات تبحث عن مصيرها وهويتها خلال الفترة القادمة.ومن أبرز هذه القوى ما يلي:-
• مجموعة كلنا خالد سعيد
وهي مجموعة تكونت علي موقع فيس بوك في شهر يوليو 2010 عقب مقتل الشاب السكندري خالد سعيد على يد رجال الشرطة.. ولاقت قضية استشهاده صدي واسعا لدي الأوساط السياسية والحقوقية علي المستوي المحلي والدولي، وتعد مجموعة خالد سعيد من المجموعات الموالية للدكتور محمد البرادعي حيث أنه كان من أوائل من تولي قضية الشاب السكندري. وقد انطلقت الدعوة إلي انتفاضة 25 يناير عبر هذه المجموعة علي يد وائل غنيم وأسماء محفوظ، ثم تبنتها بعد ذلك العديد من الحركات الشبابية الأخرى.. وقد تبنت المجموعة العديد من قضايا التعذيب والقضايا السياسية والحقوقية. ومن ثم فهي مجموعة ليست لها توجهات أيدلوجية معينة، كما أن تحالفها مع الدكتور البرادعي لا يرجع إلى أفكاره الليبرالية بقدر ما يرجع على تبنيه قضية خالد سعيد.
• حركة شباب 6 إبريل
وهي تعد من أبرز الحركات الشبابية التي تأسست في الفضاء الالكتروني وقد بدأت من خلال دعوة أطلقتها الناشطة السياسية وعضو حزب الغد في ذلك الوقت إسراء عبد الفتاح عبر مجموعة علي فيس بوك تدعو للخروج يوم 6 إبريل عام 2008 للتضامن مع مطالب عمال مدينة المحلة الصناعية الذين يطالبون بتعديل لائحة الأجور وتخصيص نسبة من الأرباح لهـم. وقد لاقت الدعوة قبولا واسعا بين صفوف الشباب حيث تجاوز عدد المشاركين بها أكثر من80 ألف مشترك، وعقب أحداث هذا اليوم الذي شهد أحداث عنف واعتقالات واسعة، تشكلت حركة 6 إبريل وقررت دراسة كافة أشكال الثورة والاحتجاج في كافة بلدان العام متمردة علي أسلوب حركة كفاية والقوي السياسية في مصر.
وتعرف الحركة نفسها بأنها “مجموعة من الشباب المصري الذين لا ينتمون إلى أي تيار سياسي ويسعون لإحداث تغيير سياسي”.ومن ثم فهي إطار يمتد ليضم شباب مسيسين ومستقلين كأعضاء من حركة شباب من أجل التغيير”شباب كفاية ” وإتحاد شباب الغد إلى جانب مشاركة مجموعات من الناصريين وشباب حزب العمل. ولكن سرعان ما خرجت منها المجموعتان الأخيرتان بسبب الاختلافات السياسية والإيديولوجية، ولقد فشلت الدعوة إلى الإضراب الثاني في 6 إبريل 2009. وللحركة دور كبير في الحشد لثورة 25 يناير حيث قامت بتوزيع أكثر من 50 ألف منشور يشرح طلبات الدعوة للنزول في هذا اليوم، كما قامت بحملات تعريفية بالمناطق الشعبية لتوعية الناس بحقوقهـم القانونية والاجتماعية. ثم شاركت في تأسيس ائتلاف الثورة.
• شباب من أجل التغيير “شباب كفاية ”
تعد هذه الحركة من أوائل الحركات الشبابية بروزا،وقد تزامنت تقريبا مع بروز شباب الغد عام 2005، حيث تمثل الحركة شباب كفاية الذي انضم في البداية للحركة الأم نهاية 2004، لكنه فضل الاستقلالية لتجنب هيمنة قيادات الحركة على هؤلاء. وتضم الحركة قوى متباينة في أفكارها الأيدلوجية من يساريين، ناصريين، إسلاميين، مستقلين، ولقد كانت الحركة من القوى الداعية للمشاركة في الثورة باعتبارها ترفض فكرة النظام الحالي، كما شاركت في ائتلاف الثورة الذي تشكل بعد 25 يناير 2011.
• الحملة الشعبية لدعم البرادعي “لازم”
وهي مجموعة على الفيس بوك تتبنى حملة لتنصيب البرادعي رئيسا لمصر في انتخابات 2011 الرئاسية، وقد تشكلت أوائل عام 2010 بالتوافق مع عودة البرادعي للقاهرة وانتهاء فترة ولايته كمديرا للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتقوم الحملة بالمشاركة في العديد من الفعاليات العامة ولقد نشطت هذه المجموعة الشبابية بعد تأييد البرادعي دعوة التظاهر السلمي. وشاركت بفاعلية في التظاهر يوم 25 يناير، وتم القبض على بعض أعضائها أثناء لقائهـم بالبر ادعي مثل منسقها العام مصطفي النجار، وهي حركة ذات توجهات ليبرالية.. وهي بخلاف حركة أخرى هي الجمعية الوطنية للتغيير”معا سنغير” المؤيدة أيضا للبرادعي، والتي تضم عددا كبيرا من الشباب علي مستوي محافظات الجمهورية. ولقد قامت العام الماضي بجمع التوقيعات علي بيان التغيير والذي يتضمن سبعة مطالب دعا إليها البرادعي لإجراء انتخابات نزيهة قبيل الانتخابات البرلمانية التي جرت في نوفمبر الماضي.وأيدته في ذلك العديد من القوى السياسية وفي مقدمتها الإخوان.ولقد نجحت الحملة في جمع ما يزيد عن مليون وربع المليون توقيع.
• شباب من أجل العدالة والحرية “هنغير”
بالرغم من توجهاتها اليسارية، إلا أنه تشير إلى أن عضويتها مفتوحة للجميع سواء من كانت له أفكار أيدلوجية أم لا ما دام هناك اتفاق على مجموعة الأهداف الوطنية، فتعرف الحركة نفسها بأنها “نحن مجموعة من الشباب؛ منا من لم يمارس العمل العام من قبل،. جمعنا هـم واحد وأمل واحد.. هـم اسمه الفقر والبطالة والفساد والاستبداد.. وأمل في تغيير مصر للأفضل أمل في وجود عدالة اجتماعية هذا الأمل جعلنا نرى مساحات الاتفاق الواسعة بيننا.. كما جعلنا قادرين على استيعاب خلافاتنا وقبول بعضنا بعضا”، وتؤكد الحركة في بيانها التأسيسي أنها خرجت من رحم الحراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تشهده مصر خلال الثلاث سنوات الماضية. وتؤمن بضرورة النضال من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية”.ولقد كانت الحركة من القوى المشاركة في الثورة، فضلا عن عضويتها في ائتلاف الثورة
• الحركة الشعبية الديمقراطية للتغيير(حشد).
وهي حركة اشتراكية ثورية تسعى لتحقيق التغيير من منظورها الخاص، فهي تري أن المثقفين والسياسيين جزء من قوي التغيير، ولكن القوة الحقيقة تمكن في الملايين من الطبقات الشعبية في الحقول والمصانع والأزقة والنجوع حينما تتحد وتنظم صفوفها وتمتلك رؤية ثورية للتغيير تقوم على طرح سياسات بديلة في مواجهة سياسات قائمة بداية من رفض التمديد والتوريث وتحرير مصر من الفساد واستبداد الحاكم وتحرير مصر من طغيان واستغلال رأس المال.وإعادة توزيع الثروة والدخل القومي بما يضمن حياة كريمة لكل أسرة مصرية وتحرير ملايين الشباب والشابات من جحيم البطالة والعنوسة.
كما تطالب كذلك ب”تحرير البلاد من القبضة الأمنية والطوارئ والقوانين المقيدة للحريات وتحرير أقباط مصر من كل سياسات التمييز وتحرير عمال مصر من سطوة اتحاد العمال الحكومي.ومن ثم ترى الحركة أهـمية السعي نحو تأسيس حركة شعبية ديمقراطية للتغيير تناضل من أجل بلورة بديل ورؤية سياسية ثورية للجماهير ورؤية شعبية للتغيير.
• شباب الإخوان المسلمون
وهـم من أقوى الحركات الشبابية بروزا على الساحة سواء من حيث قوة التنظيم أو العدد، أو الخبرة في العمل خاصة في مجال العمل الطلابي أو الاتحادات الموازية.. وبالرغم من تمتع شباب الإخوان بقدر كبير من الاستقلالية في الحركة، إلا أن هناك في المقابل درجة عالية من التنسيق مع التنظيم،لاسيما وأن معظم القادة في تنظيم الشباب كانوا من المسئولين في الجامعات مثل محمد القصاص، أحمد عبد الجواد، معاذ عبد الكريم وغيرهـم.. ومن ثم لا يمكن القول بأن حركة شباب الإخوان هي حركة منشقة عن الجماعة، وربما هذا الذي يميزها عن الحركات الشبابية الأخرى التي انفصلت عن التنظيم الأساسي سواء بالنسبة لحركة كفاية أو شباب التجمع.. ولقد كانت تجربة تأسيس اتحاد الطلاب الحر في الجامعات المصرية إطارا أساسياً للتعاون مع المجموعات الأخرى مثل شباب الفيس بوك والسادس من إبريل وغيرها مما أسهـم في نسج نمط من العلاقات الشخصية بين النشطاء وتولد قدر من الثقة بين جميع الأطراف. وهـم من أبرز القوى الداعمة لائتلاف شباب الثورة.
• جبهة الشباب القبطي
هي حركة محدودة العدد، ويبدو أنها تعمل مستقلة عن الكنيسة التي كانت رافضة لفكرة المشاركة في الثورة، ولقد كانت أحداث كنيسة العمرانية التي وقعت في نوفمبر 2010 هي نقطة الانطلاق الأولى لهذه الحركة التي يبدو أنها تمردت على موقف الكنيسة من هذه الحادثة. وتعرف الحركة نفسها بأنها “حركة سياسية مستقلة تحاول نقل مشاكل الأقباط إلي بؤرة الضوء”، كما لها دور في تثقيف الأقباط بمشاكلهـم علي أساس سياسي وليس ديني”.ولقد شاركت الحركة في أحداث الثورة
2- الحركات الحزبية
وهي خمس حركات رئيسية تتنوع توجهاتها ما بين حركات يمينية ليبرالية “شباب الوفد، شباب الغد،شباب الجبهة”، أو قومية ناصرية ” شباب الناصري”، أو يسارية ” شباب التجمع “، أو إسلامية “شباب حزب العمل”..
ثمة، من جهة أولى، تحدي تطوير الحالة الثورية الراهنة والحفاظ على ديناميتها في ميدان التحرير وخارجه. فقد بدأت تدريجياً عودة الحياة اليومية الطبيعية إلى المدن المصرية، وهو ما يحمي الحالة الثورية بالحد من الضغط المجتمعي والمعنوي الذي مارسته قطاعات واسعة من المواطنين على المتظاهرين والمعتصمين من بوابة المطالبة بالحق في العمل والبحث اليومي عن الرزق والشعور بالأمن. إلا أن هذا التطور يحمل أيضاً بين طياته خطر تحول الحالة الثورية إلى مكوّن اعتيادي تتم محاصرته مكانياً (في ميدان التحرير) واحتواؤه زمنياً (بالتفاف دورة الحياة اليومية حول ميدان التحرير) من دون استجابة متكاملة لمطلبيتها المشروعة. على الشباب إذاً أن يبحثوا في إمكانات تطوير نشاطهم الاحتجاجي لينفتح بأجندة اجتماعية – سياسية (العدالة الاجتماعية والتغيير والحرية) على القواعد العمالية والنقابات المهنية والمحافظات المصرية (بخاصة في صعيد مصر) التي ما زالت على هوامش الحالة الثورية.
يتمثل التحدي الثاني في ضرورة تعامل الحركات الشبابية وجموع شباب الثورة غير المنظم في حركات، والمكونان حاضران بقوة اليوم، وبآليات ديموقراطية مع سؤال التمثيل، أي من يتحدث باسم شباب الثورة وبأية شرعية تفويضية. يختلف سؤال التمثيل جوهرياً عن قضية القيادة الغائبة عن شباب الثورة، والتي توظفها مؤسسات الدولة لأهداف ثلاثة: إقناع الرأي العام بأنها لا تعلم إلى من تذهب للتفاوض مع المتظاهرين وحلحلة الأزمة، ادعاء أن مطالب الشباب مختلفة ومتفاوتة ومن ثم لا يمكن التعاطي معها بجدية، التخويف من إمكانية أن تسيطر قوة غير ديمقراطية («الإخوان المسلمون») أو أجندات خارجية على الشباب وتستغلهم لمصالحها الضيقة. والحقيقة أن كل هذه الأمور مردود عليها بحكم وضوح واتساق مطالب الشباب، وهي في الجوهر تريد صناعة مصر ديمقراطية وعادلة، وكذلك بالنظر إلى إجماع الشباب على رفض التفاوض مع مؤسسات الدولة إلى أن يصار إلى استجابة متكاملة لمطالبهم. أما سؤال التمثيل فهو جوهري لحماية الحالة الثورية بسد منافذ التحايل والتفتيت على مؤسسات الدولة التي باتت تنتقي بعض الشباب من ميدان التحرير وتحاورهم من دون أن يعلم أحد سبب اختيارهم من دون غيرهم، ولتطوير أدوار الشباب في السياسة المصرية إن نحن نجحنا جميعاً في دفعها نحو مرحلة انتقال ديمقراطي حقيقي.
الدكتور عادل عامر