شاهد على نكسة القدس
تاريخ النشر: 03/06/15 | 16:44ليس من الصعب على الساكن في مدينة القدس اليوم، أن يتخيل ما حدث عند احتلالها عام 1967؛ فما زالت أبواب المدينة وحجارتها، وتجاعيد الشاهدين عليها؛ تذكّر عيون أبنائها بنكستها، وتلفظ محاولات التهويد المستمرة.
“تفاجأت قوات الاحتلال فور دخولها البلدة القديمة في بداية حرب 1967، بجندي أردني اعتلى مئذنة باب الأسباط حتى يتمكن من مواجهتهم واستهدافهم من مكان مرتفع. ولم يستطع جنود الاحتلال تصفيته، قبل أن تقصف الطائرات المئذنة التي ما زالت أثار العدوان عليها قائمة الى اليوم، رغم عمليات الترميم”، روى الحاج مصطفى السلفيتي من سكان البلدة القديمة.
في خطوة أولية للسيطرة على قلب مدينة القدس – المسجد الأقصى المبارك – في بداية حرب عام 1967، وبقيادة وزير الحرب آنذاك موشي ديان؛ اقتحم جنود الاحتلال البلدة القديمة من الناحية الشرقية عبر باب الأسباط – الذي ما زالت أثار خلعه قائمة حتى اليوم – وتقدمتهم العربات العسكرية نحو المسجد الأقصى، رغم محاولات التصدي ومنعهم من دخوله.
“من هنا شاهدت عملية رفع العلم الإسرائيلي على قبة الصخرة، وإزالته بعد وقت قصير عقب مطالبة السفارة التركية بذلك”، أشار الحاج مصطفى بيده نحو القبة الذهبية، من على سطح منزله في عقبة السرايا.
وفي مشهد عجّ بالتناقض بين ازدحام المباني العربية التاريخية في البلدة القديمة، والأعلام الإسرائيلية التي اعتلت أسقفها؛ تابع الحاج مصطفى حديثه بألم: “طردت قوات الاحتلال الإسرائيلية الكثير من العائلات من هذا الحي، وحوّلت العديد من منازلهم إلى كنس يهودية. كما اعتدت على الشبان بالضرب المبرح وأرغمتهم على الخروج من بيوتهم وأحيائهم بالقوة، دون أن يقدر أحد من أهالي الحي على مساعدتهم”.
“كانت مجموعة من الشبان في باب القطانين ينقلون شاب جريح لإسعافه”، يروي الحاج مصطفى قصة مفزعة احتلت جزءًا من ذاكرته، “ورغم صياح أحدهم بالجنود طالبا منهم عدم إطلاق النار؛ أطلق جنود الاحتلال الرصاص على رأسه لتسيل دماغه على الأرض ويرتقي شهيدًا”.
لم يعد حينها للعديد من سكان الحي مأوى يحميهم من مجازر قوات الاحتلال الإسرائيلي، فحتى الثقوب التي شاهد السكان من خلالها مجازر الاحتلال في الأزقة؛ قامت القوات بخلع أبوابها. “بعد أن طردتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي من منازلهم، حمل بعض السكان امتعتهم قاصدين باب العامود، حيث كانت حافلات تقل الناس الى عمّان بأجرة 5 ليرات. وصعدوا الحافلات وعيونهم ترقب أسوار المدينة، على أمل العودة فور انتهاء مجازر قوات الاحتلال”، روى الحاج مصطفى وأضاف: “وما زالوا ينتظرون عودتهم الى الآن”.