هل حقاً (الفئران) امةٌ يهودية ممسوخة؟

لا غرو ان قلت ان اليهود اكثر امة و اكثر قومية غبنت و هضمت حقوقها و شوهت صورتها و قيل عنها كل غث و كل سمين، و العجيب الغريب في الامر ان يطلق عليهم صفات و مواصفات لا يزنها منطق و لا يستوعبها عقل، و الاغرب و الاعجب ان يتم نسب هذه الامور كلها الى القران و الاحاديث النبوية.

قبل ايام كنت اطالع في كتاب ديني اسلامي، فوجدت في احدى صفحاته حديث ينسب الى نبي الاسلام محمد و لا اخفيك صديقي القارئ اني صعقت و لوهلة سكن جسدي كله و انقطعت الحركة عنه و فغر فاي و احدودقت عيناي عند قراتي له، و هذا الحديث النبوي الشريف يدخل في ترصيفات الصحاح مما روي عن النبي محمد و قد ورد ذكره في كتب السنن الاربعة مع صحيحي البخاري و مسلم، و هاذا اضعه بين يديك مشاركك اياه القراءة مرة اخرى، و اكتفي فقط بإيراد رواية مسلم :

(حدثنا إسحق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى العنزي ومحمد بن عبد الله الرزي جميعا عن الثقفي واللفظ لابن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا خالد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدت أمة من بني إسرائيل لا يدرى ما فعلت ولا أراها إلا الفأر ألا ترونها إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشربه وإذا وضع لها ألبان الشاء شربته ) صحيح مسلم / باب الزهد و الرقائق / باب في الفار و انه مسخ.

و مسالة اختبار اللبن الوارد في الحديث شدني و بحثت عنه و وجدت تفسيرا له في كتاب تفسير ابن الكثير و تفسير القرطبي اضع ملخصه بين يديك ايضا :

في عهد النبي يعقوب – إسرائيل – كانت لحوم الإبل وألبانها محرمة على بني إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها، فدل بامتناع الفأرة من لبن الإبل دون الغنم على أنها مسخ من بني إسرائيل.

(2)

لست بعالم دين و لست شيخا و لا متفقها و لا اعرف من الاسلام و تعاليمه سوى النزر اليسير،و بين الحين و الاخر احنكش باحثا و قارئا الكتب الاسلامية لزيادة هذا النزر اليسير و ربما تسال صديقي القارئ لماذا حنكشتي الدينية هذه؟

اريد ان اشحذ عقلي و بصيرتي البسيطتين كي اميز بهما ما يتناهى الى سمعي و يتراى امام بصري من كلام و سطور دينية لا يفككها هذا العقل الصغير و لا تلك البصيرة الضئيلة، عليه لن اعلق و لن اخوض باحثا في هذا الحديث و اكتفي بالقول انه ان الاوان كي يتم مراجعة و فحص و تمحيص الاحاديث الواردة بشأن اليهود في صحيحي مسلم و البخاري و كتب السنن الاربعة الاخرى و غيرها من الكتب الدينية الاسلامية.

و الذي جعلني اضحك من داخلي مقطع الفيديو الذي شاهدته لشيخ من الشيوخ المؤمنين المتقين معلقا على هذا الحديث في احدى خطب الجمعة اذ ان الحماس كان واصلا به الى عنان السماء الثامنة مادا يده اليمنى قابضا اصابع كفه باستثناء السبابة مشيرة بها كما يشير المصلي عند التشهد و عقيرة صوته كانت ضاربة في ارجاء الجامع قائلا (هذا الحديث دليل قاطع من رسول الله صلى الله علية وسلم لا يقبل النقاش بأن الفئران ما هم في الحقيقة سوى أمة من أمم اليهود مسخهم الله سبحانه إلى هذه المخلوقات عقوبة لهم، فهذا هو كلام رسولنا الكريم صلى الله علية وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).

(3)

في بعض الاحيان اتسائل مع نفسي اذا كان الله كارها لليهود و هم مخالفين و معاندين له لماذا لا يخسفهم و يبيدهم عن وجه البسيطة؟ و لماذا خلقهم اصلا ان كان الله يعلم منذ الازل انهم هكذا متكبرين معاندين غير مؤمنين مفسدين في الارض؟

يا ترى هل فعلا و حقا يكره الله اليهود و يمقتهم الى درجة ان يمسخهم الى قردة مرة و خنازير ثانيا و فئران ثالثا؟ و ربما وجدت حيوانات اخرى كانت من اليهود و لم نعلم بها لحد الان.

في وقتنا هذا و غيره من الاوقات الضاربة جذورها في العتق و القدم راينا و نرى بين ابناء و معتنقي الاديان الاخرى افعال و اعمال سيئة و مغضبة لله تفوق عشرات المرات عما عمله اليهود، مع هذا لم نرى و لم نسمع و لم نقرأ ان الله مسخهم؟ يا ترى هل المسخ مقتصر على اليهود؟

و يا ترى هل المسخ من اعمال الله و هو الذي يقول في القران و لقد كرمنا بني ادم و اليهود من بني ادم؟ و كما هو معلوم ان المسخ منافي للتكريم.

يا ترى هل المشكلة في القران و في الاحاديث النبوية ام في الذين يفسرون القران و هذه الاحاديث؟ و هل ان كل ما روي عن النبي و قيل عنه انه من الاحاديث الصحيحة فعلا صحيح؟ و حتى ان كان موجودا في صحيحي البخاري و مسلم.

و يا ترى لو قال اليهود انه جاء في التوراة و التلمود ان القردة و الخنازير و الفئران هم مسلمون او مسيحيون او بوذيون ممسوخون؟ هل يقبل او يرتضي اتباع هذه الاديان هكذا اطلاقات عليهم؟.

لم اقصد بسطوري هذه ان انتقد الله او الرسول او الاسلام او القران او الاحاديث النبوية الشريفة استغفر الله و حاشا لله ان اقوم بذلك، و الاسئلة المطروحة ليست نقدية بل هي اسئلة تنم عن جهلي و قلة معرفتي ارجو ان اجد لها جوابا شافيا كافيا يريح بالي، و لكي انتصر على الشيطان اللعين الذي يوسوس لي بهذه الاسئلة، و هي اشارة الى ان ايماني ضعيف، اسأل الله ان يقوي ايماني و يبعد عني الشيطان. اللهم امين.

راحت عليك يا ايها الفار( جيري) جماهيرك و مؤيديك و محبيك سوف يقلون جدا و انصار خصمك القط (توم ) سوف يزدادون، يعني معقولة يا جيري تكون يهوديا طوال هذه الفترة و ما تخبرنا، ما حلوة منك.

و ارجو ان لا يقرأ سطوري البسيطة هذه فلسطيني حمساوي او احد الكارهين لليهود او احد الاشخاص الذي يرون قتل اليهود جهادا و الا سوف تكون الايام الاتية سوداء حالكة حابكة على الفئران.