دولة الأندومي
تاريخ النشر: 21/02/13 | 8:00يقال أنه عندما يولد طفل ويقع والده في مصيبة . يقوم الوالد بتحميل وزر المصيبة الى مجيئ الطفل الذي لا يبعث على الخير .
حسب تفكيرنا الشرقي وعندما يشتري سيارة جديدة أو يسكن بيت جديد ويقع في إشكال . فإنه يقول إن وجه السيارة أو البيت يحمل له السوء والشر .
ويقال أيضا أنه اذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل . وهنا يكمن النقص في دولتنا العتيدة 194 وياتي الكمال وهو لله في وطننا الأصل الذي إبتلعه الحوت .
قبل نهاية العام المنصرم أعلنا الدولة ويا ليتنا لم نعلنها فهي فعلا لم تبعث على الخير ولم تكن دولة الحلم الذي نريد ولا وليدة الأمل ولا فردوس العائدين من مخيماتهم ولا السمن والعسل كما صورها العالم لنا . ولا حتى إفلاطونية المنظمات ولا دبي فياض ولا حتى سنغافورة توني بلير . ولاهي دولة تؤمن لنا العيش الكريم . ولا هي أيضا بيتنا الأمن وأن تعلن رحاب دولة وأنت تجهل مصيرها فتلك مشكلة .
وأن تطارد العالم في المحافل الدولية وأنت تبحث عن قصاصة ورق تؤكد أحقيتك بدولة . فهنا المصيبة مضاعفة . ناهيك على أن دولتنا وبسم لله ما شاء الله .
أوقفت من سير قطار أحلامنا وعطلت فراملة . وليس هنا تكمن المشكلة وليست المشكلة في خروج يافا وحيفا وصفد وتل الربيع واللد والرملة وعكا من دائرة الحلم الذي بدى وهما في خارطة العالم المزيفة .
بعدما إعترف العالم بـ10 وزارات و5 مقاطعات وجبلين وبئري ماء أغرقنا الناس في الشمال . ولا حتى ببضع طرق طويلة .
ليس هذا الحلم الذي كنا ننام على وقعه .. وليس هذا ما خطته سنين عمرنا على جدران الزنازين ولا على شواهد القبور التي حملت ألاف الأسماء التي عاشرة حب الوطن بالحلال وإستشهدت وهي تبتسم .
فالحلم مثلما تعلمنا هو ذاك ذاك الوطن الذي تراقصت وغيومة صواريخ فجر 5 والكاتيوشا يوم عاش الوطن أيام الخوالي الثمانية .
ذلك هو الوطن بحسبت طبيب أو بحسبت مهندس أو بحسبت جاهل لم يلامس مقاعد الدراسة . وليس بحسبت مفاوض راسب في الرياضيات الوطنية .
دولتنا التي كنا نتمنى ونحلم أن يرفع علمها على مئذنة الجزار في عكا وعلى أمواج البحر في يافا وحديقة البهائيين في حيفا والبشارة في الناصرة والهضاب الجميلة في صفد وعلى الاقصى والقيامة والمهد والابراهيمي .
هي التي لا زلنا نحلم رغم الرقص والحنجلة التي شهدتها ساحات رام الله ونابلس والخليل التي إكتوت بنار الرقص حين سفق لنا العالم وتلك المدن أعادت تقليد التصفيق لتقع في شرك الفلس وفخ القطع للمساعدات .
ما كنا ندري ونعلم يوما من الأيام أن موظفي تلك الدولة العتيدة 194 . سيعيشون الندم والحيرة من حال يصعب على الكافر . ما كانوا يعلمون ان الدولة هي التي تفقر وهي التي تاخذ أبنائها الى سوق الفقر وميدان البطالة وساحات الوجع وميادين الإبتلاع التي تشبة الحيتان وهي بالأصل بنوك الاكثر منها يحمل أسماء وطنية . وليال التفكير التي لا تخلوا من الاحباط واليأس .
ما كان المغلوب على أمره يعلم ان كلمة الدولة هي اصغر من فراغنا الذي لا يتسع إلا لـ 3 أحرف هي فقر . وليس الدولة . لكن اهل السياسة اخطأو التقدير . كطبيب يزيد من جرعة التخدير لمريضة تكون سببا لنهاية حياته وحياة المريض . اليوم ومع سياسة النصف الراتب وزمن القطارة والبنوك والرهن والقروض .
لمن تعد دولة والتي شريت على حبالها كل اشكال الابتزاز . ولم يعد امام الموظف إلا ان يهرب الى فلسطين الأصل لكي يعمل فيها ويعيش الحياة السعيدة حتى ولو كانت تحت راية المحتل والبناء في احياءه الراقية التي يسكنها الفلاشا والروس والبولنديون الذين يعيشون على وجع الذاكرة وروح القضية وفي نفسنا وداخلنا مكابرة المواطن الحر الذي يريد ان يعيش حتى ولو كان في بيت الباطل .
منذ جاءت تلك الدولة والعلامة التجارية السعودية المتملثة بالأنتاج السعودي لمنتج "الأندومي" الذي غزا الارض المحتلة كمنتج للاطفال سهل التحضير . ما كنا ندري أن هذا المنتج السهل التحضير والخفيف على المعدة والرخيص في سعره سيحمل إسم دولتنا . وذلك للجوء أغلب الناس الى شراءه وإعتباره الوجبة المفضلة لهم في الصباح وفي المساء ولم يعد يقتصر على الاطفال .
فالدولة جعلت من اللحم ضيف ثقيل الضل على البيوت . وجعلت من إبتسامة الاطفال مفقودة ومن الدمعة محبوسة في عيون الموظفين . الذين يجابهون الحياة بكل عنفوان وصبر . في حكومة ودولة كدولة جحا خالية الوفاض إلا من الديباجات والخراريف التي تسلي بها الناس .
ومع أن العرب الذين لم يعطونا السنارة لكي نتخلى عن سمكهم . ونعتمد على انفسنا في الوقت الذي فشلنا في إستعمال السنارة أو بالأحرى بعناها قبل أن تصل الى ضفاف البحر هنا . أو اننا قد جهلنا إستعمالها .
لتبقى جيوبنا وأفواهنا مفتوحة تحت رحمة من يمدنا بالمال ويدعمنا لكي تسير عربة الدولة المتوقفة التي لم نرى الخير منذ أن اتت كالغراب الأسود الذي لا يجلب معة سوى الخراب واللعنة .على الشعب والأسرى والمحرومين في هذا الوطن .
الدولة العتيدة التي ساوت الناس في الهم وجعلتهم سواسية في إقتطاع المعاناة . وحتى ان الهم بدى عنصرا رئيسيا في حاتنا .
فالدولة التي تعجز عن رسم إبتسامة وتوزيع ضحكة ونشر السعادة هنا وهناك ولو حتى في جزء صغير من الوطن الاصل هي دولة فاشلة بإمتياز . عليها ان تتورى خجلا من عيون الأطفال الصغار أبناء الموظفين والأسرى والشهداء والجرحى وعليها ايضا أن تصغر امام عظمة وتضحيات الاسرى التي تقف عاجزة امام عظمة صمودهم . وعليها ان تصمت وشبابها يرحلون الى وطن اخر يحضن اوجاعهم وطموحاتهم . ويبني عش أحلامه في الغربة بعيدا عن وطنة . وعليها أن ترحل هي وحكومتها بمجرد ان العسكري فيها والمواطن على حد سواء لا يرى الكرامة على ارض الواقع وهم يرون ان مدنهم وقراهم مستباحة من إحتلال لا يرى إلا في قرارات وتوصيات العالم مكانا مفضلا لكي يضع قدمه وبستاره .
ولكثرة محال السمانة والبقالة المنتشرة في الضفة الغربية وفي القرى والمدن والتي تكثر على مداخلها وفي رفوفها منتجات الأندومي التي أصبحت مطلوبة بإمتياز وبالأسم ليس من باب لذة هذا المنتج وليس لأنه ماركة عالمية وشهي الطعم والمذاق .وليس لأنه مصنوع في وطن البترول المقدس .لا بل لانه قريب الى الجيوب الخاوية . وخفيف على المعدة الميتة من تلك الاوضاع ولأنة يشبه كل الشبه الدولة التي أعلنت وهي ليست مفلسة وليست غنية . بل تترنح بين الغنى والفلس . إذا ما أعطت الجزائر والسعودية الملايين .
ترى الحركة بإتجاه الخضار واللحم . وغير ذلك ترى الموظفون والناس والطبقة المشحرة . تلامس الأندومي الذي يشبه دولتنا 194 .
ومع ذلك المال السعودي في جيوب الساسة والمسئولين والبنوك . ومنتج الاندومي السعودي يبقى يحرك في الماء الساخن حتى يحين وقت هضمة وفي عيون الاطفال أبناء الموظفين تبقى البراءة تلاحق الذين بنو لنا برج عاجي إكتشفنا قبل ان يفوت الاوان انه برج من كرتون أذابته الشتوة الأخيرة التي سبح فيها المواطن حتى انها تجرءت وأخذة ارواح الأبرياء.
ولا ينطبق على دولتنا مكسورة الشان والخاطر في هذا المقام سوى قصة العصفور والحمار اللذان سافرا معا على متن الطائرة .
وانتم لكم التكملة .الى حين ان نرى وطنا يسكن فينا قبل ان نسكن فيه ولنا دولة نضع هويتها على صدرنا بدلا من أن نلقي بها في أدراج المكاتب والبيوت .