الجانب الاجتماعي في أدب المرأة العربية
تاريخ النشر: 10/06/15 | 12:13بدأ صوت المرأة يظهر ويعلو في الحياة الثقافية والأدبية العربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر مع ظهور قصص وأشعار ومقالات كتبتها وأنتجتها نساء عربيات في الكثير من الصحف السيارة والمجلات الدورية، ومن ابرز أسماء هذه المرحلة ” وردة اليازجي وعفيفة كريم وسلمى صائغ وزينب فواز” وغيرهن.
والواقع أن هؤلاء الكاتبات مهدن الطريق للجيل القادم للإسهام في تطوير وإثراء الأدب الإنساني، الذي لعبت الصحافة العربية دوراً هاماً في انتشاره وتوسيع رقعته. وظهرت عدة مبدعات أكثر صراحة وجرأة في التعبير عن الوجه الاجتماعي للمراة العربية وتجسيد حالتها ووضعها المأساوي، في ظل التقاليد والمفاهيم المسيطرة ومنهن : ملك ناصيف الملقبة بباحثة البادية، ومي زيادة، وسهير القلماوي، وهدى شعراوي، وسلوى الكزبري، وسواهن.
ومن الملاحظ أن الأغلبية منهن انشغلن واهتممن بقضايا وموضوعات محددة والتركيز على الجوانب التربوية والأخلاقية والمواضيع التقليدية ولم يقدمن حلولاً جذرية وبدائل مغايرة لواقع البؤس الاجتماعي الذي عشن في ظله وتحته.
وفي الخمسينات والستينات من القرن العشرين المنصرم، ونتيجة المتغيرات والتحولات السياسية والاجتماعية في الوطن العربي أخذت المرأة العربية تتحمل قسطاً أكبر من العبء والمشاركة في عملية التحول الاجتماعي والسياسي والثقافي خاصة في لبنان، الذي شهد موجة من التجديد والعصرنة في الأفكار والعقلية والمفاهيم والوعي الاجتماعي والفكري، فانطلقت في أدب المرأة العربية أفكار وتوجهات ثورية وتقدمية وتنويرية، قادت هذا الأدب ووقفت في طليعته كوليت خوري، وليلى بعلبكي، التي أصدرت روايتها ” أنا أحيا” المترعة بأفكار الرفض لتقاليد المجتمع وقيوده التي يفرضها على المرأة، والمطالبة بالحرية السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية وتكافؤ الفرص في مجالات الحياة المختلفة.
من جهة أخرى طفت على السطح كتابات غادة السمان، التي تناولت القمع والقهر ضد المرأة في المجتمع العربي وناقشت حالة المرأة من خلال الأوضاع الاجتماعية، ألا أن أدبها ظل أدباً برجوازياً ولم يلامس واقع الطبقات الضعيفة والفقيرة والمستغلة وصراعها اليومي من اجل رغيف الخبز والحياة الكريمة. وخلت كتاباتها من صور المرأة العربية الكادحة والمناضلة الثورية المنافحة ضد القهر والاستلاب والاغتراب الاجتماعي والظلم الطبقي ومن اجل التغيير الثوري المنشود، وطغت السلبية والإتكالية والخوف والعجز في مواجهة السائد والقائم والتقوقع داخله، على محاور إنتاجها.ثم برزت على ساحة ألأدب في الجانر الروائي فيما بعد عدد من الكاتبات والروائيات اللواتي تمردن على العادات والتقاليد المتوارثة وتصدين بالنقد للجوانب السلبية في حياتنا الاجتماعية، ولنفاق المجتمعات العربية التي تحاصر وتخنق المرأة وتقف حجر عثرة في طريق تقدمها وتطورها وكفاحها من اجل الحرية. ونذكر من هؤلاء الروائيات :نوال السعداوي وليلى العثمان وعالية شعيب وحنان الشيخ وأحلام مستغانمي وهدى بركات وغير ذلك.
وفي الحياة الثقافية الفلسطينية ظهرت فدوى طوقان، التي كانت جريئة في التعبير عن واقع الظلم والبؤس والقهر والتعسف والمناداة بالتمرد عليه، وسميرة عزام التي حاولت رسم ملامح الواقع الاجتماعي، بإرهاصاته وتناقضاته، والدعوة إلى الانطلاق والمجابهة لخلق وإيجاد واقع بديل، ومثلها فعلت بعد ذلك سحر خليفة وليانة بدر وأنيسة درويش ورجاء بكرية وشوقيه عروق منصور ونداء خوري وفاطمة ذياب ورجاء بكرية وغيرهن.
خلاصة القول، أن أدب المرأة العربية حاول بقدر الإمكان تصوير الوضع الاجتماعي القاتم والبائس والحالك، وصراع المرأة مع الحياة وتحديها للقهر والموت والمعاناة وتسيير أرائها وأفكارها في عجلة التغيير والثورة الاجتماعية الشاملة، رغم ظهور الكثير من الكتابات التي تصب في نبع السلبية والعجز والعقم الفكري، وتنحصر في محور الذاتية والفردية.
شاكر فريد حسن