ساعة الصفر “الأخطر”… “داعش” بدأ لتوه
تاريخ النشر: 10/06/15 | 15:43تتسارع الأحداث ميدانياً ودبلوماسياً، على مختلف ساحات النزاع في المنطقة، وكأنها تشير إلى اقتراب النهاية، لكن النهاية لاتعني بالضرورة أن تضع الحرب رحاها، فكل أزمات الشرق الاوسط إضافة إلى بعض الدول العربية والغربية مازالت تسير دون صدام المتنازعين الأساسيين بشكل مباشر، وتسعى لخلق متنازعين دائمين بالنيابة.
النهاية، أو ساعة الصفر، لن تكون سوى بداية حرب دائمة غير منتهية. فقد بات جلياً للمتابع أن تسارع الأحداث الأخير رسم خرائط صغيرة تضع اللمسات الأخيرة على الخارطة الكبرى المخطط لها لتكون بديلاً عن سايكس بيكو الماضي، الذي بدأ التمهيد له بتنمية النزعة الوطنية، أما اليوم فالعمل يتم على تعميق وزيادة تطرف النزعة الدينية والعرقية لتفتيت المفتت.
من مصلحة الدول العظمى المتنازعة على أرزاق المنطقة العربية، تقسيم الجغرافيا على أساس طائفي، يكون قابل للانفجار في أي لحظة وبفتيل صغير، إن مست مصالحها بالضرر، وهنا وعلى الأرض، بدأت الأمور أكثر وضوحاً من ذي قبل. فتنظيم “الدولة الاسلامية – داعش” رسم تقريباً 60% من خارطة مايريده الغرب باسم “دولة السنة”، واعطى الحلفاء لهذا التنظيم هامشاً من الوقت لرسم ما تبقى، عبر تصريحاته بأن القضاء على هذا التنظيم قد يحتاج وقتاً طويلاً، وآخر مدة حددت كانت مابين 3 إلى 5 سنوات.
دور التحالف مقتصر حالياً، على لجم أي شذوذ لهذا التنظيم عن مارسم له فقط، وهذا ماتم ملاحظته عندما حاول الاقتراب من مخطط دولة “كردستان” في عين العرب السورية، حيث اتيح المجال للاكراد لدحر “داعش” بينما لم تصمد مدن مثل تدمر أمام تقدمه.
غالباً، بقي لـ”داعش” القليل مما هو مخطط له في سورية والعراق، وقريباً سيكون الانتقال من جنوب سورية إلى مناطق في الأدرن فالسعودية التي ظهر بها مؤخراً ليعطي الاشارة أن شيء سيحصل، بالتوازي مع خلافات داخلية بالاسرة الحاكمة قد تفيد بخلق جو مناسب له كما خلق له أجواءً مناسبة في العراق وسورية قبل انتشاره.
في السعودية، ستكون نهاية التمدد “الداعشي، وهذا مايحتاج فعلاً لكثير من الوقت، وسط مخاوف في أن تكون بذرة التنظيم التي ظهرت في قطاع غزة الفلسطيني مؤخراً، مؤشراً بأن هذه البقعة الجغرافية من حصته، بعد نقل “حماس” إلى الضفة – هناك تقارير “اسرائيلية” تفيد باحتمال حدوث طفرة للحركة هناك بتمدد ما او اعمال عسكرية معينة-.
لكن ماذا عن نهاية “داعش”؟.. بالتأكيد لن يبقى التنظيم الذي أدرج على جميع لوائح “الارهاب” محلياً وعالمياً، على هذه الهيئة، لكنه بالتأكيد ايضاً لن ينتهي نهائياً كما هو حال القاعدة وطالبان، فوجود هذه الجماعات يفيد مستقبلاً كما ذكر سابقاً، في اشعال أي فتيل عند اصابة المصالح بالضرر.
بعد أن ينتهي التنظيم من مهمته في ترسيخ الحدود المخطط لها غربياً، ستبدأ عملية تمزيق صورة التنظيم الارهابي، وتقويد قوته، عبر انقلاب داخلي من خلال شخصية يروج لها على انها معتدلة بعد اغتيال البغدادي او اعتقاله أو اي سيناريو مكرر او غير مكرر، وهنا سيكون المطلوب ايجاد طريقة معينة لاضفاء الشرعية على الحدود التي رسمت ولو بأسلوب غير رسمي، سواء عبر مفاوضات لاطلاق سراح اسرى، او التراجع من مدينة معينة بعد مطالب، وهنا تبدأ بشكل أو بآخر عملية ترسيم الحدود بالمعنى السياسي والاعتراف الضمني بها. ألم تتساءل تقارير غربية وعربية عن احتمال حدوث مفاوضات مابين واشنطن و”داعش”؟.
نعم قد يحصل لكن في المدى الطويل، بعد خروج اوباما من ولايته، وتمزيق الصورة السوداء للتنظيم ولو نسبياً. سيكون خليفة أوباما أمام مشهد مرسوم، يظهره للعلن على أنه مضطر للمهادنة او التريث، لانه غير مقتنع بالتدخل في هذه المناطق بهذا الاسلوب، وتبدأ المماطلة، والابقاء على النزاعات الحدودية والداخلية بين الحين والآخر لضمان عدم الاستقرار بشكل كامل.
حدود “داعش” إحدى الحدود التي ترسم حالياً فقط وليست كلها. بارازاني قال إن كردستان ستعلن استقلالها بين ليلة وضحاها، والمناطق التي تصب ايران كل قوتها لاسترجاعها في العراق، إضافة إلى تحريك ملف البحرين مؤخراً، بالتزامن مع تفجيرات “داعش” لمساجد الطائفة الشيعية في السعودية، مع قضية الحوثيين في اليمن، قد تشير إلى حدود تمشي بالتوازي مع سابقاتها.
حازم عوض
كاتب وصحفي فلسطيني