الحجامة والدم في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة
تاريخ النشر: 23/02/13 | 11:11إذا أردنا أن نتحدث عن أحد أهم العناصر في الحجامة الإسلامية وهي دم المحتجم الذي يتم إخراجه بالحجامة الرطبة من خلال ما ورد في القرآن والسنة فعلينا أن نتذكر ماهو الدم بإيجاز. فالدم هو عبارة عن سائل لزج أحمر اللون يجري في الأوعية الدموية ويحمل الغذاء والأوكسجين وعناصر مقاومة الأمراض إلى جميع أجزاء الجسم كما ينقل الدم ينقل ثاني أكسيد الكربون من جميع أجزاء الجسم إلى الرئتين للتخلص منه بعملية الزفير.
يوجد في جسم الإنسان البالغ ما يعادل خمسة ليترات من الدم. الدم يتكون من البلازما والخلايا الدموية، والبلازما هي سائل أصفر اللون يتكون من الماء بصفة أساسية . وهي تشكل أكثر من نصف حجم الدم وتقوم بنقل الغذاء المهضوم إلى جميع أجزاء الجسم، كما تحمل فضلات التمثيل الغذائي إلى الكليتين والرئتين من أجل إخراجها خارج الجسم.
كما تسبح في البلازما الخلايا الدموية، الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، فكريات الدم الحمراء هي أكثر الخلايا الدموية عدداً حيث تشكل ما بين 40 إلى 50% من حجم الدم ويوجد منها 5 ملايين كرية في الملليمتر المكعب من الدم، وتحتوي على مادة الهيموجلوبين التي تعطى الدم لونه الأحمر . . وتعيش كل منها مدة 120 يوماً وبعدها تتكسر ليقوم النخاع العظمي بإنتاج كريات أخرى من جديد.
أما كريات الدم البيضاء فهي تقوم بالدور الرئيسي في مقاومة الميكروبات التي تدخل إلى الجسم مثل البكتيريا والفيروسات وغيرها .
ويتراوح عدد كريات الدم البيضاء بين أربعة إلى عشرة آلاف كرية في المليمتر المكعب الواحد من الدم . أما الصفائح الدموية فهي إحدى الخلايا المكونة للدم، ومن أهم وظائفها منع نزف الدم حيث تتجمع الصفائح الدموية في مكان حدوث النزيف وتقوم بتنشيط بروتينات التجلط الموجوده ببلازما الدم لإيقاف النزيف وبروتينات أخرى مختلفة مثل الألبيومين والأميونوجلوبيولين (الأجسام المضادة) .
ويترواح عدد الصفائح الدموية ما بين 000 .150 إلى 000 .450 صفيحة في المليمتر المكعب الواحد.
وأخيراً فإن كل هذا يدور من خلال الدورة الدموية التي تستغرق من 20 إلى 30 ثانية لتدور دورتها داخل الجسم أي ما يعادل دورتين في كل دقيقة. فالدم هو عنصر الحياة بالنسية للإنسان وهو كذلك بالنسبة لمعظم الحيوانات الحية.
والدم أيضاً يدخل من ضمن المحرمات التي حرمت على المسلمين سواء من حيث الطعام أو من حيث سفكه ظلماً وعدواناً بغير وجه حق سواء كان إنساناً أو حيواناً .
كما يدخل الدم في المحرمات من الحيوانات والطيور الممنوع أكلها إذا أخذت طابعاً يجعلها محرمة مثل المنخنقة والموقوذة والنطيحة وغيرها.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” . (سورة المائدة آية 3) .
وانظر ماذا يقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله تعالى عن هذه الآيات: (الدم هو السائل الذي يجري في الأوردة والشرايين ويعطي الجسم الدفء والحرارة وينقل الغذاء، وللدم مجالان في الجريان، دم يحمل الفضلات إلى الكلى والرئة، وهناك دم نقي يحمل الغذاء، والأوعية الدموية بها لونان من الدم: دم فاسد ودم صالح .
وعندما نأخذ هذا الدم قد يكون فيه النوع الصالح ويكون فيه أيضاً النوع الذي لم تخرج منه الشوائب التي في الكلى والرئة، ولذلك يسمونه الدم المسفوح، أي الجاري، وكانوا يأخذونه قديماً ويملؤون به أمعاء الذبائح ويقومون بشيه ويأكلونه .
وهناك دم غير فاسد، مثال ذلك الكبد، فهو قطعة متوحدة، وكذلك الطحال، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: “أحلت لكم ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالسمك والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال” .
إذن فالكبد والطحال مستثنيان من الميتة والدم، لكن إذا جئنا للدم المسفوح فهو حرام .
والحكمة في تحليل السمك والجراد هي عدم وجود نفس السائل بهما، فليس في لحمها دم سائل، وعندما نقطع سمكة كبيرة لا ينزل منها دم . بل يوجد فقط عند الأغشية التي في الرأس ولا يوجد في شعيراته .
وعندما يموت السمك ويؤكل فلا خطر منه، وكذلك الجراد).
إذن فإن الأساس الذي بنيت عليه تحريم تلك الحيوانات أو الطيور هو الدم وعدم التذكية، والتذكية هي سفك دم الحيوانات والتسمية عليه بنية الأكل .
فلو نظرنا إلى المنخنقة والموقوذة والميتة لوجدنا أن انحباس الدم فيها أفسدها حقيقة فأصبحت غير صالحة للأكل صحياً، وإن أكلها بحالتها تلك قد يؤدي إلى أمراض جسدية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .
وعليه فإن انحباس الدم في انسجة وخلايا تلك الحيوانات والطيور وعدم إخراجه بطرق الذبح المشروع والصحيح فإنه سيتلفها، ولذلك فإن انحباس الدم فيها جعلها غير صالحة لتوضع على مائدة الطعام للمسلم ولغيره.
فهل هذا الوصف السالف الذكر من حيث الدم ينطبق على الإنسان ولو بشكل مختلف؟
ماذا يحدث عند الإنسان إذا تبيغ به الدم كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟
إنه يقتله لا محالة وإلا فإن عليه إخراجه والتخلص منه بالحجامة.
وقد فسر علماء اللغة (تبيغ به الدم) أي هاج به وتبيغ به الدم غلبه: أصله من البغي وقال بعض العرب: تبيَّغ به الدم أَي تَرَدَّدَ فيه الدم وقيل تبيغَ الماءُ إذا تَرَدَّدَ فتَحَيَّرَ في مَجْراه مرّة كذا ومرّة كذا. وعن أنس بن مالك رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر أو تسعة عشر أو إحدى وعشرين، ولا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله . . سنن ابن ماجه.
والحجامة التي نقصدها هنا هي الحجامة الرطبة أو الدموية التي تعتمد على إخراج الدم بالمشرط وليس غير ذلك كما قال صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي رواه جابر (إن كان في أدويتكم شفاء ففي شرطة محجم) رواه البخاري.
فإخراج هذا الدم المتبيغ من الجسم يقلل تعرضه للأمراض ويقوي المناعة ويمثل تدخلاً إسعافياً يقي من الأضرار التي يحدثها هيجان الدم كما في حالات ارتفاع ضغط الدم المفاجئ والغضب وارتفاع سكر الدم وارتفاع نسبة البولينا، وهذا ما أثبتته التحاليل المخبرية لعينات من دم الحجامة منها ما قمت به أنا بنفسي في مختبر بلسم في مدينة غزة عن نسبة الهيبارين والكورتيزون من الدم الوريدي قبل الحجامة، وفي دم الحجامة والدم الوريدي بعد الحجامة مباشرة وبعد يوم كامل بعد الحجامة، فكانت مفاجأة كبيرة لنا جميعا، فعلى سبيل المثال كانت نسبة الهيبارين قبل الحجامة 12 .0 وفي دم الحجامة كانت 02 .0 أما بعد الحجامة فكانت 195 .0 هذا وإن كانت هذه العينة لا يؤخذ بتعميمها حتى يتم إجراؤها على اكبر عدد من الناس بميزانية لا أستطيع أنا أن أتحملها لتعميم ما قمنا به ونشره على مستوى العالم .
هذا عدا التحليل الذي قمنا به في جامعة الشارقة وفي مختبر دبي الحديث وما قام به غيرنا في جامعة دمشق وغيرها، فإن النتائج التي تم التوصل إليها لفوائد الحجامة لا تحصى.
انظر ماذا يقول سيد البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعم الدواء الحجامة تذهب الدم وتجلو البصر، وتجف الصلب” .
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعم العبد الحجام، يذهب الدم ويخفف الصلب، ويجلو البصر” (البخاري ومسلم).
والصلب عند العرب هو أسفل الظهر وهي عظمة مثلثة تصل شقي عظمة الحوض بالفقرات القطنية ويكون أسفل منها عجب الذنب، وهي عظمة هامة جداً . . فإنه إن طال بالإنسان الرقاد لأي مرض يتجمع فوقها الماء ويتورم الجلد فتجفه الحجامة كأحسن ما يكون، وقد تتعرض لارتطام متكرر من كثرة الركوب وينتج من ذلك ألم مزمن مع تفاقمات يتم علاجها بالحجامة.
والصلب من المواضع المهمة جداً في الطب الصيني والألماني تعالج الأمراض التالية: ارتفاع ضغط الدم (نقطة رئيسية)، وأمراض البروستاتا، ومشكلات حول الشرج: كالبواسير والشرخ الشرجي، والتهاب المثانة الحادة والمزمنة وشكاوى النسيج الضام للحوض عند السيدات، والعقم عند الرجال، وغيرها من الأمراض لخصها رسولنا الكريم في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “وتخفف/ تجف الصلب”.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: “وتجلو البصر” فإننا نجد ذلك في مواضع خلف الرأس وفي اليافوخ والهامة وفي الأخدعين، وهما عرقان خفيان على جانبي الرقبة، وهي من المواضع التي احتجم فيها رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم فهي تنشط الدورة الدموية للرأس فوق القشرة المخية للإبصار في الخلايا الأم التي تسيطر على حاسة الإبصار.
عن أنس وابن مسعود – رضي الله عنهما – قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما مررت ليلة أسري بي بملأ، من الملائكة إلا قالوا: يا محمد مر أمتك بالحجامة) (صحيح الجامع).
فإن انحباس هذا الدم في جسم الإنسان يؤدي به إلى العديد من الأمراض وإخراجه يكشف هذه الأمراض ويشفى أمراض باطنة مزمنة.
تأمل معي ماذا يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم “ألا وان في الجسد مضغة لو صلحت لصلح الجسد كله ولو فسدت لفسد الجسد كله ألا وهي القلب”.
والقلب هو مضخة الدم الرئيسية الذي يضخ الدم إلى جميع أنحاء الجسم وكل أعضائه من خلال الدورة الدموية التي ذكرنا أنها تدور في كل دقيقة مرتين.
ولذلك فإن سلامة القلب وسلامة الدم وسلامة الدوران تعني سلامة الجسم كله وتهيج الدم سوف يضر بالقلب وبالدوران، وحتى لا يتهيج الدم اي لا يتبيغ فإن من الوسائل الوقائية لعدم تهيجه والعلاجية في إخراج المتبيغ منه هي الحجامة الإسلامية التي تعتمد على إخراج الدم. وهنا لي أن أشير إلى موضوع ذي علاقة تحدثت عنه في بحوث سابقة في مجلة “الصحة والطب” وهو الفرق بين الدم المتسخرج من الحجامة والدم المستخرج للتبرع، فدم الحجامة مملوء بالأخلاط والترسبات الضارة التي لم نجد لها مثيلا عند قيامنا بتحليل الدم، أما عند التبرع فإن المتبرع يخرج أفضل دم من جسمه بكامل خصائصه وعليه فإن المتبرع مهما أخرج من دمه فإن ذلك لا يخرج من دم الحجامة، شئ ولذلك فإن المحتجم عندما يقوم بعملية الحجامة فهو يقوم بذلك وكأنه تبرع بالدم لنفسه، ولكن كيف يتم ذلك؟
نقول في عملية التبرع يتم إخراج الدم بأشكاله وجميع خصائصه الصالح والطالح، ولكنه إذا احتجم، فإنه يخرج الدم ذو الأخلاط والترسبات الضارة، فتتم بعد ذلك عملية الاستبدال والتعويض مباشرة من الأوردة إلى مواضع الحجامة عن طريق الشرايين والشعيرات الدموية، فبذلك يكون وكأنه قد تبرع الشخص لنفسه، ويكون هذا الدم مستعداً لاستقبال أخلاط جديدة كانت موجودة في الدم الرئيسي لم تجد لها مخرجاً، وما هي إلا أيام قليلة فيقوى الجهاز المناعي، وتقوى الدورة الدموية، ويرتفع الهيموغلوبين، وترتفع نسبة الحديد، وتتنشط الغدداللمفاوية.
وليس ذلك فقط، ولكن من الممكن أن يتم إخراج الخراج من الجسم إيضا، فعن عاصم بن عمر بن قتاده رحمه الله قال: جاءنا جابر بن عبدالله في أهلنا، ورجل يشتكي خراجاً به أو جراحاً فقال ما تشتكي؟
قال: خراج بي شق علي، قال: يا غلام، ائتني بحجام، فقال له: ما تصنع بالحجام يا أبا عبدالله؟ قال أريد أن أعلق فيه محجماً، فقال: والله إن الذباب ليصيبني أو يصيبني الثوب فيؤذيني ويشق علي، فلما رأى تبرمه من ذلك قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطة محجم، قال فجاء بحجام فشرطه فذهب عنه ما يجد” . (متفق عليه). د / ماجد الكردي معالج بالحجامة الاسلامية
شكراً أخي كاتب المقال وبارك الله بك .. كل الخير في القرءان والسنه النبويه .. قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريره عند البخاري ” ما أنزَلَ اللَّهُ داءً إلَّا أنزلَ لَه شفاءً ” (وأضاف في روايات أخرى ” علمه من علمه ، وجهله من جهله “) ، اللهم إنا نسألك حسن الخاتمه والوفاة على الإيمان