اسم الجلالة (الله)
تاريخ النشر: 09/03/13 | 3:22بداية فلا أعتقد أن هناك كلمة متداولة في لغتنا اليومية قد تسبق اسم الجلالة (الله)، فقد لا تخلو جملة عند البعض دون ذكره لجلالة هذا الاسم، إن كان بالدعاء وبالعبادة وبالتضرع وبالاستعانة حتى لحوائج الدنيا ولحسن ختام المرء بأن يستطيع اللسان أن يتلفظ بهذا الاسم ليخفف عنه سكرات الموت باعتباره ثمرة قد تؤدي محصولها في الحياة الآخرة، وفي المقابل فقد يتداول البعض وهم ليسوا بالأقلية العلنية والمخفية اسم الجلالة للإساءة إن كان بالتذمر باسم الله أو بالتذمر منه سبحانه أو بسب اسم الجلالة والتعدي،
وهذا ما يتميز به للأسف بامتياز الشعب الفلسطيني واللبناني، كونهما من أكثر الشعوب تذمراً وعصبية، وفي المقابل فهناك استخدام إعلاني وإعلامي وفني لاسم الجلالة بشكل قد يتسبب عند البعض بالتوتر الفكري وبالسخط العقائدي، وخاصة بما يتعلق بالفن المصري الحالي، فهناك أغاني ومواويل شعبية يستخدم بها اسم الجلالة في حين أن الحاضرين يشربون الخمر ويدخنون الحشيش، وهناك أيضا ما يسمى الفن الراقي بما يسمى بالفيديو كليب حيث تبدأ الأغنية باسم الجلالة وتنتهي به على أنغام الموسيقى الصاخبة والرقص والإغراء بصورة متعرية من أي أخلاق أو حتى قيم إنسانية أو شرقية، وهناك حالات أخرى إعلامية حيث يظهر علينا فيها بعض الدعاة والمفكرون حيث يستخدمون اسم الجلالة لتبرير مصداقية طائفة معينة أو خط سياسي مستخدمين آليات سلسة لإقصاء الآخر أو الطائفة الأخرى، ومنهم أيضا من يدعو لوحدة الأمة من خلال التمسك بهذا الاسم المقدس، وعندما نتطلع إلى كل الأمثلة الواردة أعلاه وغيرها من الظواهر المتعلقة باسم الجلالة والتي قد أغفل عنها، نرى النتائج كالتالي، إن الله لا يسخط على المعتدين على اسمه! ولا يستجيب للمتضرعين باسمه! ولا يدافع عن نفسه أمام حثالة الفن الهابط!
كما ولا يوحد الله المناديين باسمه لوحدة الأمة! وقبل أن أحدد وجهة نظري بهذه المفارقات الفكرية لا بد أن تأخذ بالحسبان هذه المشكلات المتعلقة باسم الجلالة، والتي أضنت الدعاة والمصلحين لشدة غرابة المجتمعات وتناقضها مع عملية إيمانها وبين سلوكها وموقعها غير الحضاري مقارنة مع الحضارات العالمية الحالية بتنوعها، ولحل هذا الإشكال فلا ينبغي أن ننتهج أسلوب الصراخ والسخط والضياع الفكري الباحث فقط عن تميز الذات المتعصبة لكل محيطها، لأن السخط على عباد الله سيولد بالمفهوم النفسي وعلى المدى البعيد إن يسخط المرئ من ربه خاصة إذا تاه في الأبحاث الفكرية ولم يجد إجابة على سؤاله الباطني والمتمثل ببساطة لما يحصل كل هذا وأين الخلل؟ أما إذا اتخذنا البحث الناعم فسيقودنا هذا إلى أكثر من إجابة شافية، حيث سنصل بأتباع مثل هذا البحث إلى الاستشعار بأمور خفية تتمثل بانتقام ناعم رحيم من قبل الإله القاهر لعباده، وستكتشف أيضا أن الله قادر على أن يدافع عن نفسه، وهو ليس كآلهة الجاهلية التي لم تملك لنفسها ضراً ولا نفعاً، وأن الله وضع آلية لا يستطيع أحد من خلالها أن يستخدم اسمه أو أن يتلاعب ويتراقص باسمه، فكيف ذلك إذا؟ فالإجابة بك وبمن حولك، حتى لو ظن البعض أنهم قد وصلوا ذروة السماء بفكرهم، فإنهم مطالبون بالنزول إلى الأرض للتلقي لأنهم بشر وليسوا ملائكة، وعندما تمعن النظر أكثر فستكتشف أن الذي سب الذات الإلهية لم يطل لسانه لختام الاسم فاستثنى الهاء، ليكون لفظه هكذا (اللى) بالألف المكسورة، وبأنك أيضا لم تكُ تدعو الله ولم تتضرع إليه فقد كنت تدعو (اللا) بالألف العادية،
وعندما كنت تخشع وتناجي أكثر كنت تستخدم الألف الممدودة مستثنياً حرف الهاء إلا من آذانك أو تلاوتك للقرآن، هذا ما ستلاحظه بالعامة ولكن عندما تمعن الملاحظة إلى الاغاني والإعلام فستكتشف أن لفظ الجلالة لم يحمل نصه كاملا لا فنيا ولا إعلاميا فكريا، وقد تعمدت أن أتابع بعض البرامج لألحظ مصداقية ظني بالحاصل، وقد يقول أحدهم أن الأعمال بالنيات لا باللفظ، فهل يحتاج لفظك لاسم خالقك عملا شاقا يستوجب النية؟ وقد يرى البعض أن هذا الخلل اللفظي لا يستوجب حتى الملاحظة، فهل عجزت أن تسمي أباك أو أمك بانتقاص أسمائهما يا من تدعي أن الله أحب إليك منهما! لذا فأستعجب كيف تتمزق أحوال الأمة بالمغالطات الفكرية المبنية على أساس من هو أقرب وأبعد عن الله، في حين أن الجميع على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم يشتركون بنفس الخطأ والذي ينتقص لأسباب القداسة، مما أوقع الإنسان المسلم بخطايا محظورة إنسانياً، فهو وإن بحث في ذات الله فلم يحث نفسه على البحث في ذاته أولاً، أن ينقي فكره كطريق أولي لإتباع الحضارة الإنسانية بمفهوم إسلامي يليق بفكر الرب المنزل إلى الإنسانية جمعاء،
فترى البعض وعلى سبيل المثال يتقوقعون في ظل اسم الذات الإلهية ظانين أن تكرار الاسم وحده سيورثهم الجنة وسيقيهم من عذاب الدنيا والآخرة، فتراهم لا يسارعون إلى مجرد عمل يكلل حياتهم الإيمانية، فلا يحمل هم مسلم مضطر إلى المساندة إلا وقد أعزاه للقدر! فهناك من العابدين من لم يشارك ولو في مظاهرة احتجاج على قتل المسلمين والعرب في مذابح غزة على سبيل المثال وتراه بعد ذلك يجلس على مأدبة الغداء بعد صلاة الجمعة مسمياً باسم (اللا) ثم يخطب خطبة شرسة في أهله، إن ريتشل الفتاة البريطانية وإن ضحت بشبابها تحت دبابة الغزاة لتدافع عن واجبه تجاه أطفال غزة، فهي في نظره ليست شهيدة ومأواها النار وبئس المهاد! وطبعاً هناك الكثير من الآراء المتضاربة على قضايا محلية وإقليمية وعالمية إن دلت فتدل على أن من لم يعرف لفظ اسم الجلالة فهو أصغر من أن يعرف الله وأقداره وحباله التي أنزلها الله بغية التمسك بها إنسانيا وليس كما يستخدمها البعض للفها على رقاب العباد، لأن من يكفر ومن يتخاذل ومن يستصغر دوره أو يستكبره بالاعتماد على تقصير الآخرين، هو قد اتخذ (اللا) أو (اللى) إلهه لفظاً وقولا وعملا، ولم يتخذ الله الأعظم باسمه الأعظم إلهه وملجأه ومبتغاه، فادعوه باسمه وقل بكل الظروف والأحوال يا الله.