زائر بعد منتصف الليل
تاريخ النشر: 03/03/13 | 9:40كان سميح طفلا نحيف الجسم طويل القامة، وكان يتعلم في الصف الثالث ويجلس بالمقاعد الأخيرة بغرفة صفه منزويا عن باقي التلاميذ. دخل أستاذ اللغة العربية إلى الصف وقال صباح الخير،وقف جميع التلاميذ احتراما للمعلم وردوا عليه بصباح النور. قال المعلم جلوس وجلس
الجميع. قال الأستاذ افتحوا كتبكم درسنا اليوم عن الكلب الوفي وبدأ يأمر التلاميذ بقراءة فقرة
من الدرس. قال المعلم لسميح أكمل من حيث إنتهى سامر. لم ينبس سميح بكلمة واحمر وجهه الجميل من شدة حيائه. دنا منه المعلم ولدهشته لم يجد كتابا بين يديه وبخه المعلم وسأله غاضباً لماذا تأتي إلى الصف بدون كتاب؟ أجهش سميح بالبكاء ووارى رأسه بالمقعد.
دعا ألمعلم مدير المدرسة إلى الصف وأخبره بأمر سميح. أخرج المدير سميح من الصف وأمره أن يتبعه إلى غرفته.عندما وصلا غرفة المدير قال المدير لسميح كف يا بني عن البكاء.وتناول حقيبته ثم فتشها ولم يجد فيها إلا دفترين وقلم رصاص. فهم المدير معاناة سميح وملأ حقيبته بكل الكتب والدفاتر التي هو بحاجة لها.
تأثر سليم كثيرا مما حدث لسميح أمس. دنا منه وقال له أنا مستعدٌ لمساعدتك في دروسك وسأله أين تسكن؟ أجاب سميح في حارة النصارى.
قال سليم أنا لست بعيدا عنك أنا أسكن قريبا من الجامع وتابع إسأل أين دار أبي سليم وكل من تراه يدُلك. أليوم الجمعه يوم عطلة المدرسة طلب سميح إذناً من أُمه ليذهب إلى ابن صفه سليم، سألت ألأم من هو سليم وأين يسكن؟. أجاب سميح اسمه سليم إبراهيم وهو يسكن قرب الجامع، قالت الأُم أنا أعرفهم هؤلاء أُناس محترمون لا تتأخر كثيراً. ذهب سميح إلى صديقه سليم، وعندما وصل قرع الباب فخرج سليم واستقبله ثم دخلا إلى البيت.قال سليم لأُمه هذا صاحبي سميح. نظرت الأُم إلى سميح فعرفته تنهدت وقالت بسرها يا ولدي ألله يهونها عليهم.
جلس الطفلان معاً قرآ دروسهما وكتبا وظائفهما، وبعد ذلك لعبا معاً. دعت أُم سليم الطفلين إليها
وقدمت لهما الطعا م والشراب. عاد سميح إلى بيته مسروراً. لما رأته أُمه قالت له ألم أقل
لك أنهم أُناس طيبون ويقال أن جد أبو سليم أول من سكن وعمر قريتنا النعمة. قال سميح لأُمه ما أكرم أُمه أطعمتنا وسقتنا وقدمت لنا فواكه، وتابع كم أنا مسرورٌ بصداقة سليم أُريد أن أذهب إليه كل يوم. قالت الأُم يكفي بالعُطلة المدرسية قد تزعجهم كثرة الزيارات.
في عطلة المدرسة يوم الأحد استيقظ سميح من نومه متأخراً نظر إلى الساعة فكانت العاشرة صباحاً، اغتسل ولبس ملابسه بسرعةٍ دون عادته. احتسى سميح رشفتين من كوب
الشاي واستأذن أٌمه ثم ذهب إلى بيت صديقه سليم. استقبله سليم في باحة بيته، وبينما كان الطفلان يلعبان في الباحة دعا أبو سليم ابنه أليه وطلب منه أن يشتري له علبة سجاير دوبك، ناوله نقودا وقال له اشتر بالباقي لك ولسميح ما تشاءان. نظر سليم مسروراً إلى سميح فرآه خجولا وقال له هيَّا يا سميح لا تخجل من أبي سوف نشتري بالباقي لي ولك أشياء كثيرة.
لم ينطق سميح ببنت شفا، وجرى أمامه سليم وقال له اتبعني.ذهب سميح إلى بيته حزينا، عندما وصل البيت انفجر بالبكاء وقال لأُمه أُريد أبي اشتقت له كثيراً ،وتابع كلامه كل الأولاد مع أبائهم ولماذا أنا لا ؟.حضنته امه وقلبها يعتصر ألما على ابنها واشتياقها هي أيضا لزوجها، مسحت بقبلاتها دموع ابنها وهدأت من روعه وقالت له ألم يعجبك حناني وحبي لك، قال لها الابن بلا ولكني اشتقت لأبي. قالت ام سميح لأبنها كم مرة قلت لك أن أباك مسافر وسوف يعود وتراه ان شاء الله، ومضت تزاول أعمالها البيتة وقالت بسرها ألم أقل لك يا ابا سميح دع البلاد وشأنها لأصحاب الشأن! هاهم يعشون بين أكناف عائلاتهم وأنت لا تعرف ما حل بنا ونحن لا نعرف حل بك ومما تعاني!!. عندما وصل سليم الحانوت نظر خلفه ليستشير سميح ماذا يريد أن يشترى له لم يجده، فقال كم هو خجولٌ!.
اشترى سليم علبة السجاير لأبيه وله بالباقي مكسرات وحلويات وعاد مسروراً إلى بيته.
في اليوم التالي رأى سليم صديقه سميح في المدرسة وعاتبه مما فعله أمس ثم قال له ألم أقل لك لا تستحي من أبي !. قال سليم لسميح أُريد أن أزورك يوم الجمعة القادم، أجابه سميح أهلا وسهلاً سوف أُخبر أُمي بذلك.ذهب سليم يوم الجمعة إلى بيت سميح، استقبله سميح وجلسا الاثنان على الحصيرة وأحضرت لهما أُم سميح طبلية ليقرآ ويكتبان عليها. نظر سليم إلى سميح وسأله أليس لديكم طاولة وكراسي؟ أجابه سميح لا ليس لدينا مثلما لديكم. قرآ الطفلان وكتبا دروسهما وبعد ذلك خرجا إلى الحارة ولعبا معاً. بعد الانتهاء من اللعب عاد سليم إلى بيته، وقال لأمه انا ميت من الجوع.أجابته أمه انا عارفة يا ولدي أحضرت لك الطعام، جلسا سليم وامه
على مائدة الطعام وتناولا طعامهما. قال سليم لأمه ماما لا يوجد بدار سميح كراسي وطاوله جلسنا على طبلية وقرأنا، قالت أُم سليم لإبنها أنهم أناس فقراء ولكنهم طبيون. كانت أم سميح تعيش مع طفليها سميح وسُمية وتعمل في تنظيف بيوت من كانوا سببا لشقائها لتوفر ما أمكن من لقمة عيش.كان أبو سميح مناضلا في فترة ظن أنه ومجموعة من شباب هذا الوطن يستطيعون ببندقية وكمشة رصاصات الحفاظ على وطنهم من جحافل مدججة بالسلاح، أتوا يريدون وطناً بلا شعب لشعب بلا وطن. هؤلاء الشباب أمثال أبا سميح منهم من استشهد ومنهم من هُجر من وطنه وكان أبو سميح أحدهم حيث ظن أن غيابه لم يطل وبعد هدوء الحال سوف يعود إلى بيته.
لقد طال انتظار أبو سميح وتأكد من هول المأساة وكاد الحنين إلى زوجته وأطفاله يقتله، فخطفته رجلاه إلى الجنوب متسللا بالليل متخطيا الحدود غير آبهٍ بالمخاطر.وصل ابو سميح بعد منتصف الليل إلى بيته فقرع الباب كعادته مرة واحدة.نهضت أُم سميح من نومها فظنت أنها تحلم بزوجها فترددت للحظات تتسارع بين الحلم والحقيقة، وأخيرا قالت لنفسها ماذا يحدث لو فتحت الباب وذهبت إليه وفتحته برفق ولدهشتها وجدت زوجها خلفه. دخلا معا إلى البيت حيث احتضنته وعانقته بحرارة ودموعها تغسل وجهها المشع الذي هزم العتمة. ذهب أبو سميح وعانق طفليه الغارقين بالنوم ولمست يداه جسديهما وعيناه تذرفان مطرا يبلل أطراف غطائهما ولم يجرؤ على حضنهما لكي لا يستيقظان.قالت الزوجة لزوجها أنظر إلى جسدي الهزيل يحكي قصة شوقي وإلى عينيَّ العالقتين في نفقٍ تدلكان عن حجم معاناتنا.ضمها الزوج إلى صدره وقال لها يا حبيبتي ما كنت أعرف حجم هذه المأساة ولا أريد أن أُضيف إلى همك ما أعانيه يكفي أن أقول لكِ أني أفترش العراء في أكثر نومي، دعينا ننعم بهذه اللحظات قبل أن يدركنا الوقت. لم تمر نصف ساعة على لقاء الزوجين حتى أدركهم (العربيم الطوبيم). فجأة كُسر قفل الباب ودخلت عليهم الشرطة وألقت القبض على أبي سميح وانهالت عليه بالضرب المبرح والكلام النابي وأخذته معها ووضعته في السجن على ذمة التحقيق.
استيقظ سميح باكرا في الصباح على غير عادته دون أن توقظه أُُمه، وقال لأُمه لقد حلمت هذه الليلة أن أبي أتى إليَّ وقبلني.نظرت الأُم إليه وحبيبات اللؤلؤ تتناثر من مقلتيها ثم قالت لطفلها إن شاء الله سوف تراهُ يا ولدي.
قدمت الشرطة لائحة اتهام إلى المحكمة ضد أبا سميح، وحكمته القاضية بالسجن لمدة ستة
شهور وترحيله من البلاد بعد انتهاء مدة حكمه.زج رجال الشرطة أبا سميح بالزنزانة خلال مدة مكوثه بالسجن. بعد انتهاء مدة سجن أبو سميح أتت إليه الشرطة في الظلام وطردته خلف الحدود الشمالية، وأبقت أم سميح وأبنائها يسارعون البقاء.نظر أبو سميح جنوبا ثم تنهد بحزن!!
عنجد القصة بتجنن لاز م الواحد يعرف قيمة ما يملك وان الفقر ليس محرم بل كان سميح لايهتم
قصة حزينة وجميلة بس كنت اتمنى ان نهيتها تكون سعيدة بس للاسف هدا الواقعدائما مرير