التكريم المستحق للباحث في الفولكلور الفلسطيني شريف كناعنة
تاريخ النشر: 11/03/13 | 12:20دأبت المؤسسات الثقافية والروابط الادبية والقلمية على تكريم الادباء والمبدعين ، وذلك تقديراً لنشاطاتهم وجهودهم المباركة في اثراء الحياة الادبية والثقافية، واسهاماتهم الجلى في خدمة قضايا الحرية والنضال والاستقلال الوطني . وكانت مؤسسة "الاسوار" العكية بمبادرة من مؤسسها الصديق يعقوب حجازي هي المؤسسة الاولى داخل الخط الاخضر ، التي ابتدعت هذا التقليد التكريمي والتقديري ، فكرمت عدداً كبيراً من ادباء وشعراء الوطن ، الذين كان لهم اثر ودور هام في الحراك الثقافي والادبي وتطوير الحركة الشعرية والادبية الفلسطينية .
وفي الاسبوع المنصرم كرّم مجلس عرابة البطوف ، القرية الجليلية الشامخة ، التي شكلت احد اضلاع مثلث يوم الارض الخالد ، ابنها البار البروفيسور شريف كناعنة ، الباحث في مسائل التراث والفولكلور الفلسطيني وتاريخ القرى الفلسطينية والرواية الشفوية الفلسطينية ، تقديراً لعطاءاته ومساهماته الرائدة ودوره في صيانة تراثنا الفلسطيني وحمايته من عمليات التشويه والتذويب والمصادرة والتغييب . وهو بلا شك تكريم مستحق لشخصية اكاديمية فلسطينية، ولباحث عميق جدير بالتقدير والاحترام ، وايضاً تكريم لكل الباحثين العاملين في مجال التراث والتوثيق التاريخي .
البروفيسور شريف كناعنة كنا عرفناه بابحاثه ودراساته التراثية ، التي نشرها في الكثير من المجلات والدوريات والادبيات الفلسطينية منها مجلة "التراث والمجتمع" الصادرة في البيرة ، وهو انسان مثقف حاصل على البكالوريوس في علم النفس ، واستاذ اكاديمي متخصص في علم الاجتماع والانتربولوجيا . انخرط في التدريس الجامعي وعمل بداية استاذا ً مساعداً في جامعة وسكنيس الامريكية ثم عاد الى البلاد وانضم لاساتذة جامعة بير زيت ، حيث علم الاجيال ورباها على القيم الانسانية والنضالية ومقاومة القهر والاضطهاد والظلم الاحتلالي.
نذر ب . شريف كناعنة نفسه للوطن والقضية ، وانكب على القراءة والكتابة ، واهتم بمسألة التراث، وتركز نشاطه العلمي على جمع تراثنا الشعبي ، وله عشرات الابحاث والدراسات والمداخلات في مجال الفولكلور الفلسطيني واعمال الاستيطان والابعاد والاعتقال وتوثيق القرى الفلسطينية المهجرة والمدمرة . ومن اعماله المطبوعة : التغيير الاجتماعي والتوافق النفسي عند السكان العرب في اسرائيل ، التغيير والاستمرارية – دراسات في تأثير الاحتلال على المجتمع العربي الفلسطيني ، الملابس الشعبية الفلسطينية ، الانجاب والطفولة – دراسة في الثقافة والمجتمع الفلسطيني ، الفولكلور ما هو ؟ التراث الفلسطيني بين الطمس والاحياء. هذا بالاضافة الى كتابه "قول يا طير " الذي يشتمل على حكايات شعبية فلسطينية، بالاشتراك مع ابراهيم مهوي ، الذي اثار غضب السلطة الحمساوية ووزارة التربية والتعليم في حينه ، فأمرت بسحبه واتلافه واعدامه ، لكن ردة الفعل الشعبي والمظاهرة الاحتجاجية بمشاركة المثقفين والاكاديميين والادباء والعاملين في مؤسسات المجتمع المدني ضد عملية المصادرة والمنع والاتلاف ، وضد "الظلامية" و"محاكم التفتيش" اثمرت عن تراجع وزير التعليم ناصر الدين الشاعر عن قرار وزارته فأعاد تداوله .
اننا نثمن عالياً جهود البروفيسور شريف كناعنة ، لما لها اثر في النهضة الثقافية والادبية وحماية تراثنا الفلسطيني ، وما هذا الحفل التكريمي المتواضع من قبل مجلس عربة البطوف ، مسقط رأسه ، سوى اعتراف بالجميل لما قدمه من خدمة لشعبه الفلسطيني واحياء تراثه . وما اجملها من لحظة حين يكرم فيها الوطن ابناً له ، وباحثاً معطاءً في تربة الثقافة الشعبية الوطنية .
اننا اذ نهنئ البروفيسور شريف كناعنة على هذا التكريم المستحق ، نتمنى له من اعماقنا حياة عريضة وممتدة ليظل يتحفنا بمنجزاته البحثية ، وليبق يبذر غرسات الوعي التراثي وسنابل القمح في حقل الذاكرة الفلسطينية الكنعانية ، مع خالص الود والتحية .