العجب كل العجب- ماذا جرى في منهاج الأدب
تاريخ النشر: 14/03/13 | 1:54*بعد الملاحظات أدناه أرجو أن تطلعوا على تفاصيل ما جرى في أعقابها
ملاحظات حول وحدتي الأدب في المنهج الجديد
عكفت لجنة خاصة منذ بضع سنين على تحديد مواد المنهج للأدب العربي في المدرسة الثانوية، وكان بعض عملها تطوعًا، وخاصة في المراحل الأخيرة من إعداد هذا المنهج.
كان الاتفاق بين الدكتور محمود أبو فنة مفتش اللغة العربية وبين وزارة المعارف أن تكون في الأدب وحدتان إلزاميتان، ولذا عكفت اللجنة على اختيار النصوص المطلوبة للوحدتين معًا.
جرت مياه كثيرة في الأنهار، وكلام كثير في الكواليس، حتى تقرر في الوزارة أن يظل الحد الأدنى في امتحان الأدب وحدة واحدة (أي كما كان عليه الحال- بمجموع ثلاث وحدات في اللغة العربية- أدب+ قواعد+ تعبير).
وتبعًا لذلك فقد تقرر أن تنفصل الوحدتان اللتان أعددنا لهما معًا، وإذا بالمنهاج يصدر محددًا مواد كل وحدة على حدة: الوحدة الأولى، ثم الوحدة الثانية.
والسؤال أولاً:
كيف نوافق على أن يكون تدريس اللغة العربية أقل من أربع وحدات؟!
ثم من الذي قرر مواد كل وحدة؟ وكيف يكون الأمر انفراديًا أو على الأٌقل بدون علم اللجنة؟
*من قرر ألا يكون شعر أحمد شوقي مثلاً في الوحدة الأولى؟ ومن قرر ألا يكون الموشح الأندلسي ضمن الوحدة الأولى؟ أو أن يكون أدونيس مثلاً في الوحدة الثانية؟
*لم نوافق على خطبة طارق (لأسباب علمية، فهي ليست موثقة وليست مثبتة تاريخيًا) واستبدلناها بخطبة الحجاج؟ فلماذا قرر من قرر دون علم اللجنة أن تكون خطبة طارق ضمن النصوص، وأن تحذف خطبة الحجاج؟
*حددنا لدى اختيار كل نص الأبيات المطلوبة منه، فلماذا أضيف إليها، أو حذف منها؟ ولماذا حدث تغيير في اختيار الأبيات؟ (مثلاً: أبيات طرفة، النابغة)، فمن قرر وراء اللجنة؟
*الأنكى من ذلك أن بعض أبيات كتاب (البيادر)- الذي وافقت المعارف عليه ليكون كتابًا دراسيًا للطلاب – حيث صدر على عجل وبدون مراجعة دقيقة- تختلف عن أبيات كتاب (المغني) الكتاب الآخر الذي وافقت المعارف عليه أيضًا بسرعة غير معهودة. هذا الاختلاف في إيراد النصوص وفي طريقة العرض يختلف في أكثر من نص مطلوب، وكلا الكتابين أجيزا من قبل الوزارة دون تفحص كاف.
* لامية السموءل لم تكن قصيدة مطلوبة، لأن هناك قصائد أخرى تمثل الفترة الجاهلية، فليست كل قصيدة رائعة نختارها، وإلا فإننا سنعلم مئات القصائد المميزة.
ثم من اختار قصيدة مجهولة لأبي طالب (عم الرسول) الذي تُوّج شاعرًا لا لسبب إلا لأنه يمدح النبي؟؟!!
فهل السبب في اختيارنا هو الموضوع "الديني؟"، أم يجب أن تظل في حسابنا الصياغة الفنية والأدبية؟
ومن المؤسي أن يكون نص أبي طالب في الوحدة الأولى الإلزامية. ومن المؤسي أكثر أن السموءل يصبح في الكتاب (شموئيل).
*في الوحدة الثانية لم يتطرق أحد من أعضاء اللجنة ساعة بحث الموشح والوشاحين لموشح ابن سهل الإسرائيلي (الأشبيلي)، وتقرر أن نختار لأسباب فنية محضة موشح ابن زهر- أيها الساقي، وأن نتخلى عن موشح (جادك الغيث) لابن الخطيب بسبب بقائه في المناهج أكثر من أربعين سنة، فما سر العودة إلى هذا الموشح وقد تكرر تدريسه عشرات السنين؟
*لم نتفق على قصيدة (زحلة) لشوقي على أنها مطلوبة في الوحدة الثانية، بل اخترنا لشوقي (الرحلة إلى الأندلس)، كما أننا لم نتفق على (قلعة بعلبك) لخليل مطران، بل اقترح ب. سليمان جبران قصيدة (الأهرام)، وكان هناك رأي أن تظل قصيدة (المساء) بسبب رومانسيتها وتميزها. كما اتفقنا أن تكون قصيدة (عش أنت) لبشارة الخوري لسبب موضوعي، فإذا بمن قرر بعد اللجنة يختار (أرق الحسن).
*اتفقنا أن نختار قصيدة (شنق زهران) لعبد الصبور، فإذا بها تحذف ليكون مكانها قصيدة ليست بالمستوى الممثل للشاعر عبد الصبور، وهي (حكاية قديمة)، وبالطبع فإن رفض قصيدة " شنق زهران" برره من برر سياسيًا ليس إلا.
*اتفقنا أن نختار قصيدة (العراف الأعمى) لأمل دنقل، ولكن د. فهد أبو خضرة كان طوال الوقت يلح على اختيار قصيدة (الخيول) فاتفقنا أنها طويلة جدًا وصعبة على الطلاب، بل على المعلمين، وإذا بها تعود للمنهج بقدرة قادر.
*كان لنا خياران من قصائد سعاد الصباح (افتراضات، إلى تقدميّ)، فإذا بهما يتغيران ويختار من اختار: (كن صديقي).
اختيار أبيات نزار قباني من (تونس الخضراء) لم يكن في رأيي موفقًا وممثلاً لشعر نزار قباني، وأظن أن الخطأ حصل بسبب عدم تحديد اللجنة للأبيات.
*لم نتفق على قصيدة (مرثية الحلاج) لأدونيس لأكثر من سبب، أبرزها صعوبتها على المعلم قبل الطالب، وقد قرأناها في اللجنة، فلم نخرج منها بطائل، وكلفت شخصيًا باختيار نص بديل، فاخترت قصيدة من ديوان (أول الجسد آخر البحر، ص 19).
*اتفقنا على قصيدة (المغني) لتوفيق زياد، فإذا بها تصبح (نار المجوس) وهي متوسطة المستوى، وليست بنبرة زياد وجهارته وحرارته.
*اتفقنا على أن تكون قصيدة شكيب جهشان: أحبكم لو تعرفون كم، فإذا بها تتغير إلى (رباعيات لم يكتبها الخيام).
*المضحك المبكي اختيار نصوص لم ترد في قرارات اللجنة، نحو قصيدة لأبراهام عوبديا، وقصيدة أخرى لجورج نجيب خليل في قصيدة لا تمثله ولا تليق به "الشاطئ يناديكم"؟؟!!
· كما لم تكن في المنهج قصص إميل حبيبي: بوابة مندلباوم، وسعيد حورانية: أخي رفيق؟
والمضحك المبكي ثانية اختيار نصوص من الإنجيل لتكون مادة في الأدب المطلوب (عودة إلى قصيدة أبي طالب والاهتمام بالمضامين الدينية على حساب الصيغة الأدبية الفنية). وقد نسي من اختار مادة الإنجيل أن النص مترجم أصلاً، وأنه ليس نموذجًا يحتذى في العربية كالقرآن والشعر العربي في عصوره المختلفة.
*رواية حنا مينا كانت (البحر والسفينة) فإذا بها تغدو (نهاية رجل شجاع).
كما أننا لم نختر شمعون بلاص في روايته (نذر الخريف).
أود أن أؤكد أن الاعتراض ليس على مستوى القصائد والنصوص التي اختيرت من غير علمنا بقدر ما هو اعتراض على تجاهل اللجنة والانفراد في قرارات غير مقنعة ولا مدروسة.
* ثم أين فدوى طوقان لماذا حذفت هي وأحمد حجازي وغسان كنفاني وتوفيق فياض وخليل حاوي وغيرهم؟
لقد بلغني أن رفض قصيدة فدوى سببه أنها كتبت قصيدة معادية سنة 1967، وإذا صح هذا الزعم فلماذا قبلت لها قصيدة (صلاة إلى العام الجديد) في المنهاج السابق الذي أعد في الثمانينيات؟!
السؤال الأهم- مرة أخرى:لماذا استُبعدت اللجنة من القرارات النهائية، ولم تستشَـر فيها؟
على أي أساس تمت هذه التغييرات، والزيادة والنقصان؟
وأسأل الأستاذ عبد الله خطيب المسؤول عن التعليم العربي:
هل هناك إمكانية لدعوة اللجنة لإعادة النظر؟ والالتزام بقراراتها التي تتمخض عن الجلسة؟
كيف أجازت وزارة المعارف الكتب بهذه السرعة، وعهدي بها شخصيًا أنها تماطل وتماطل؟
أكون شاكرًا إذا التقينا للتباحث في الموضوع أولاً وقبلاً!
أ.د فاروق مواسي
تنوير- ماذا حدث بعد الرسالة:
وبعد،
فمنذ العطلة الصيفية حاولت الاتصال بالسيد عبد الله خطيب – مدير القسم العربي في الوزارة، وذلك لعقد جلسة معه لشرح الأمر ولبيان سبب اعتراضنا، حتى تيسر لنا الأمر في 6 كانون الأول 2012.
حضر الجلسة من اللجنة: د. محمود أبو فنة المفتش السابق ورئيس المشروع، والأستاذ كمال إغبارية، و كاتب هذه السطور.
من الوزارة: أ. عبد الله خطيب، د. راوية بربارة (مفتشة اللغة العربية)
بعد أن عرضت الموضوع وخطورته، أولاً ما قررته الوزارة بأنه يجب أن يكون الحد الأدنى ثلاث وحدات في اللغة العربية، وثانيًا ما جرى في الإضافة والحذف، وفي التصرف بالمقررات دون الرجوع إلى لجنة المنهج وعدم احترام قراراتها، وبعد أن قرأت ملاحظاتي أعلاه،
تحدث د. أبو فنة متحفظًا من التصرفات الفردية ومن الاختيارات العشوائية التي حدثت من وراء اللجنة، ومن عدم الالتزام بأربع وحدات حدًا أدنى،
ثم تحدث الأستاذ كمال معارضًا بشدة موضوع الوحدات الثلاث فقط، وقال ما خلاصته بالحرف الواحد "إن المادة السابقة في المنهج القديم في الوحدة الأولى أفضل بكثير من المادة الجديدة التي جرت عليها يد التغيير".
تحدث الأستاذ الخطيب عن الإشكاليات القائمة، وركز في القول على أن السكرتارية التربوية هي التي كلفت من يراجع المنهج، وأن القرار النهائي كان لها. ثم أشار إلى أن ب. إبراهيم طه استشير في التغييرات فأجازها.
ذكّرت الأستاذ الخطيب أن البروفيسور طه هو عضو في لجنة المنهج، ولكنه لم يحضر أيا من جلساتنا لأسبابه الخاصة، وهو لا يعرف عن تفاصيل أي لقاء من لقاءاتنا، بل كانت السكرتيرة أحيانًا ترسل له تقرير بعض الجلسات. وأنني في اتصالي الأخير به مستفسرًا عن بعض المسائل المستجدة أنكر أنه غير هذا النص أو ذاك، أو أن له علاقة مباشرة بما اختير من نصوص.
أما د. راوية بربارة مفتشة العربية فقد وضعت اللوم على اللجنة- أي علينا- لهذا التأخير الطويل في تفعيل المنهج والموافقة عليه، وكأن اللجنة تستطيع القرار النهائي، أو أن الأمر بيدها، وذهبت الدكتورة إلى أنه يمكننا أن نحذف من النصوص، لا أن نغير أو نعيد ما اخترناه.
اتفق الحاضرون على عقد جلسة قريبة يدعو لها الأستاذ عبد الله الخطيب، ويحضرها أعضاء اللجنة السبعة، ويكون ذلك في أقرب وقت، وذلك لدراسة التغييرات التي طرأت على المقرر، ولفحص ما يمكن إجراؤه في نظام الوحدات.
ها قد مضى نحو أربعة أشهر اتصلت خلالها بالأستاذ عبد الله أربع مرات للتذكير، وهيهات!
إنني أكتب من منطلق المسؤولية الجسيمة، وأعي كم يستصعب المعلمون مواد هنا وهناك، وأعرف يقينًا أن بعض النصوص التي قررت بعدنا لا تسمن ولا تغني من أدب، أو أنها تربك الطالب في فهم مسيرة الأدب العربي في ألوانه وفي عصوره.
من هنا فإن الكرة الآن يجب أن تكون في ملعب ممثلي الجمهور الحقيقيين- أعضاء الكنيست العرب، وقد أرسلت لهم هذه الملاحظات، كذلك هي من الآن في عهدة أعضاء لجنة المتابعة ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي فيها.
اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد!
اساتذتي السياسة واضحه وهي التجهيل وابعادنا عن لغتنا هويتنا وقوميتنا