لا يسكت الضباع إلا زئير الأسود
تاريخ النشر: 30/06/15 | 10:10في كل قناة تلفزية، وفي كل نشرة إخبارية، المزيد والمزيد من مشاهد العنف غير المألوف، وصور مرعبة من واقع حياة لم يألفها الإنسان المشرقي، ولم نسمع عنها إلا في أفلام هوليوود التي باتت تستقل محفزات الرعب لديها نتيجة ما يعرض في الإعلام العربي من مشاهد يندى لها جبين البشرية.
التلذذ بالتعذيب والاستمتاع بالآلام والعذابات ورؤية الدماء والجراح، وحالة القبول الضمني من المسؤولين الكبار لهذه الجرائم المليئة بالعنف والسادية والقتل العنيف غير المبرر للأسرى والضعفاء هي بداية فقط.
نعم، بداية واضحة لانكشاف الكثير من الوجوه التي تستّرت خلف الأقنعة على مدار السنوات المليئة بالكبت السياسي والعنف داخل السجون السياسية ونخب التحقيق البربري فيها، والسجانون الذين عاشوا بلا قلب لسنوات وهم يتلذذون بآلام غيرهم، هؤلاء هم شبيحة الأنظمة، وبلطجية السجون وأزلام القمع فيها، وبلاطجة الرعب الهمجي، وأدوات الأنظمة الخفية على مدار سنوات من التنفيذ الصامت من خلال مافيات القتل وعصابات الموت ونحوها.
وهي البداية الفعلية لمعرفة الشعوب بوجودهم، والتعرف إلى أفعالهم برؤيتهم عياناً يمارسون القتل ويشيعون الخراب، ويحرقون الأحياء، ويعدمون النساء، ويسترجلون على الأسرى المقيدين.
نعم هذه هي البداية في نظرهم، ولكنها النهاية لهم ولمشروعهم ولوجودهم، فبعد معرفة الناس بأن هناك صنفاً من الحيوانات المستأنسة تفترس الضعفاء، فعندها يتولد الضغط التلقائي لمواجهتهم من خلال المجتمعات أنفسها، فمجتمعاتنا التي في ثقافتها المخبوءة أن نصرة الضعيف واجب، وأن الصمت يعني وصول السكين إلى رقاب الجميع لا يمكن لها أن تصمت، وإن فعليت فلن يطول صمتها.
وهنا، يتجلى الناموس الإلهي في الناس، والسنة الكونية في انبثاق شمس التغيير من رحم المعاناة، وتولد البشريات كعادتها في ظلمة الليالي، لتتشكل تلقائيا رؤية شبابية مجتمعية تغييرية، تنسف واقع الركون للأمر الواقع، وتنطلق في مسار جديد غير آبه بعقوبات الطريق وحجم التحديات، فترفع لواء الخير، وتكشر عن أنيابها التي ترعب ببريقها ضباع الأرض التي تخشى من سطوة الليوث الغاضبة.
فمن طبيعة الحياة – حتى وإن ظننا غير ذلك – أنها متغيرة تسير بنواميس الله الغلابة، ولا ترتهن لمنطق ظالم أو رغبة حاكم أو توجهات جهة تنظيمية أو دعاوى تيار فكري، فسنن الله غالبة، ونواميسه لا تأتي بناء على رغباتنا، ولكنها قادمة لا محالة، ستقطع اليد التي تمتد على الضعيف، وتنتصر لمعاناة المكلومين، وترفع الضيم عن الحيارى والمعذبين، وتنسف واقع الرعب المصطنع بزئير أسود لم يصنعها الإعلام، ولم تترب في قصور التيه، ولا في محاضن التيارات السياسية العقيمة، أسود لغضبتها تخر هامات الضباع المسعورة قهرا وخوفاً.
المستشار د نزار نبيل الحرباوي