النقد البناء…
تاريخ النشر: 15/04/11 | 1:43بقلم المحامي رياض مصاروه من كفرقرع
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل ( وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِين )
الله سبحانه وتعالى يقول بكتابه الكريم ( ادع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظه الحسنه ) وصلى الله وسلم وبارك و انعم على نبينا محمد القائل ( المؤمن مرآة أخيه )
صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليم كثيرا
إخواني الكرام
أحيكم بتحية الإسلام
تحية أهل الجنة جعلني الله والياكم من أهلها .
نشهد واياكم بأن وسائل الاعلام على انواعها تطورت في السنين الأخيره وأصبح القارء يعبر عن رأيه وينتقد الكاتب أو المشاركين في التعليق , لذالك يجب علينا أن نحترم أراء الاخرين وان أردنا الانتقاد أو التعبير فيجب أن يكون من باب التطور وليس اسقاط وهدم الاخرين :
النقد الإيجابي عملة نادرة، فقد يستغرق الإنسان عمراً طويلاً وزمناً مديداً كي يجد شخصاً يقدم له نقداً إيجابياً بناءاً. وليس النقد الإيجابي هو الثناء والمديح والتزكية ولكنه بذل جهد لوصف العمل وذكر سلبياته وإيجابياته بوجه منضبط. فهو الذي يدفع المركبة إلى الأمام ويعطي الإنسان قدرة على الإنتاج والتطور.
الناقد الصادق يتجه نقده إلى صاحب العمل كيف يطوره ويرتقي به دون أن يدمره، فلا يكون هدفه إسقاط الآخرين أو إبراز ذاته من خلال نقده. واعلم أنه من السهل جداً انتقاد الآخرين واكتشاف الأخطاء وإبرازها، ولكن من الصعب بمكان إكمال البناء وإتمام النقص وسد الثغرات.
الناقد الصادق لا يتعسف في عباراته ويغلظ في أقواله؛ بل ينتقي أعذب الألفاظ وأحسنها. فلكي يكون نقدك بناء لابد أن يكون هناك درجة من التواضع والاحترام للآخرين، واحتمال أن يكون الصواب مع الآخرين والخطأ معك. فأنت لا يمكن أن تملك الحقيقة المطلقة دائماً، فإن كان لديك الحق في بعض القضايا لا يعني ذلك امتلاكك للحقيقة المطلقة. والحق لن يقبل إذا كان مصحوباً بتعالي وازدراء للآخرين فالكل يظن أنه يملك الحقيقة .
(الدين النصيحة) هكذا اخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فالمسلم شخص ايجابي مؤثر في مجتمعه وينقد ما يراه من عيب او خطأ والنقد في مجتمعنا فريضة واجبة لأنه مكاشفة للغافل وتذكير للناسي من العيوب التي نراها ، والمشكلة التي تواجهنا هي ان الناس كثيرا ما يرفضون تقبل النصيحة لأنها غالباً ما تكون شديدة على النفس ولأن بعض الناس للأسف ينظر بعضهم الى ذواتهم على انهم ذات مقدسة او ملكية ولا ينبغي المساس بها .
ولهذا فهذه اشكالية لكل من يطمح في تقديم النقد لأي كان لكي يؤدي واجبه الاخلاقي امام الله ومجتمعه ولذلك نسأل انفسنا : هل هناك حل وسط نرضي به الله بدون ان نغضب الناس علينا ؟ الاجابة هي نعم لأن النقد البناء هو اسس ومبادئ نستطيع ان نمارسه فنرضي به الله بدون ان نغضب احدا علينا ومن اهمها ان نركز في النقد على ايجاد الحلول ولا نكشف العيوب فقط وان نحافظ على احترام الشخص لذاته بأن نتجنب التعليقات اللاذعة التي تحط من قدر الشخص والاهم من ذلك ان نتجنب النقد على الملأ من الناس فتكون فضيحة لأن نصيحة العلانية فضح للشخص وكشف عيبه مما يجعل الشخص يغلق قلبه عن تقبل النصيحة .
ويجب الرد السريع على النقد الجائر وعدم السكوت عليه لأنه قد يفتح الباب امام القيل والقال ولنا في رسول الله اسوة حسنة فحينما كان يقسم التمر والغنائم وهو في حجر بلال ، فقال رجل اعدل يا محمد فإنك لم تعدل ، فقال عليه الصلاة والسلام : ويلك ومن يعدل بعدي ان لم اعدل ، وكما قلنا فهناك نقد جائر يجب عدم السكوت عليه ولو للحظة واحدة ولا نسمح في أن يؤثر فينا .
والسؤال الاكبر هنا هو هل لدينا اسس بناء النقد الذاتي كأمة مسلمة لان نقد الذات هو ارفع انواع النقد في معالجة المشاكل وايجاد الحلول الناسبة لها ، لأننا كبشر اعتدنا عند اندلاع المشاكل على اتهام الاخرين وتنزيه الذات ، وهذا الامر هو الذي جعل بلدية هيروشيما تغير العبارة الواردة حول القنبلة النووية من عبارة ( لن ندعهم يعيدون الشر) إلى عبارة (لن ندع الشر يتكرر)، فهو اعتراف غير مباشر أن الكل شارك في إيقاد الحرب العالمية الثانية التي انتهت بالقاء القنبلة النووية على هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين.
وفي خلاصة الكلام فإن الاشجار عندما تموت فإنها تموت واقفة لأن موتها لا يكون في سقوطها عن الارض وانما في انقطاع الحياة عنها لأنها لم تتكيف مع البيئة التي تعيش بها ، كذلك النقد هو رفض للتلائم مع المجتمع والبيئة الحضارية التي نعيش بها فنصل لمرحلة التخشب والجمود الفكري الذي يؤدي لموت العقل قبل موت الروح ونحن لا ندري، وبذلك يكون النقد الذاتي أداة رائعة لنمو الذات ونضجها، وليس كما يخيل للبعض أنها أداة نهش وتجريح..
نحن تربينا في مجتمعاتنا على أن تكون نفوسنا شفافة لا تتحمل النقد ونعتبره إهانة، وهذا خطأ فهو تقويم وتصحيح وهداية وإرشاد، لأن الإنسان إما أنه لا يبصر الخطأ، أو لأن هناك عوامل وأسباباً تحول دون معرفته به فنصيحة الآخرين تساعده على تجاوز هذه الحالة.
روي عن الإمام الصادق : «رحم الله من أهدى لي عيوبي» فهو يريد أن ينبهنا إلى أهمية تقبل النصح والنقد، وأن لا نغتر بأنفسنا ونرى أنفسنا معصومين من الخطأ، فحتى من هو في موقع الخلافة والحكم يعترف بالخطأ فموقفه لا يجعله فوق النقد.
يقول أمير المؤمنين : «ليس أحداً يتوق أن يقال له اتق الله».
حقيقة النقد:
ولابد هنا أن نعرف حقيقة النقد فهناك فرق بين النقد البناء والانتقاد أي النقد الهدام:
النقد البناء (النصيحة الصادقة): هي التي تستهدف مصلحة الموجه إليه بقصد تصحيح خطئه سواء في الأمور العامة أو المصلحة العامة وتضع البديل المناسب.
التجريح (التشهير): ولا يقصد به تصليح وضع الآخرين وإنما استغلال ضعف الآخرين للتشهير بهم وإسقاطهم في المجتمع.
ويوجد في الجاهلية أدب مختص في التجريح وهو شعر هجاء، ومع مجيء الإسلام حاول أن يشذب هذه الحالة من التفاخر والهجاء المتبادل، وهو مأخوذ على العرب حتى الآن، وهناك كتاب ناقش هذه الحالة اسمه (العرب وظاهرة التجريح) لماذا هي تتمركز عند العرب أكثر من غيرهم؟
والإسلام حاول تهذيب هذه الحالة:
قال تعالى: ﴿لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ﴾[8]
اعذب الكلمات التي قرأتها عيناي كلماتك شرحت قلبي وتغلغلت في احشائه ولكن الواقع ليس كذالك في الواقع العديد من الناس تسابق بعضها البعض لتجرح غيرها في كلماتها اللاذعة والجارحة ,هذا واقع مؤسف ومحفز لكل ضمير حي ان يكتب ويعبر عن رأيه في تلك الاناس التي ضميرها لا يزال خاملا وحبذا لو استيقظ واحب الخير لغيره وليس انانيا يحب الخير لنفسه فقط حبذا لو قدر نعمة تطور الاعلام وخاصة التوك_باك ليعلق ويكتب امورا محسنة للصورة وليست هادمة وهامشية وانما امور مركزية ومهمة ومفيدة .
وشكرا والى الامام ايها الكاتب العظيم…..
قال الرسولُ الكريمُ محمّد (ص): “الساكتُ عن الحقّ شيطانٌ أخرس”!
وقال عليه الصلاة والسلام: ” من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”.
إذن ، محاولة الإصلاح والتقويم واجب دينيّ وأخلاقيّ.
لذلك، أحيّيك، أيها المواطن الملتزم بالحقّ والإصلاح، على طرحك العقلانيّ البناء.
بورك يراعُك، ودام عطاؤُك!
د. محمود أبو فنه
مقالة هادفة….. النقد الموضوعي البناء جزء من المجتمعات المتقدمة الناجحة.
النقد البناء عنصر هام لنجاعة العمل..وتألق الانتاج نحو الاحسن والافضل.
شكرا جزيلا للكاتب الاخ الكريم رياض مصاروة.