حقل الأشواك والرئيس الانتحاري
تاريخ النشر: 23/03/13 | 4:10لا يخفى على أحد حجم الأشواك في حقلنا السياسي الفحماوي، إذ خولت الجماهير الأحزاب والقائمين على مصالحها لاستلام هذا الحقل بغية استصلاحه من أجل أن تنال مواسم من الحصاد الحضاري على أساس المنفعة العامة، وبالفعل دخل كل القائمين لهذا الحقل الفحماوي بأرجلهم الشمال وبعكس مطمح الجماهير حتى سيطرت الأشواك على هذا الحقل فغمرت كل زهرة يانعة فيه، بل واستبدلت أزهاره بورود صناعية بلاستيكية، لذلك فقد حرم هؤلاء الدخول للحقل باستثناء (الخراف) الفاقدة لحاسة الشم والذوق، وعندما كانت هذه الخراف تكتشف الحقيقة فلم تستطع أن تعبر عن حجم المصيبة المقترنة بحجم تدفق وتطاول تلك الأشواك، وكم من الوخزات التي يتعرض لها المواطن الفحماوي داخل مؤسسات نافذة على سطح الحقل، حتى أصبحت كل مؤسسة تتصرف وكأنها ناتجة من حقل صحراوي منفرد لا من مؤسسات عليا إسرائيلية لا تراقبها بدوافع سياسية وأمنية لا اكتراثية أو حتى متغنية بتدهور الأوضاع المؤسساتية، والتي من شأنها أن تؤثر على المناخ النفسي الاجتماعي العام، حتى تصور للبعض أن أم الفحم إمبراطورية بحد ذاتها، ففيها نماذج ديكتاتورية إن كان على صعيد عبث المؤسسات القائمة ومنها البلدية وإن كان على ضوء تفرد الموظف الإمبراطوري الدكتاتوري الذي يتذرع بسلوكه بنهج المواطن وليس بالقوانين التي تعلمها واعتمدت عليها عملية توظيفه، فهو غير منضبط ويعزي ذلك لعدم انضباط المواطن الفحماوي، فأنى لذاك المواطن أن ينضبط فكرياً وسياسيا وحضاريا وهو نتاج حقل الأشواك! وقد تتمادى المؤسسات المحلية بكل فروعها ومجالاتها إن كانت بلدية أو طبية أو حكومية أو حتى ثقافية لتحدث تناقضات في المجتمع وثغرات عجزت عنها آليات عبثية العالم السفلي إلى درجة أن الموظف في كل المؤسسات وليس فقط البلدية قد يصل إلى حالة من التذمر أو التمرد ليسرق الأموال العامة ثم نراه (يتمختر) في الشارع وكأن شيئاً لم يكن! ولأن القائمين على تغذية المجتمع فكريا وأخلاقيا منشغلين بمراتب غير مفهومة إن كانت دنيوية أو أخروية، ولأن هؤلاء لم يحملوا يوما المعاول لقلع الأشواك منذ بداية نموها، ولأنهم حسبوا أنفسهم الورود التي من الممكن أن تعوض وخزات المواطنين جراء كميات الأشواك المنتشرة في كل تصرفات المجتمع وسلوكه ككل.
لذا فإن الواقع السياسي في أم الفحم ينتظر حصاده دون أن يعلم المجتمع أن موسم الحصاد الأخير سيعتمد على محصلة أشواك نمت دون معارضة منذ عقود من المواسم، خاصة وأننا سنفتقد للكثير من الحقوق في ظل قائمة وردية نزيهة، فما بالنا ونحن نتلقى الوخزات من كلا الاتجاهين اتجاه السلطة العامة الإسرائيلية والسلطة المحلية بإضافة كل المؤسسات الفاعلة على اختلافها في حين أننا غرقى في حقل الأشواك المميت هذا، لذا فلا عجب أن تظهر العائلية السياسية وأن تتكاثر بهدف استنزاف مقدرات البلد السياسية، وهذا لأن لا واقع سياسي أصلا على الصعيد المحلي الفحماوي، ولا عجب أن يتفاوض المرشحين مع أي منفس ممكن أن يمدهم بنفس اصطناعي، وهنا أحمد الله أننا أم الفحم وبرغم أثر حقلها الشوكي لم تصل بعد لمرحلة ظهور الأحزاب الصهيونية العلنية، وإلا لكانت هذه على طاولة المفاوضات لبعض المرشحين، وإن كانت العائلية السياسية لا تشكل الخطر الحقيقي في هذه الحقبة مقارنة مع استنزاف الواقع السياسي والفكري من قبل الأحزاب الفاعلة سرا وعلانية، فإن الحل الأمثل للتعويض سيكون بفتح مرحلة جديدة يستطيع من خلالها كل مواطن حمل منجل أو معول ليستأصل أي أشواك تقف حائلا بينه وبين مصلحة بلده، ولن يتم ذلك إلا بوجود رئيس انتحاري يحمل بالمعول الكبير ليكسر به كل القواعد المنحرفة المبنية على عدم احترام القوانين الأخلاقية بالتعامل إن كانت بشكل محسوبيات حزبية أو حركية أو عائلية تبنتها الأحزاب بكل قوائمها وإملاءاتها ووعودها من تحت الطاولة، ومن هنا نستطيع أن نتعرف على عدم تأثير تلك الأحزاب على المستوى الديني والفكري والسياسي والوطني لأنها رفعت شعارات المثل العليا وعانت حتى توصلها إلى الناس ومن ثم حطمت تلك القوى تلك المبادئ بيوم واحد، ألا وهو يوم الانتخابات، كما ونستطيع أن نحدد اليوم وبعد التجربة مقياس أي مرشح ديني أو حركة دينية وفق الآية الكريمة -لست عليهم بمسيطر- لا وفق طقوس ومظاهر معينة، لأن مفهوم السيطرة السياسية والإعلامية والاقتصادية والمهنية يتعارض كلياً مع مفهوم جوهر الإسلام وفق شطر هذه الآية التي قد يكتب فيها مجلدات تخصصية للعمل السياسي، لذلك على المجتمع استخراج ذاك القائد الانتحاري الذي لا يميل لمصلحة خاصة ضيقة، وعليه فإن الاعتماد سيكون لتصحيح مسار مستقبل وتاريخ أم الفحم على اللاعب الأساسي بالمعركة الانتخابية ألا وهي الحركة الإسلامية المتنحية، نظرا لثقلها ووزنها السياسي، فعليها أن تتخذ مواقفها بالعلن وأن تضع مصلحة أم الفحم فوق مصلحتها الحركية، لأن تعاملها بالسر وبالحياد سيضع أي مرشح حالي أو قادم في تخبطات ائتلافية قد تستنزفه قبل أن يجلس على مقعده لنفاجأ بلجنة معينة، فقرار التنحي وإن احترمنا ذاك الموقف فإنه لا يعد موقف بطولي، وعليه على الحركة الإسلامية أن تعالج الخلل وأن تكشف لنا مواطن الأشواك في حقل الأشواك الفحماوي، وأن ترجح كفة رئيس انتحاري يحكم كرها ولو لمدة واحدة، لذا فعلى الحركة الإسلامية والحركات والقوى الفاعلة أيضا أن تساهم في إيجاد رئيس توافقي وإدارة توافقية بغية تدارك سوء الأوضاع القائمة، لأنه وببساطة أي واقع سياسي سيسيطر على البلدية القادمة وعلى أم الفحم عامة سيكون نتاج هذه القوى جميعها بلا استثناء، فرحمة بأم الفحم واحتراما للتاريخ ورأفة بالمصداقية أن لا تخجلوا باقتحام الحقل بمعاولكم، إلا إذا كان لم يتسبب شوك الحقل لجلدكم بالوخز والقرح والألم!