لا تنسوهم في العيد

تاريخ النشر: 20/07/15 | 7:09

ها هو شهر رمضان يغادرنا، مضت أيامه المعدودة، مضت لياليه الفاضلة، مضى بما أودعنا فيه من أعمال، نسأل الله القبول.

إن الآثار الإيجابية التي تركها الصوم في نفوسنا ينبغي ألا تنطفئ وتنتهي مع انتهاء الشهر، ينبغي أن تستمر تلك الطاعات، وأن نستثمر إقبال النفس على الطاعة؛ فإن من علامات قبول الطاعة أن يُوفَّق العبد لطاعة بعدها.

أما العيد فهو عبادة شرعها الله لهذه الأمة العظيمة، وهو إظهار للسعادة والفرح بتمام الطاعة، شرع للذكر وللتكبير ولشكر المولى الكريم.

شرع الله زكاة الفطر لنغني الفقير يوم العيد، ويكون الناس كلهم معهم قوت يوم العيد، فالطعام أحد مقومات الحياة، قال : “أغنوهم عن ذُلِّ السؤال في هذا اليوم”[1].

فإن كنا مأمورين أن نغني الفقراء عن السؤال في يوم العيد، فإنا بلا شك مأمورون ألاَّ ندعهم في خوف أو جوع أو اضطهاد أو احتلال أو حصار، وكل واحد مأمور بحسبه وبحسب قدرته ومسئوليته، وليس هذا الأمر مقتصرًا على يوم العيد فحسب.

ولهذا ضرب الرسول المثال الإيجابي للمسلمين بالجسد الواحد، فقال عليه الصلاة والسلام: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى منهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَد بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”[2]. وفي رواية عند مسلم: “الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ واحِدٍ إِن اشْتَكَى رَأْسُهُ تَدَاعَى لهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالْحُمَّى والسَّهَرِ”.

إن هذا المثال النبوي بحاجة للتأمل، فَتشْبِيهه المؤمنينَ بِالجسَدِ الوَاحد تمثيل صحيح، وفيه تَقرِيب للفهم وإظْهَار لِلمعَانِي في الصُّوَر الْمَرْئِيَّة. وفي الحديث أمر لنا بأن يكون حالنا كحال الجسد الواحد الذي يتفاعل كله مع الألم الذي يحل بجزء منه، إنها صورة معنوية وحسية في الجسد علينا أن نجعل منها صورة حقيقية على أرض الواقع..

لا يمكن لفرحتنا بهذا العيد أن تنسينا إخوة لنا لم تكتمل فرحتهم لأي سبب من الأسباب، فكيف لنا أن ننسى أخواتنا وإخواننا الأسرى في سجون الاحتلال! إن 8200 عائلة فلسطينية تنتظر استقبال أبنائها الأسرى لتحتفل معهم بالعيد، فيما 300 عائلة أخرى تنتظر عودة جثامين شهدائها وشهيداتها المحتجزة لدى الاحتلال منذ سنوات لتدفن في المقابر الإسلامية.

وكيف لنا أن ننسى المسجد الأقصى المبارك! لا سيما مع ما يتعرض له حاليًا من هجمة شرسة وحملة تهويد، وكم فينا من الشوق والحنين للصلاة في مسرى رسولنا ! وما يجري من حرمان للمسلمين اليوم من الصلاة في المسجد الأقصى، يذكِّرنا بما رواه أبو ذر قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله أيهما أفضل مسجد رسول الله أو مسجد بيت المقدس؟ فقال رسول الله : “صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى، وليوشكن أن يكون للرجل مثل بسط فرشه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعًا -أو قال- خير من الدنيا وما فيها”. وفي رواية: “مثل شطن فرسه”[3]، أي: حبل فرسه.

تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال، وأعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية وقد تحقق لها النصر والتمكين، وقد تحرر الأسرى والمسرى، وكل عام وأنتم بخير.

زياد المشوخي

k

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة