بريطانيا متهمة بقتل الملياردير بيريزوفسكي
تاريخ النشر: 27/03/13 | 1:05تجد المخابرات البريطانية أنها أحد الأطراف التي يتهمها أصحاب نظرية المؤامرة بأنها «قتلت» الملياردير الروسي اللاجئ بوريس بيريزوفسكي.
ويقول هؤلاء إنه تمكن من جمع أسرار أقنعت لندن بأنه صار خطرا كبيرا محتملا في حال تسربت منه الى موسكو.
الوقع أنه منذ إعلان وفاة بيريزوفسكي الفجائية مساء الجمعة عن 67 عاما، ولهيب نظريات المؤامرة يزداد ضراوة.
وتتفق هذه على أن الملياردير «قُتل»، رغم أن الشرطة البريطانية أعلنت أن الدلائل تشير الى أنه انتحر شنقا (غالبا بسبب متاعبه المالية الكبرى) وأنها لا تشك بضلوع أي طرف آخر في الأمر. وقيل إن العملاء الروس قتلوا بيريزوفسكي بأوامر «عليا» من الكرملين (فلاديمير بوتين بعبارة أخرى).
ويذكر أن هذا الرجل المثير للجدل كان سكرتيرا لمجلس الأمن الروسي ومقربا من الرئيس السابق بوريس يلتسين، ثم اختصم مع بوتين بعد توليه الرئاسة (في عدة أمور بينها حرب الشيشان) وهرب الى الى بريطانيا في 2001 ونال فيها حق اللجوء السياسي في 2003.
ومن يومها وموسكو تحاول، بلا جدوى، استعادته لمحاكمته بتهم الفساد المالي والسياسي. ووجه فريق من أصحاب نظرية المؤامرة الاتهام أيضا الى الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش – مالك نادي «تشيلسي» الانكليزي لكرة القدم وشريكه التجاري السابق.
فالعام الماضي خاض الاثنان معركة قضائية شرسة شهيرة اتهم فيها بيريزوفسكي خصمه بأنه تحايل عليه بمئات ملايين الدولارات، لكنه خسر الدعوى بخسارة مالية هائلة.
ولهذا سرت على الإنترنت شائعات قالت إن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ألقى القبض على ابراموفيتش في أحد مطارات نيويورك، لكن ناطقا باسمه نفى هذا بالكامل.
هل قتله من آواه؟ الآن تأتي الصحف الغربية بأن الاتهامات طالت وكالتي الاستخبارات البريطانية الداخلية «إم آي 5» والخارجية «إم آي 6» بأن إحداهما – أو كلتيهما – مسؤولة عن مقتله.
وأبرز موجهي هذا الاتهام هو الروسي سيرغي ماركوف المقرّب من الكرملين.
وقال هذا الأخير إن بيريزوفسكي جمع، خلال سنوات إقامته الـ13 في بريطانيا، العديد من أسرار الدولة العليا. وأضاف أن لندن رأت بوادر تصالح قريب بين الملياردير والكرملين وعودته تاليا الى بلاده، وأنها خشيت أن ينتهي هذا السيناريو بوضع بيريزوفسكي ما يملكه من تلك الأسرار على طاولة بوتين نفسه.
لهذا، يقول ماركوف، إن لندن سعت الى قتله خنقا بالضيعة المنيفة التي تعود لزوجته الثانية وطليقته غالينا بشاروفا في آسكوت، مقاطعة باركشاير، المطلة على لندن، وتدبير الجريمة بحيث يبدو وكأنه انتحر شنقا. وهذا هو ما أعلنه الطب الشرعي (الانتحار) سببا لوفاته.
شهادة من أقارب وأصدقاء ثمة شهادة مهمة من صديق لأسرة بيريزوفسكي يدعى نيكولاي غلوشكوف (67 عاما).
وقال هذا إن طليقته بشاروفا (54 عاما) لاحظت بعيد إعلان وفاته آثار كدمات على عنقه تتفق مع ما يحدث لشخص تعرض للخنق. ويذكر أن للاثنين طفلين وأنهما ظلا على علاقة جيدة حتى بعد طلاقهما في 2010 بعد 11 عاما من الزواج.
وقال غلوشكوف إن بعض أفراد أسرته وأصدقائه عثروا عليه في غرفة الحمّام وهو بكامل ملابسه ولاحظوا وجود وشاح بالقرب من جثته لكنه كان بدون جراح أو آثار دماء.
على أن خبراء المواد الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية الذرية البريطانيين، الذين أمضوا ساعات طويلة في الضيعة الريفية يحققون في ظروف وفاته، قالوا إنهم لم يجدوا ما يشير الى تسميمه بأي من هذه المواد.
(وهذا يستبعد اغتياله على ايدي عملاء الكرملين على غرار ما حدث لعميل المخابرات الروسية المنشق الكسندر ليتفنينكو الذي اغتيل بمادة البولنيوم 210 المشعّة في 2006).
لغز مقولة إن بيريزوفسكي انتحر شنقا (الرواية البريطانية الرسمية) تصطدم بحقيقة أنه لم يترك رسالة تحسم هذا الأمر.
وهذه حقيقة يشير اليها الأقارب والأصدقاء الذين يقولون أن فكرة الانتحار «ليست واردة بالنسبة لمحارب قوي الشكيمة مثله».
ونقلت الصحف عن أحد هؤلاء قوله: «الانتحار ليس في وجدانه». ويصر هؤلاء على أن بيريزوفسكي «راح ضحية جريمة دبرها قتلة محترفون بأوامر من جهات نافذة… الكرملين على الأرجح».
لكن آخرين يقولون إنه انتحر بعدما عانى خسائر مالية هائلة تضاف الى إحساسه بأنه فقد قدرا كبيرا من نفوذه كلاعب على المسرحين السياسيين الروسي والدولي.
والآن يرد الكرملين نفسه اتهامه بقتل الملياردير على نحر لندن قائلا إنها هي الجهة ذات المصلحة الحقيقية في إسكاته وإنها لم تتوان في قتله عندما شعرت بأنه ربما عاد الى بلاده حاملا معه أسرارا تحرص على أن تظل طي الكتمان.
ليس من شك في أن وفاة بيريزوفسكي المفاجئة لغز محيّر. واليقين أيضا أنها ستظل، إلى حين قطع الشك باليقين، علفا دائما لسيل من التأويلات ونظريات المؤامرة التي لا تموت.