في الذكرى الـ 79 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي
تاريخ النشر: 28/03/13 | 14:36يحتفل الشيوعيون العراقيون ومعهم القوى الوطنية والديمقراطية المحبة للسلام والعدالة والحرية واخوة الشعوب في العراق والوطن العربي ، هذه الأيام ، بالذكرى الـ 79 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، الذي لعب وما زال يلعب ويؤدي دوراً طليعياً وريادياً هاماً ومميزاً في تاريخ العراق السياسي الحديث ، وفي التثقيف السياسي والايديولوجي والتعبئة الفكرية ، وتحريض الجماهير الشعبية المسحوفة والكادحة على المقاومة والمواجهة والنضال الوطني والطبقي ضد القهر والظلم والتعسف والاستبداد والاستغلال الراسمالي الفاحش ، وتجنيد الطاقات والقوى النضالية والفكرية ، وتوحيدها في معارك الخبز والحرية والديمقراطية والكرامة والاستقلال الوطني الناجز.
والحزب الشيوعي العراقي هو احد ابرز واهم الاحزاب السياسية اليسارية العريقة على الساحة السياسية والحزبية والتنظيمية العراقية ، وقد سبقه تشكل الحلقات الماركسية من قبل عدد من المثقفين العضويين النخبويين،الذين تأثروا بالأفكار التقدمية لآباء الماركسية اللينينية ،والتي تسلحوا بها واعتنقوها اعتناقاً فلسفياً وجدلياً بفضل المؤلفات والكتب والمطبوعات الماركسية ، التي احضروها من سوريه ، وأقبلوا على دراستها وقراءتها والتعمق فيها .
وراح هؤلاء المثقفون الواعون من حملة الفكر التقدمي الانساني والعمالي الطبقي الايديولوجي الماركسي يؤسسون العديد من الحلقات الماركسية على امتداد العراق ، وذلك بهدف شحن الجماهير وتجذير وتعميق افكار الحرية والتقدم والديمقراطية والثورة الطبقية على الظلم والاستغلال والاستلاب .
ووقف على رأس هذه الحلقات الرفاق حسين الرمال وعوني بكر صدقي ومصطفى علي وعبداللـه الجدوع ومحمد الحمد وسواهم . ولتحقيق اهدافهم بادروا الى اصدار مجلة "الصحيفة" كنشرة تعبوية ، صدر العدد الاول منها في 28ايلول عام 1924، وطرحت على صفحاتها قضايا العراق المفصلية ،وعالجت الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية فيه، وركزت هجومها على الاستعمار والاقطاع والراسمال والبرجوازيات ومظاهر الطائفية والعنصرية البغيضة . لكن هذه المجلة لم تستمر طويلاً نتيجة القمع الذي تعرضت له من قبل السلطات العراقية الحاكمة آنذاك ، التي قامت باغلاقها على خلفية توجهاتها الماركسية ومواقفها النقدية الجذرية المناهضة .
ونجحت المجموعات الماركسية الاولى ، التي ضمت بين صفوفها كلا من عبد الحميد خطيب وزكريا الياس وسامي نادر مصطفى ومحمد عبد الوهاب محمود سنة 1934 في تكوين واقامة اول خلية شيوعية بقيادة الرفيق يوسف سليمان المعروف بالأسم التنظيمي "فهد" ، واصدرت هذه الخلية منشوراً او بياناً شيوعياً بخط يد فهد تحت عنوان "يا عمال وفلاحي البلاد العربية اتحدوا". وفي اواخر آذار العام 1934 تداعت الحلقات الماركسية الممتدة والمنتشرة في العراق الى اجتماع تأسيسي اعلن خلاله عن تأسيس اول حزب شيوعي في العراق ، اطلقوا عليه اسم "لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار" ، واصدروا بياناً يناشدون فيه كل العمال والفلاحين والطلبة وكل المضطهدين للنضال والكفاح ضد الاستثمار والاستعمار البريطاني ، ومن اجل مصالحهم الحيوية ، وفي سبيل اوسع جبهة متحدة ومتلاحمة ضد مضطهدي الفلاحين والعمال والشغيلة . وتم انتخاب لجنة مركزية للحزب ، واصبح عاصم فليح اول سكرتير له .
وفي تموز العام 1935 قررت قيادة الحزب تغيير اسمه الى الحزب الشيوعي العراقي ، واصدار صحيفة ناطقة بلسانه هي "كفاح الشعب" ، وكانت تطبع سراً . ولعب الرفيق يوسف سليمان (فهد) دوراً بارزاً مهماً في بناء الخلايا الحزبية، وتعميق وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية، وغرس التقاليد الثورية في التنظيم ، والعمل وفق قواعد الماركسية اللينينية والاممية البروليتارية ، والنضال ضد مختلف الميول والتيارات والتكتلات الانتهازية الاصلاحية ، التي ادت الى انشقاق قسم منهم عن الحزب ، وذلك بعد ان اكتسب الرفيق فهد الخبرة والتجربة بفضل دراسته الحزبية بموسكو لمدة 3 سنوات ، وتسلمه منصب السكرتير العام للحزب سنة 1941الى ان تم تصفيته جسدياً واعدامه سنة 1949على ايدي جلاوزة النظام العراقي الاستبدادي .
اسهم الحزب الشيوعي العراقي في نشر وتكريس الوعي الوطني والطبقي والتثقيف بأهم القضايا والمسائل والمهام،التي تواجهها الحركة الوطنية العراقية والنضال في سبيلها ، وتعزيز كيان العراق السياسي ، ومحاربة الفقر والبطالة والتخلف الاجتماعي والتعسف الاقتصادي .
وركز على اهداف المرحلة الوطنية التحررية في الاستقلال والسيادة الوطنية وقيام نظام حكم وطني ديمقراطي ، والنضال من اجل الوحدة الوطنية بين القوميات المتآخية ، والعمل من اجل علاقات متبادلة مع الشعوب العربية ، والنضال الحازم ضد الصهيونية كحركة عنصرية، وايجاد سبل التعاون مع الانظمة الديمقراطية .
وطالب بحقوق الطبقة العاملة العراقية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحقها بالتنظيم النقابي والسياسي ، وتشكيل الجمعيات والنقابات العمالية والمهنية، وتطبيق قوانين العمل وملحقاتها ، ومن اجل ضمان اجتماعي كامل .
كما ودعا الحزب الى رفع مستوى معيشة العمال والشغيلة والناس المستضعفين بتطبيق حد ادنى للاجور ، وتأسيس نقابة تدافع عن حقوقهم .
ومنذ تأسيسه وقف الحزب الشيوعي العراقي موقفاً مبدئياً واضحاً وصريحاً ضد الصهيونية ، واحتلت القضية الفلسطينية مجالاً واسعاً وكبيراً في نشاطاته .
وفي مقالاته ومداخلاته كشف فهد جوهر الصهيونية كحركة عنصرية وفضح ممارساتها العدوانية . ونشط الحزب الشيوعي منظماته في اقليم كردستان العراق ، وساند نضال الشعب الكوردي لاجل حقوقه العادلة المشروعة ، وفي سبيل تحقيق اهدافه التحررية والوطنية والمعيشية والطبقية . كذلك اولى الحزب الشيوعي العراقي وسائل الاعلام والنشر اهمية كبيرة فأسس دار "الحكمة للطباعة والنشر" ، التي طبعت ونشرت الكراسات التثقيفية والتعبوية والايديولوجية ، التي شارك فيها الرفيق فهد والرفيق حسين الشبيبي، عضو المكتب السياسي للحزب في حينه، ومن ابرز عناوينها :" الاستقلال والسيادة الوطنية " و"الجبهة الوطنية الموحدة طريقنا وواجبنا التاريخي " و"مستلزمات كفاحنا الوطني " و"البطالة اسبابها وعلاجها" و"الوحدة والاتحاد العربي" وغير ذلك .
ولعبت صحيفة الحزب المركزية "طريق الشعب" دوراً ثقافياً وتعبوياً وتحريضاً هاماً في معارك الكفاح الوطني والطبقي ، ومعارك الخبز ، ونشر الثقافة الجديدة ، ثقافة الشعب والطبقة العاملة الكادحة ، الثقافة الطبقية . وعلى امتداد مسيرته الطويلة الغنية بالعطاءات والنضالات والتضحيات الجسام ، واجه الحزب الشيوعي العراقي الكثير من المصاعب والمعوقات ، وتعرض اعضاؤه للملاحقات والمضايقات السلطوية والبوليسية والاعتقالات التعسفية القمعية والمواجهات التصفوية ، وذاقوا جميع الوان القهر والكبت والتعذيب والترهيب والتصفية الجسدية وحبال المشانق .
لكنه اجتاز كل العراقيل، وصمد امام الطاغوت والقمع الارهابي ، وتمكن من استعادة وتعزيز نشاطه وقيادته للحركة الوطنية في العراق ، مواصلاً النضال البطولي والكفاح الوطني المثابر والدؤوب دون كلل ، وليس نضال مواسم ، وعمل على زج كل الطاقات الشعبية في زخم العملية الثورية ، ونجح في خلق اسس وتقاليد لها ، وفي تطوير مسيرتها الكفاحية المظفرة .
وهو يقف اليوم بكل صلابة في وجه مؤامرة تمزيق الوطن بالتفجيرات، وتاجيج الصراعات، وتعميق التناقضات الداخلية ، وتسعير الخلافات الطائفية وترسيخ التعصب الديني الوهابي السلفي ، ومحاربة كل اشكال الظلم والاستبداد ، ويسعى الى بناء اوسع جبهة واكبر تحالف ديمقراطي من اجل وطن حر وشعب سعيد ، وتشييد صرح مجتمع العراق الجديد الديمقراطي التعددي والمدني ، عراق الحب والتاخي والتسامح والعدل والحرية.
اننا في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي نرسل احر التحيات الرفاقية العابقة برائحة دماء الشهداء الاحرار ، الذين سقطوا دفاعاً عن الحرية والكرامة ،وعن قيم الحزب ومبادئه ، لرفاق حزب فهد وحازم وصارم وسلام وعادل ، ونعبر عن اعتزازنا بمواقفه ، ونتضامن معه في وجه القمع والكبت والارهاب الفكري ، ومع آلاف المثقفين العراقيين المبعدين عن العراق الحبيب ، وطنهم الغالي .
وكلنا ثقة بأن الشعب العراقي بقيادة حزب العمال والفلاحين ، الحزب الشيوعي ،و براياته الحمراء قادر على الانتصار وتصفية نظام الظلم والظلام ، وسوف يطلع الفجر على العراق المتعطش للفجر والحرية والفرح.