أوَبعثَ عصرُ الجاهلية من جديد؟
تاريخ النشر: 15/07/15 | 12:41هل من كبير فرق ما بين العصر الجاهلي وما تمر به امتنا العربية حالياً؟ بحسب كتب التاريخ الموثوقة والموروث الثقافي، فان العرب في الجاهلية كانوا قبائل متناحرة متقاتلة تغضب لأتفه الأسباب وتثور، وتشعل الحروب الطاحنة، وتبقى مستعرةً الى ما شاء الله. فحرب البسوس، وما أدراك ما حرب البسوس، قد دُقّت طبولها، واتقدت نيرانها، وحصدت الارواح وهجَّرت القبائل، وباعدت ما بين القريب والحبيب، حتى اخذت بعض القبائل العربية تستجير وتحتمي باخرى للتحالف ضد ابناء العمومة والاشقاء. وحرب داحس والغبراء التي ما حدثت لولا” الدهاء والمكر والخديعة” من البعض لافشال السباق مابين الفرسين المتسابقين، واستمر القتال كذلك الى درجة تشبه التصفية العرقية ما بين مشجعي” داحس” ومشجعي” الغبراء”. ويوم حليمة، وما يوم حليمة بسر، والحروب تترى بين القبائل الى الحد الذي حاول البعض من العرب اذكاء نارها حتى في عهد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حين تنادى البعض بحشد القبائل قبل ان يثنيهم عن ذلك عليه السلام قائلا:” أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم، دعوها فإنها منتنة”، أو كما قال عليه السلام. هل طبيعة العربي نارية وثورية وتغضب لابسط الامور، وتجتاح الاخضر واليابس لتخلِّفه عصفاً مأكولا، وأرضاً يبابا ؟ إن كان ذلك كذلك، فهل للبيئة الصحراوية وصعوبتها وقساوتها ومجابهة الوحوش الضارية والمفترسة، اسهام في تكوين البشر في عصر ما قبل الاسلام؟
فمدى الفخر بالنفس والاستعلاء على الاخر- ان مسه الخير- يجعله يتيه على من يستشعر منه الخطر،أو يظن بأنه يحاول الايقاع به.
اذا بلغ الفطام لنا رضيع /// تخر له الجبابرة ساجدينا الله اكبر كم وصلت الامور في الفوقية والاستعلاء على الآخر، بحيث أضحى السجود لهذا الرضيع على قدم المساواة معه للخالق، ولو من الناحية المجازية، أو ربما ما زال متأثراً بما كان يفعله الاباء والاجداد في السجود للاصنام ك” اللات والعزى، وهبل ومناة،…الخ”. ونشرب ان وردنا الماء صفوا /// ويشرب غيرنا كدرا وطينا
فاين نحن من كليب بن وائل وعزته وجبروته، واستيلاءه على مهابط الغمام والزروع بوضعه جرو كلب في المساحات الخضراء، إذ تعتبر محمية له وتحرم – بالقانون الجاهلي- على الغير؟ يبدو أن حليب الامهات والجينات يوجههم ذات اليمين وذات الشمال، في كبح الاخرين وامتهان كرامتهم والدوس على شرفهم، وجعلهم عبيداً بكل ما اوتي من قوة. فالمرء، حتى العادي، أصبح يعقد مقارنة ما بين طبيعة العربي الجاهلي، وطبيعته الحالية التي لا تختلف عن السابقة كثيرا، على الرغم من تلاوته القرآن لأربعة عشر قرنا، ولم تتغير تلكم الطبيعة. فهل- على ما يبدو- أن قدر العرب أن تكون سيوفهم مكسورةٌ أغمادُها الى يوم الدين؟ من السهولة بمكان قدح الشرارة، لكن الصعوبة اطفاء جذوتها. وما الحرب الا ما علمتم وذقتم //// وما هو عنها بالحديث المرجم فرفقا بالسيوف المشرعة، ولتدَّخر ليوم كريهة وسداد ثغر. فالأمل بالمولى عز وجل، أن يضفي الطمأنينة والهدوء على بلاد العرب، كي تعيش وتبدع، وتضع لها موطئ قدم في النهضة الكونية، اسوة بغيرها من دويلات العالم التي تنعم بالرفاه الانساني والاجتماعي، وتنام قريرة العين وملئ الجفون، بل وتحلم احلاماً جميلة. فالخارطة العربية اصبحت شبه ممزقة، وشعوبها اضحت كالأيتام أو شبه ، يحملون الهمَّ على الأكتاف، والحرقة في القلوب، ويمتطون المجهول. هل بعد هذا من فرج؟
اصحاب الربط والحل من العقلاء كثر، وما تزال الامة بخير مصداق قول المولى عز وجل: “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة” وقول الحبيب عليه السلام: “أمتي كالمطر، لا يدرى، الخير في أوله أم في آخره”. نسأل الله تعالى أن تكون سحابة عابرة، وبعدها يلتئم الشمل، وتعود اللحمة الى ما كانت عليه، وتشرق شمس المحبة من خلف الغمام لتعيش الاجيال القادمة في حب ووئام.” إن هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون”. صدق الله العظيم.
يونس عودة – الأردن