يوم الارض-المخاض والولادة
تاريخ النشر: 29/03/13 | 10:44تحيي الجماهير الفلسطينية في اسرائيل يوم الارض الخالد ويستدعي هذا الامر من جانبنا، بالضرورة، وقفة تهدف إلى إعادة الاعتبار ليوم الأرض، ذلك اليوم الوطني الخالد، وكذلك، ووقفة نستعرض خلالها الظروف والتداعيات والتفاصيل التي رافقت يوم الارض ، يجدر الإشارة إليها، لا بل من الضروري والأهمية، التعرف عليها والكشف عنها وإشهارها للجميع وخاصة وانه نلاحظ انه نشأت بيننا أجيال تجهل وقائع مخاض وولادة يوم الأ رض مما يستدعي عرضها بالتسلسل الزمني كما يلي.
1. في أوائل عام 1975 اعلنت حكومة اسرائيل عن خطة لتهويد الجليل تحت عنوان: مشروع "تطوير الجليل"، وهي الخطة التي تعد من أخطر ما خططت له حكومة إسرائيل ؛ إذ اشتملت على تشييد ثمان مدن صناعية في الجليل مما يتطلب مصادرة الأراضي العربية. ممثلي اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية التي كانت قد تاسست في سنة 1974 وكانت قد التقت وشخصيات سياسية يهودية وعربية مع ممثلي الحكومة وموظفيها في محاولات لاقناعهم بالعدول عن خطة التهويد الا ان محاولاتها باءت بالفشل.
2. في تاريخ 29.7.1975 عُقد اجتماع للتشاور في حيفا، حضره عدد من المبادرين لحملة الاحتجاج على مصادرة الأراضي، وقد ضم هذا الاجتماع عدداً من رؤساء المجالس المحلية، ومحامين، وأطباء، ومثقفين وصحفيين، وأصحاب أراضي وتقرر في هذا الاجتماع، تأليف لجنة للدفاع عن الأرض سُميت باللجنة القُطرية للدفاع عن الأراضي.
3. وفي تاريخ 15.8.1975 عقد اجتماع جماهيري كبير في الناصرة ضم المئات من الشخصيات العربية واليهودية ورؤساء واعضاء سلطات محلية وعمال وفلاحين وطلاب وخريجين واعضاء كنيست من مختلف الانتماءات السياسية ومما تمخض عنه هذا الاجتماع قرار تأسيس لجنة الدفاع عن الاراضي العربية. وانتخبت لجنة تحضيرية تعد لعقد مؤتمر شعبي كبير، الذي انعقد فعلا في تاريخ 18.10.1975 في سينما الناصرة بالناصرة، حضره عدد كبير من الشخصيات واعضاء الكنيست والرؤساء، وبرز فيه مشاركة ديمقراطية يهودية عديدة واتخذ المؤتمر عدة قرارات نددت بسياسة المصادرة وناشد المؤتمر السلطات المحلية العربية القيام بكل عمل مشروع دفاعا عن الارض في قراها ومدنها.
4. في بداية سنة 1976 نشرت دائرة اراضي اسرائيل اعلانا بصدد مصادرة اراضي منطقة المل (منطقة رقم 9) بموجب قانون الاراضي الانتدابي من سنة 1943 (تمليك للصالح العام). هذه الاراضي تقع ضمن مساحات القرى، سخنين وعرابة ودير حنا، وتبلغ مساحتها 60 الف دونم. استخدمت هذه المنطقة بين السنوات 1942-1944 كمنطقة تدريبات عسكرية للجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، مقابل دفع بدل استئجار لاصحاب الأرض.
5. في تاريخ 13.2.1976 اصدرت الحكومة قرارا بإغلاق منطقة المل (منطقة رقم 9) ومنع السكان العرب من دخول المنطقة.
6. في تاريخ 14.2.1976 عقد مؤتمر شعبي في مدرسة سخنين الثانوية حضره حوالي خمسة آلاف شخص واعضاء الكنيست توفيق طوبي وتوفيق زياد وحماد ابو ربيعة وعدد من المحامين والمثقفين والطلبة ووفود الفلاحين والعمال من مختلف انحاء البلاد. وفي هذا الجو المشحون بالاستنكار الشعبي لخطوات المصادرة التعسفية واتساع حلقة احتجاج الجماهير اليهودية، قرر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمل من اجل اعلام وتنظيم اضراب عام احتجاجي تقوم به الجماهير العربية لدعم المطالبة بالغاء قرار المصادرة الظالم، وطلب من اعضاء الحزب العاملين في مختلف الهيئات الشعبية العمل من اجل اعلان الاضراب وانجاحه.
7. في تاريخ 1976/3/1 صدرت وثيقة متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية (وثيقة كيننغ) كاقتراح لتهويد الجليل واتخاذ إجراءات سياسية إزاء معاملة الأقلية العربية في إسرائيل.
أهم بنود الوثيقة:
أ. .تكثيف الاستيطان اليهودي في الشمال (الجليل).
ب. إقامة حزب عربي يعتبر "أخا" لحزب العمل ويركز على المساواة والسلام.
ت. رفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الامور العربية.
ث. إيجاد إجماع قومي يهودي داخل الاحزاب الصهيونية حول موضوع العرب في إسرائيل.
ج. التضييق الاقتصادي على العائلة العربية عبر ملاحقتها بالضرائب وإعطاء الأولوية لليهود في فرص العمل، وكذلك تخفيض نسبة العرب في التحصيل العلمي وتشجيع التوجهات المهنية لدى التلاميذ.
ح. تسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى خارج البلاد ومنع عودتهم إليها. أرض المل: منطقة رقم 9.
8. في تاريخ 6.3.1976 عقدت لجنة الدفاع عن الأراضي اجتماعا موسعا في الناصرة دعت فيه الى اعلان الاضراب العام في يوم الثلاثاء 30.3.1976 احتجاجا على سياسة مصادرة الارض العربية والى تنظيم الوفود الشعبية والقيام بمظاهرة امام الكنيست في القدس لدعم المطالبة بالغاء اوامر مصادرة الارض العربية.
9. هذا الجزء الثاني من القرار – المظاهرة امام الكنيست في نفس يوم الارض – الغي فيما بعد. وللتركيز على إنجاح الاضراب العام تقرر إبقاء العاملين المركزيين في قراهم قريبين من جماهير الشعب.
10. وفي تاريخ 8.3.1976 نشرت في "هآرتس" عريضة موجهة الى حكومة اسرائيل وقع عليها العشرات من الشخصيات اليهودية مطالبة الحكومة بالغاء اوامر المصادرة وتؤكد على حق المواطنين العرب بالاضراب في وجه التحريض العنصري ضد الجماهير العربية.
11. في تاريخ 20.3.1976 عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي دورتها الـ 24 وفي قرار خاص لها دعت القوى الديمقراطية والجماهير العربية الى انجاح اضراب يوم الارض. ومع انتشار قرار الإضراب والتجاوب الجماهيري معه وبدء التنظيم الواسع له اشتدت مقاومة السلطة للإضراب، بالتحريض والتهديد من جهة، وبتجنيد الأعوان للدعوة لإلغاء الإضراب.
12. في تاريخ 25.3.1976 يوم الخميس وفي ظل هذا النشاط السلطوي عقد اجتماع لرؤساء السلطات المحلية العربية في دار البلدية في شفاعمرو وقد حضر إلى دار البلدية في شفاعمرو عدد من المسئولين الإسرائيليين، كان من بينهم: شموئيل طوليدانو مستشار رئيس الوزراء، ويسرائيل كينغ حاكم اللواء، وضباط من الشرطة ورجال المخابرات والشباك، ليشرفوا بأنفسهم على إفشال مشروع يوم الأرض، مستخدمين مختلف وسائل التهديد والوعيد، الترغيب والترهيب، ورددوا على مسمع كل رئيس سلطة محلية جملتهم المشهورة: دير بالك ما في يوم أرض، دير بالك!! في الاجتماع قدم عدد من الرؤساء الموالين للسلطة اقتراحا بالغاء الإضراب ولكنهم جوبهوا بمعارضة من الرؤساء االشيوعيين والجبهويين وهم: توفيق زياد (الناصرة)، حنا مويس (الرامة)، محمد محاميد (ام الفحم)، يونس نصار (طرعان)، محمود نعامنة (عرابة)، اسعد يوسف كنانة (يافة الناصرة)، جمال طربي (سخنين)، حسن محمود خطبا (الرينة)، محمد زيدان (كفر مندا)، امين عساقلة (المغار(، احمد مصالحة (دبورية)، وعارض هؤلاء مؤامرة إلغاء الاضراب وانكروا على رؤساء المجالس، الذين طلبوا إلغاء الإضراب، حق الدعوة لذلك، لان صاحب الدعوة ومنظم الإضراب هو لجنة الدفاع عن الأراضي. وكانت جلسة صاخبة يومها وقف توفيق زياد ورفاقه وقفته الشجاعة وقال جملته الشهيرة (الشعب قرر الإضراب).
انتظمت خارج قاعة اجتماع الرؤساء مظاهرة شعبية نظمتها شبيبة الحزب الشيوعي تنادي بالإضراب فاقحمت الشرطة نفسها بالمظاهرة واستفزت المتظاهرين ، وكانت اعتقالات وإرهاب وتحريض سلطوي وتهديد في وسائل الإعلام، وفي جو النشاط السلطوي المسموم والتهديد ضد الجماهير والعمال والمستخدمين بدأت تظهر بعض أصوات التردد بالنسبة للإضراب. وكان هناك من دعا إلى "التريث" وإعادة النظر في قرار الإضراب. وفي هذه الأجواء عقدت الحكومة اجتماعا استمر أربع ساعات تقرر فيه تعزيز قوات الشرطة في القرى والمدن العربية للرد على الإضراب والمظاهرات. وقامت قيادة الهستدروت بتحذير العمال وتهديدهم باتخاذ إجراءات انتقامية ضدهم، وقرر أرباب العمل في اجتماع لهم في حيفا طرد العمال العرب من عملهم إذا ما شاركوا في الإضراب العام في يوم الأرض. كذلك بعث المدير العام لوزارة المعارف تهديدا إلى المدارس العربية لمنعها من المشاركة في الإضراب.
وفي تاريخ 26.3.1976 يوم الجمعة عقد المكتب السياسي للحزب اجتماعا عاجلا في حيفا في بيت الرسام عبد عابدي القريب من مكاتب "الاتحاد". حضره: ماير فلنر، اميل حبيبي، اميل توما، صليبا خميس، سليم القاسم، جمال موسى، رمزي خوري، حنا نقارة وتوفيق طوبي. وكانت مداولة مختصرة استبعدت كل دعوة لإلغاء الإضراب أو تأجيله. وأقرت خطوات إضافية وتوجيهات لفروع الحزب الشيوعي في كافة القرى والمدن العربية لتنشيط الاستعدادات للإضراب وللتصدي للإجراءات القمعية ولإنجاح الإضراب.
13.في تاريخ 30.3.1976 يوم الثلاثاء منذ الصباح الباكر كان مكتب جريدة "الاتحاد" في حيفا (المكاتب الحالية في شارع الحريري) مركزا لاستقبال المعلومات حول سير الإضراب. وجاءت أنباء المجزرة في سخنين وعرابة وبعد ذلك في كفر كنا والطيبة إلى جانب أنباء إجراءات السلطة القمعية وشمولية الإضراب. وعلى خلفية أحداث يوم الأرض التاريخية تقدمت كتلة الحزب الشيوعي في الكنيست بطلب نزع الثقة عن الحكومة وكانت تلك الجلسة إحدى الجلسات التاريخية الصاخبة في حياة الكنيست.
بفعل الضغوطات التي مارستها السلطة على رؤساء السلطات المحلية لإفشال يوم الأرض الأول أنقسم الرؤساء بين مؤيد وعارض للإضراب لكن جماهيرنا العربية وقفت موحدة أمام السلطة وصدت ممارساتها وخرجت للتظاهر موحدة بوحدة لم يسبق لها مثيل وصنعت يوم الأرض وبخلاف رؤساء سلطاتها المحلية تجلت وحدة كفاح جماهير يوم الأرض ووحدة نضالها ليس من أجل الدفاع عن الأرض والمسكن فقط بل ضد سلسلة سياسات التمييز والخناق والتضييق التي مورست عليها ومن اجل حقوقها الوطنية والمدنية المسلوبة فهذه قيم وأخلاق يوم الأرض وهذا جزء مما تبقى لنا من موروث وطني وثقافي وإنساني واجتماعي، ما يجب أن نغرسه ونرعاه في مجتمعنا، لينتقل من جيل إلى جيل.
بارك الله فيك اخي الغالي المحامي محمد يحيى على هذه المعلومات الصحيحة والدقيقة لكي يعي شبابنا تلك الفترة الزمنية من نضال شعبنا ضد سياسات القهر وسلب الارض–وان الحزب الشيوعي والجبهة هم ركائز ذالك اليوم العظيم–وان شعبنا الفلسطين لن يسمح لليهود اخذ ارضه عنوة
شيئ جميل جدا وشكرا لهذه المعلومات القيمه التي لم اكن اعرفها