جولة في غانيه تال -3-!
تاريخ النشر: 16/07/15 | 8:04أحدثت خطة فك الارتباط جدلاً واسعاً على المستوى الداخلي الإسرائيلي، فقد واجه رئيس الوزراء “أريئيل شارون” معارضتين حاميتين: معارضة حكوميًة، وأخرى استيطانية، على الرغم من تمرير الخطة على الكنيست الإسرائيلي، بعد القراءة الثالثة في 16 فبراير/شباط 2005، بأغلبية 59 مقابل 40 صوتاً وامتناع 5عن التصويت، وتجدر الإشارة إلى أن مجموع أصوات الأحزاب العربيّة المسجلة في الكنيست، هي التي رجّحت تمرير الخطّة.
فبعض الوزراء ومنهم من هم ينتمون إلى الحزب الحاكم نفسه، أعربوا عن معارضتهم للخطة باعتبارها ضارة بالاستراتيجية الإسرائيليّة ككل، وتنازلاً من غير حساب (للإرهاب والإرهابيين) من جهةٍ أخرى، وأعلنوا بأنهم يشعرون بخيبة أمل من سياسة “شارون” غير الحكيمة، والتي كانت مُخالفة بالمطلق لوعوده التي قطعها على نفسه قبل انتخابه، وعزز ذلك الشعور لديهم، رفضه عرض الخطة على استفتاء شعبي.
الأمر الذي اضطر “شارون” نهاية المطاف، إلى اتخاذ قرار بعزلهم عن الحكومة والاستغناء عن خدماتهم، ووصل به الحال إلى التنكّر لمساهماتهم في وصوله إلى الفوز برئاسة الوزراء، وبشأن تسمين سطوة حزب الليكود على الساحة السياسية الإسرائيلية، وبالنسبة لهم فقد خضعوا لقرار العزل حتى على الرغم من قناعتهم بمزايا الخطّة آنفة الذكر، بسبب أن المخاوف لديهم باتت أكبر من تلك المزايا، وفي ضوء أن أكثرها لم تخضع للحسابات كفاية، كما وأنها ليست مضمونة العواقب.
وأمّا المعارضة الاستيطانية، فقد كانت أشد وطأة، سيما وأنها بدت على صنفين (قومي- ديني)، وبغض النظر عن موافقة بعضاً من المستوطنين للمغادرة طواعيةً، مقابل التعويضات – الباهرة- التي كان الكنيست قد أقرها في أوقات سابقة، فقد تمثّلت معارضة أصحاب النظر القومي، في تخوّفاتهم من أن تُودي الخطة بالمصير المثالي للصهيونية، وتمثّلت نظرة أصحاب التوراة، في حُرمة التخلّي عن أي جزء من أرض إسرائيل.
في أعقاب صدور أمر احترازي من المحكمة العليا الإسرائيلية بوقف تنفيذ الخطة، في أعقاب تقديم المستوطنين طلباً لإحباطها، كان القرار داعياً لأن يبتهج معارضي الانسحاب من الإسرائيليين بشكلٍ عام، والمستوطنين بخاصة، الذين شرعوا بإظهار السرور والفرح، وسارعوا إلى مزاولة طقوس الانتصار، والتي على رأسها، نهوضهم بشراهة أكبر، إلى وضع حجر الأساس لأبنية استيطانية جديدة.
لكن احتفالاتهم توقفت تماماً، عندما بدأ الجيش الإسرائيلي مهمّة إخلاء من آثر البقاء قسراً، وخاصة الذين رفضوا مغادرة المستوطنات في الفترة ما قبل 15 سبتمبر/أيلول 2005، ونشأت في مقابل ذلك، مواجهات طاحنة وأعمال فوضى، والتي لم تسفر عن تأخير تنفيذ الخطة حتى دقيقة واحدة، وإن أسفرت عن أضرار ماديّة ومعنويّة والتي كانت ما بين خفيفة ومتوسطة.
السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس “أبومازن” وصفت الخطّة بأنها جيدة، ولكنها غير كافية إلى الحد الذي يُرضي الطموح الفلسطيني، وإن لخدمة المرحلة نفسها على الأقل، إلى جانب أنها كان يجب أن تكون ضمن العملية السياسية الجارية، وليس في إطار انفرادي ودون التنسيق معها، على الرغم من تواجد تنسيقات ظاهرة معها، باعتبارها قيادة فلسطينية جديدة، بعد أن كان “شارون” مصراً على عدم إشراك الجانب الفلسطيني، والرئيس “أبوعمار” تحديداً، بشأن تنفيذ الخطّة، بسبب اتهامه صراحةً برعاية وتمويل الإرهاب الفلسطيني، وبأنه ليس شريكاً للسلام.
ومن ناحيةٍ أخرى، قامت السلطة إلى التقليل والسخرية أيضاً، من أن المقاومة (حماس والحركات المنضوية تحت جناحها، وجهات نضالية أخرى)، كانت السبب من إقدام “شارون” على اتخاذ مثل هذه الخطوة وإصراره على تنفيذها، واستبدلت ذلك بأن السياسة الإسرائيلية هي التي قضت بذلك، نتيجة المخاوف من تصاعد الضغوطات الدوليّة باتجاهها، والتي ما فتئت تمثّل حرجاً أكبر لإسرائيل.
حركة حماس، اعتبرت أن الخطّة جاءت تحت ضربات المقاومة فقط، ومن ناحيتها، عملت على التقليل- إلى الحد الصفري – من العملية السياسية التي اعتمدتها السلطة، والتي استمرّت على مدار أكثر من 10 سنوات متتالية، باعتبارها مضيعة للوقت ليس إلاّ، وأردفت بأن المقاومة وحدها، هي السبيل الوحيد أمام الفلسطينيين لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ولتحرير الأرض والإنسان… يتبع
د. عادل محمد عايش الأسطل