اعذرونا يا شهداء الأرض لأننا نضيع مجدكم وتاريخكم النضالي بظاهرة العنف
تاريخ النشر: 30/03/13 | 10:18قبل ما يقارب الاربعة عقود قامت المؤسسة الاسرائيلية في مخطط لتهويد الجليل هدفه إفراغ الجليل من أهله الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها، وقاموا على اثره بمصادرة أكثر من عشرين ألف دونم من أراضي قرى سميت لاحقاً بمثلث يوم الأرض في منطقة الجليل الأوسط وتضم قرى عرّابة وسخنين وديرحنا، فهبت على أثر ذالك القرار الجماهير العربية وأعلنتها صرخة احتجاجية في وجه سياسات المصادرة والاقتلاع والتهويد .
احتجاجات صاخبة ومدوية
فبدأت الاحتجاجات صاخبة ومدوية في القرى العربية ومنها قرية ديرحنا، وتحديداً في يوم 3/29 انطلقت مظاهرة شعبية في ديرحنا، فقمعت هذه المظاهرات بالقوة، وعلى إثرها خرجت مظاهرة احتجاجية أخرى في عرابة، فقد داهمت قوات الشرطة، وحرس الحدود قرية عرَّابة وأخذت تستفز الفلسطينيين بالضرب وإطلاق النار، وقد اشتبكت مع الأهالي واستشهد نتيجة ذلك أحد الفلسطينيين ويُدعى خير أحمد ياسين وكان أول شهداء يوم الأرض. وفي اليوم الثاني أي يوم 30/03/1976 أصدرت الشرطة أمراً بمنع التجوال لمدة 24 ساعة في قُرى الجليل والمثلث، وتفرقت سيارات الشرطة في القرية وأخذت تُنبه الأهالي، وتُهدد من يُحاول الخروج من منزله، ولكن التهديدات لم تُثنِ الفلسطينيين عن التعبير عن سخطهم وحقدهم، وخرج الشعب إلى الشوارع، واشتبك الجيش مع الأهالي في معركة لم يسبق لها مثيل.
خرق نظام منع التجول
لم تكن هذه المعركة هي الوحيدة في ذلك اليوم، فقد عمّت المظاهرات جميع قُرى ومدن الجليل في قرية سخنين، وزعمت قوات الاحتلال الصهيونية أن الأهالي خرقوا نظام منع التجول وهاجموا قوات الشرطة التي اضطرت بزعمها إلى استعمال القوة، وإطلاق النار الذي أدى إلى استشهاد ثلاثة من أهالي القرية هم الشهيدة خديجة شواهنة، والشهيد رجا أبو ريا والشهيد خضر خلايلة، أما في قرية كفركنا، استُشهد شاب يدعى محسن طه وجُرح آخرون وفي قرية الطيبة، وحاولت قوات الشرطة تفريق المتظاهرين بالهراوات والقنابل وسقط الشهيد رأفت علي زهدي والذي جاء من قرية نور الشمس ليعم الصخب والغضب والمظاهرات كافة القرى العربية مثل الطيبة وطمرة وكسرى، وكفرقاسم وقلنسوة وغيرها.
فسلام على شهداء يوم الأرض خير ياسين، رجا أبو ريا، خضر خلايلة، رأفت الزهيري، حسن طه، خديجة شواهنة الذين رووا ثرى هذه الأرض بدمائهم وزكوها بنضالهم فحق علينا أن نخلد ذكراكم بغصن زيتون اصطبر على وجعه سنين طوال، فهذا اليوم شهد له القاصي من بعيد والداني من قريب، انكم الذين انتصرتم لصبرنا المعجون بالظلم، فأسماؤكم حفرت بالصخور ومازال اثرها في حياتنا. وثبت أن ما حسبت غولدا مئير قد فشل فشلاً ذريعا في مقولتها إن الكبار سيموتون والكبار سينسون وأنه قد نقش على الرمال المتحركة!
ظاهرة القتل والعنف
لكن اعذرونا يا شهداء الأرض، فقد بتنا نضيع مجدكم وتاريخكم النضالي رويداً رويداً وبأذرعتنا وسواعدنا، فبدل أن يذكر الوسط العربي بتاريخه المشرف اصبح تاريخنا دموي بحت، فقد ظهر جلياً وخاصة في السنوات الاخيرة، ظاهرة العنف والقتل فقد فقدنا من خلاله اكثر من مئة قتيل وجريح من شبابنا في الوسط العربي، وهذه المرة ليست بمواجهة امام"جيب عسكر "، او تصدٍ لرشاش ومدفع او محاولة لفك امر منع تجول، او لمنع مصادرة ارض، انما تحت ما يسمى ظاهرة القتل والعنف فقد انتكس ابناؤنا فاصبحنا نقتل باسم العائلية ونسفك الدماء باسم الرجولة والكرامة واشتهر وسطنا العربي بالعنف المستشري يوميا في قرانا ومدننا، فلا توجد قرية تقريبا لا تفوح فيها رائحة رصاص من خلال "طوشة " او اطلاق نار او اصابة او قتل.
بحر الدماء اليومي التي بتنا نغوص فيه بدون رقيب ولا حسيب، فيا ابناء الوسط العربي لا تسقطوا عقال ومجد اجدادكم ولا تضيعوه تحت رشاشات غادرة.