ارادة المقدسي بتعمير أرضه تنتصر على غطرسة الجلاد
تاريخ النشر: 30/03/13 | 22:33مشهد المظاهرات والاعتصامات هو المشهد الغالب في ذكرى يوم الأرض، لكن "مؤسسة القدس للتنمية" وللسنة الثالثة ارتأت أن تزيد عليه مشهدا جميلاً جليلاً عظيما يُضاف الى المشهد العام، وبطبيعة الحال فقد سجلت هذه المشاهد في مدينة القدس المحتلة، في مواقع محيطة بالمسجد الاقصى والقدس القديمة، انه مشهد تنظيف الأرض وزراعتها بشجر التين والزيتون، أليس جبل الطور هو المسمى بجبل الزيتون وقد زرع فيه على مدار مئات ان لم يكن آلاف السنين شجر الزيتون والتين.
في ساعات الصباح الباكرة كان من المفترض أن ارافق الاستاذ أحمد محمود جبارين – رئيس مؤسسة القدس للتنمية- من اجل المشاركة في فعاليات يوم الأرض في القدس وتغطية وقائع العمل فيها، حيث اعلنت المؤسسة عن فعاليات تحت شعار "احفظوا أراضي القدس"، ولكنه اختار ان يسبقني الى أرض المؤقت، تلك الأرض الاستراتيجية الثمينة التي تقع على سفوح جبل الطور، تقابل المسجد الاقصى، واخترت ان تكون محطتي الاولى صباحاً الى قرية برج النواطير- النبي صموئيل- القرية الفلسطينية العريقة التي فشلت العصابات الصهيونية احتلالها عام 1948م ، واحتلتها عام 1967م، وهو-أي الاحتلال- في هذه الايام تشنّ عليها وعلى مسجدها عدواناً وحصاراً خانقا، وما لبثت ان حطت قدماي ارض قرية برج النواطير، واذ بالأستاذ خالد زبارقة – مدير "مؤسسة القدس والتنمية" قد وصل للتو، الى مكتب المؤسسة في القدس مبكرا، يتصل ليطمأنني على الوضع والترتيبات الميدانية، اتصالات حثيثة تبادلتها مع الاخوة الاعلاميين والصحفيين كي نلتقي في ارض المؤقت لتكون محطتنا الأولى في تغطيتنا لوقائع نشاط يوم الارض في القدس.
التقينا هناك، والقبتين الذهبية والرصاصية في المسجد الاقصى تتلألأ، وعظمة الاقصى بمساحته الواسعة تتجلى أمام ناظريك، وبدأ الشباب وكبار السن من أهل القدس ووجهائها يصلون الوفد تلو الآخر، وكذا الامر من وفود الداخل الفلسطيني، وبدأت عملية التعمير، تنظيف الارض، ثم حفر حفر مناسبة لزراعة اشجار الزيتون والتين والحمضيات، بعدما تلقوا تعليمات من المهندس الحاج مصطفى أبو زهرة، بصفته مهندساً زراعياً ، وتلقى الجميع تعليماته بالرحب والسعة، كيف لا وهو أحد وجهاء القدس، حيث تجده أمامك في كل مناسبة خير.
وخلال دقائق معدودة وبعزيمة وقّادة، وبحضور أصحاب الأرض الشقيقين يوسف وأيمن المؤقت ، كان العمل يتقدم على مساحة الارض كلها، هذا ينظف ، وذلك يحفر، وذاك يحمل الشجرة ويزرعها، وآخر سيقيها بالماء، الفرحة والبهجة ارتسمت على الوجوه كلها.
لكن يبدو أن هذا المنظر المهيب والعمل الجبار، والارتقاء بيوم الارض الى عمل ميداني يحفظ الارض، فهذا ما لم يعجب الاحتلال، تصل سيارة الشرطة الاولى، وتبدأ المكالمات المكوكية، تصل السيارة الثانية، ثم سيارات القوات الخاصة المدججين بالسلاح، ويبدأ مشهد صراع الارادات، صاحب الارض والحق والتعمير، يصرّ على مواصلة زراعة ارضه وفلاحتها بمساعدة من جاء من المتطوعين، لكن الجلاد المحتلّ يريد أن يمنعه، يحاول ارهابه، ثنيه عن مواصلة العمل، بشتى الحجج الواهية، يطلب المزيد من القوات، لكن زراعة الارض بالزيتون تستمر،ولم يكن امام الاحتلال الا ان يعتقل الشقيقين المؤقت، ويحقق معهما بـ"تهمة " التسلل الى ارض الدولة، اما الناشط المقدسي فخري ابو ذياب فقد اعتقل بتهمة انه يحاول زراعة شجر زيتون في ارض ليست له، ساعات من التحقيق والادعاء الباطل ، ثم يتم الافراج عن الثلاثة دون قيد وشرط.
انها ارادة الانسان المقدسي بالتعمير، تنتصر على غطرسة الجلاد، وان كان مدججا بكل انواع السلاح.
انها ارادة المقدسي وحبه لأرضه وزيتونها، انها ارادة المقدسي الذي يدافع عن قدسية المدينة وطهارة مسجدها الاقصى.
هذه ارادة المقدسي، انتصرت في ارض المؤقت ، وسلوان، وحي البستان والثوري، وحي وادي ربابة، وقرية برج النواطير .
انه يوم الارضي المقدسي سجل مشاهد العزة والفخار والصمود والاصرار بالرغم عن أنف الجلاد، وليفعل بعد ذلك ما بدى له، فإن ايامه في القدس معدودة.
محمود ابو عطا وانس غنايم