حاتم جوعية بلقاء مع الشاعر الكبير سامي مهنا
تاريخ النشر: 22/07/15 | 8:17مقدِّمة وتعريف: الشاعرُ القديرُ الأستاذ المُحَامي”سامي شريف مهنَّا ” من سكّان قريةِ ” البقيعة ” الجليليَّة، عمرُهُ 43 سنة (مواليد عام 1971)، متزوِّجٌ ولهٌ ولد وبنت (ولاء وبهاء)، أنهى دراسته الثانويَّة في المدرسةِ الشاملةِ مركز الجليل – وبعدها درسَ موضوعَ الحقوق في جامعةِ أسيتلندن – بريطانيا – وحصل منها على شهادةِ الليسانس قي الحقوق وبدأ في مزاولةِ مهنةِ المحاماة منذ عام 2004. يكتبُ الشعرَ والدراسات الأدبيَّة والمقالات على أنواعها منذ نعومةِ أظفاره. نشرَ الكثيرَ من إنتاجهِ الكتابي في معظم الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المحليَّة وخارج البلاد.. صدرَ لهُ أربعة ُ دواوين شعريَّة. وهو مؤسِّس ورئيس إتحاد الكتاب الفلسطينيِّين في الداخل. حققَ الأستاذ الشاعر سامي مهنا شهرة ً وانتشارًا واسعًا على الصَّعيد الأدبي والثقافي محليًّا وخارج البلاد وفي المناطق المحتلَّة – عام 1967 (داخل الخط الأخضر)، كتبَ عنهُ وعن إنجازاتِهِ وإبداعاتِهِ الأدبيَّة العديدُ من الادباءِ والنقاد المحليِّين والعرب وأجروا معهُ الكثيرَ من اللقاءاتِ الصحفيَّة، وهو نشيط ٌ أيضًا على الصَّعيد السياسي وفي الحركة الوطنيَّة الفلسطينيَّة المحليَّة منذ مطلع شبابهِ وملتزمٌ في مبادئِهِ ومواقفهِ ولم يتعامل مع المؤسسَّات والأطر السلطويَّةِ والفعاليَّات والمهرجاناتِ التي تنبثقُ من خلالها والتي هدفها تدجين وشلّ وتدميرالإبداع الأدبي والفني والفكري والثقافي العربي في الداخل… وهو أيضًا من المقاطعين لجائزةِ التفرُّغ السلطويَّة ولم يتقدَّم ْ إليها لأسباب ضميريَّةٍ ومبدئيَّةٍ. وَيُعتبرُ من الشُّعراءِ والكتابِ الفلسطينيِّين الوطنيِّين الملتزمين الأوائل في البلاد في نظر العديدِ من الأدباءِ والنقاد على امتدادِ الوطن العربي. ورغم منزلتهِ ومكانتهِ الأدبية والشهرةِ التي وصل إليها هو إنسان متواضع جدًّا ودمث الأخلاق ويتسمُ بالطيبةِ وبالميزاتِ والمآثر الحميدة.. وقد زارني في البيت وأجريتُ معه هذا اللقاء الخاص والمطول.
الشَّاعرُ والاديب والمحامي ” سامي مهنا ” غَنِيٌّ عن التعريفِ وهو أشهرُ من نار على علم… كيف تقدِّمُ نفسكَ لجمهور القراء؟؟
منذ صغري عرفتُ انني مسكونٌ بعشقِ الكلمةِ التي تشاركني وتقاسمني حياتي وتحاولُ دومًا أن تنفجرَ بداخلي بشكل ٍ تعبيريٍّ ما… وإنسان مسكون بشغفي وبحبِّ المعرفةِ والإطلاع لدرجةٍ أنني أشعرُ أحيانا أن تتزاحمَ الأفكار يرهقني ولا يبقي لي مستقرًّا على فكرةٍ كأنني الآن لستُ ما كنتُ وأعرفُ أنني سأكونُ ما لستُ الآن، لذا لا يمكنُ أن أعرِّفَ نفسي بتعريف ثابتٍ عدا ثوابت أيديلوجيَّة متصلة بالحسِّ الإنساني والإنتماء الوطني والقومي والإنساني بمفهومهما الثقافي والحضاري.
حَدِّثنا عن مسيرتِكَ الشِّعريَّة والأدبيَّة منذ البدايةِ إلى الآن.. وأهمّ المَحَطَّات في حياتكَ الأدبيَّة؟؟
للغرابةِ ورغم أنني عشقتُ الشعرَ والادبَ منذ صغري إلا أنني في فترة ما قرَّرتُ أن أبتعدَ عن الشعر والأدبِ لأنني كنت متخوِّفا من هذا الإسم الكبير (الشَّاعر) الذي يستهينُ به البعض ويعتقدُ أنهُ يليقُ بكلِّ من كتبَ خاطرة ً أو هاجسا، لأنني كنتُ أقرأ حينها لشعراءٍ كبار (قدامى ومعاصرين) ولم تكن آنذاك عندي ثقة ٌ بأنني يمكنُ أن أضيفَ شيئا إلى الإبداع القائم وكنتُ أكتبُ فقط لنفسي وأرسمُ أيضا كتفريغ ٍ لهواجس داخلي، إنَّما في مرحلةٍ معيَّنة إنتصرتُ على هذا القرار – الحالة الشعريَّة – التي كنتُ اقاومها داخلي فأصدرتُ مجموعتي الأولى عام 1998 بعد أن قطعتُ كما أعتقدُ شوطا في فهم مبادىء اللغة والشعر، ومنها: عروض الشعر العربي واطلعتُ على الكثير من الأعمال والتيَّارات الشعريَّة والأدبيَّة القديمة والحديثة – عربيًّا واجنبيًّا. وبعدها شعرتُ انَّ الشِّعرَ يحتلُّ كياني إلى درجةٍ انني أصدرتُ آخر مجموعةٍ لي (تلاوة الطائر الرَّاحل) بجملةٍ: ” ما في الجبّة إلاَّ الشَّاعر ” المشتقَّة من قول الحلاج بتصرُّف (ما في الجنَّة إلاَّ الله).
أنتَ في فترةٍ زمنيَّةٍ قصيرةٍ حققتَ شهرة ً وانتشارًا واسعًا: محليًّا وفي المناطق المحتلة عام 1967 وعربيًّا… كيف وصلتَ إلى كلِّ هذا.. هل كان هنالك من يقفُ وراءَ شهرتِكَ ونجاحِكَ وتألُّقِكَ أدبيًّا.. أم أنَّكَ وصلتَ بجهدكَ الفردي والذاتي؟؟
لا أعرفُ بالفعل إذا كنتُ قد حققتُ شهرة ً ما أم لا.. ولكن صَدِّقْ أنَّ هذا ليسَ من أوَّليَّاتي وهواجسي، لأنَّ الشُّهرة َ ليست مُرتبطة ً دومًا مع الإبداع الحقيقي.. وأنا أومنُ أنَّ الإبداعَ الحقيقي حتى لو كانَ مغمورًا لا بُدَّ أن يُحقق قيمة ً وشهرة ً والنماذج كثيرة ً تاريخيًّا.. وأتمنَّى دوما أن يسبقَ قيمة ُ ما أكتبُ الإنتشارَ والشهرة َ وليسَ العكس.
أنتَ معروفٌ للجميع ككاتبٍ وشاعر وطنيٍّ ملتزم..هل واجهتكَ بعضُ العراقيل محليًّا من قبل السُّلطةِ في صددِ التحرُّك وإيصال كلمتك وصوتك المقاوم وإبداعك الفكري والثقافي وفي سبيل النشر والشُّهرة والإنطلاق… وفي مجالاتِ العمل والمعيشةِ؟؟
منذ البدايةِ عرفتُ أنني لكي لا أضطرّ أن أدفعَ ثمنَ لقمةِ العيش بالتنازل عن مبادئي قرَّرتُ أن أكونَ مستقلَّا مهنيًّا ولم تكن لي الحاجة يوما لأن أطرقَ بابَ أيِّ مُؤَسَّسةٍ حكوميَّة من أجل أيِّ عملٍ. والحمد للهِ.. ولا أشكُّ أنَّ في هذه الدولةِ (إسرائيل) من يخدمُ مصالحها وسياستها من عرب الداخل تُفتحُ امامَهُ أبوابٌ وفرصٌ كثيرة، إلاَّ أنَّ من اختارَ وبقناعةٍ تامَّةٍ أن يلتزمَ بقضيَّةِ شعبهِ وأمَّتِهِ لا يُقيِّمُ الأمرَ حسابيًّا والمصلحة ُ الجماعيَّة ُ تتغلَّبُ على المصالح الشَّخصيَّة.
حظّكَ من الصَّحافةِ والإعلام وتغطيةِ أخباركَ ونشاطاتِكَ الثقافيَّة والأدبيَّة؟؟
أقولها بصراحةٍ: إنني مُقصِّرٌ بحقِّ نفسي على مستوى النشر والإعلام وهذا ليس بالأمر السليم، إلاَّ أنني أرى أيضًا أنَّ التهافتَ الذي يزيدُ عن حدِّهِ وراءَ الشُّهرةِ والإعلام يُدخلُ الشَّاعر في وهم ٍ يحدُّ من تقدُّمِهِ الطبيعي، لذلك على أيِّ كاتبٍ أو شاعر أو فنان أن يجدَ المُعادلة َ المتوازنة بين الإبداع والإعلام.
أنتَ عملتَ في إحدى الإذاعاتِ المحليَّةِ.. كيفَ وصلتَ إلى هذه الإذاعةِ وأنتَ الشاعر والأديب الوطني الملتزم والمُقاوم.. وهذه الإذاعة كما هو معروف للجميع هي مُرخَّصَة من قبل السُّلطةِ الإسرائيليَّة وهي الإذاعة العربيَّة الوحيدة التي حصلت على ترخيص، وبالتأكيد إنهُ لشيىءٌ مستهجن أن تُشَغِّلَ عندها أشخاصًا وطنيِّين..وقد حدثَ أنَّ أحدَ الصحفيِّين المحترفين والوطنيِّن تقدَّمَ للعمل فيها ولم يوظفوهُ، وربَّما هو الوحيد آنذاك من المُتقدِّمِين للعمل كان دارسًا موضوع الصَّحافة والإعلام (قبل أكثر من 13 سنة). وهنالك الكثيرون مِمَّن عملوا في هذه الإذاعة تركوها لأسباب عديدة هامَّة… ما هو تعقيبُكَ !!؟؟
أوَّلا ليسَ دفاعًا عن هذه الإذاعة، لكوني عملتُ بها أو لم أعمل بها بقدر ما هو دفاعا عن الحقيقة… فهذه الإذاعة تختلفُ عن إذاعة صوت إسرائيل بالعربية التي أقيمت كذراع إعلاميٍّ للمؤسَّسة الإسرائيليَّة بخلاف هذه الإذاعة، فهي إذاعة عربيَّة مستقلة ولكن القانون يفرضُ ترخيص دولة إسرائيل، والكلُّ يعرفُ أننا كفلسطينيِّين داخل الدولة العبريَّة نخضع رغما عنَّا للقانون الإسرائيلي ولنا واقعٌ خاصٌّ ومركَّب… وقد عملتُ في هذه الإذاعة سبع سنوات بإعدادِ وتقديم برنامج أدبي (كلمات) وقد عرضتُ دومًا مفاهيمي السِّياسيَّة والوطنيَّة بحريةٍ تامَّة ومطلقة ولم اصطدمْ يومًا بأيَّةِ محاولةٍ مُعارضةٍ لأيِّ رأي ٍ طرحتهُ وناقشتهُ خلال تقديم البرنامج، وبشكل عام هذه الإذاعة هي الإذاعة العربية الوحيدة، التي تعبّر عن رأي الجمهور العربي الفلسطيني في البلاد، وترصد وتبحث قضاياه، دون توجيه من المؤسسة، لذلك فإن معظم من عمل في هذه الإذاعة هم من الفئة الوطنية الواضحة. وبالنسبة للشق الثاني من سؤالك، فأنا لا أعرف شيئَا عن تفاصيل الموضوع.
رأيُكَ في مستوى الصَّحافةِ المحليَّةِ: صحف، مجلات، إذاعات، محطلت تلفزيونيَّة ومواقع أنترنيت.. وأينَ أنتَ تنشرُ إنتاجكَ الكتابي… في أيةِ وسائل إعلام؟؟
مأخذي على الصُّحفِ والمواقع المحليَّة أنَّهُ لا يوجدُ فيها زوايا أدبيَّة جادَّة يُحرِّرُها أدباءٌ مختصُّون، لأنَّ التجارة َ باتت سيِّدة َ الموقف والحسابات هي حسابات تجاريَّة أكثر مِمَّا هي ثقافيَّة… وأتمنَّى أن تعي الصَّحافة ُ والإعلام المحلِّي والعربي بشكل ٍعام، أنَّ للإعلام دورٌ في تصميم الأفكار وخلق الإستجابة عند المتلقِّي فإن رفعت من معاييرها الثقافيَّة يمكنها أن تخلق حالة ً أرقى يتسعُ معها جمهور المستهلكين سواءً كانوا قرَّاء أو كانوا مستمعين أو مشاهدين، وعلى الإعلام أن يحملَ هاجسَ التغيير لا الإنسجام مع الحالةِ القائمةِ ولن تفقد برأيي جمهورها، لأن الجمهور يحب أن يرى تجديدًا، ويمل من التكرار. وأنا نشرت إنتاجي كثيرًا في الصحف والمواقع المحلِّية.. ولكن في الآونةِ الأخيرةِ عندي مللٌ من النشر ولا سيِّما انَّ الصُّحفَ والمواقعَ كما أسلفتُ سابقا لا يوجدُ فيها مَن يُقيِّمُ النصوص، َمِمَّا يحدثُ الخلط بين الغثِّ والسمين.
أنتَ تكتبُ الشِّعرَ الكلاسيكي العَمودي (الموزون والمقفَّى) وشعر التفعيلة وأحيانا قصيدة النثر… في أيٍّ من هذه الأنماطِ الكتابيَّةِ تجدُ نفسَكَ أكثرَ وبإمكانِكَ التعبيرعن خلجاتِكَ ووجدانِكَ وذاتِكَ وبإمكانِكَ الإبداع والتألُّق أكثر.. ولماذا؟؟
أنا أومن بشرعيَّةِ الأشكال وبالأنماط الشِّعريَّة المختلفةِ والشرط هو شرط الإبداع لا المبنى. أنا أميلُ أكثر إلى الشِّعر الموزون، ولكن أحيانا أحبُّ قصائد نثريَّة لبعض الشُّعراء حتى الثمالةِ، لكن أرى أنَّ الوزنَ والإيقاعَ يخدمان القصيدة َ واعتدتُ أكثرَ أن أكتبَ القصيدة الموزونة سواءً كانت تفعيلة أو عموديَّة… ولستُ ضدَّ قصيدة النثر وكتبتُ بعضَ القصائد النثريَّة شرط ألاَّ يكتبها صاحبُها عجزا عن التمكُّن من كتابةِ القصيدة الموزونة… وللأسف أرى الكثيرَ من النماذج لمن يكتبون القصيدة النثريَّة حتى دون أن يعرفوا لو بقليل مقوِّمات وأسس القصيدة النثريَّة… يكتبونها كأنَّها قصيدة تفعيليَّة أو حتى عموديَّة أحيانا…وأستنتجُ أنهم لا يعرفون أنَّ هنالكَ شيىء إسمه العروض (الأوزان).
ما هيَ المواضيعُ والقضايا التي تعالجُها في كتاباتِكَ؟؟
أرى أنَّ القصيدة َ هي عملا فنيًّا بالدرجةِ الأولى ويجبُ ألاَّ تكونُ خاضعة ًلأهواءِ أيِّ مرحلةٍ وإنَّما تنخرطُ في جبلةِ صاحبها الحِسيَّة والفكريَّة والتأمُّليَّة، لذلك أكتبُ أحيانا قصيدة َ الحُبِّ وأنا نسبيًّا من أكثر الشُّعراء الفلسطينيِّين الذين كتبوا شعر الحبِّ، رغمَ انَّ هنالك مَن يعتقدُ أنَّهُ يجبُ أن نكونَ مُكرَّسين فقط للكتابة َ السياسيَّةِ،ولكنني أعتقدُ انَّ المقاومة َبمفهومِها الأوسع هي فعلُ حياةٍ يقاومُ كلَّ قبح ٍ وخنق ٍ للحياةِ الإنسانيَّة التي يجبُ أن يعيشها الفردُ والجماعات، لذلك أرى أنَّ حتى قصيدة الحبّ هي جزء من مشروع مقاومة لأنَّ التميزَ والتفوّق الثقافي هو جزءٌ من المعركةِ كون الكثير من العالم الغربي ومن أولاد عمِّنا ينظرونَ إلى الأمَّةِ العربيَّةِ في العصر الحديث نظرة َ استعلاء وانها أمَّة غير منتجةٍ، لذلك أنا كشاعر أرى أنَّ التفوُّق بالأدب والفكر والفنون والعلوم والأبحاث الأكاديمية، والصناعة والاعلام والاقتصاد، هو جزءٌ من إعادةِ المكانةِ للأمة العربية، وللشعب الفلسطيني تحديدًا… وبالإضافةِ إلى قصيدةِ الغزل والقصيدة الوطنيَّة بالطبع أحاولُ أن أكتبَ القصيدة َ المتأمِّلة فكريًّا والقصيدة التجريديَّة التي تحاولُ تجسيدَ الخيال المتفوَّق على الواقع دومًا… وأيضًا لي تجارب بنقد إجتماعي وسياسي وفكري وديني بمفهوم تفسير وتطبيق الدين وليسَ بالمفهوم العقائدي المُجرَّد.
كم كتابٍ أصدرتَ حتى الأن (شعر ونثر)؟؟
أصدرتُ حتى الآن 4 مجموعات شعريَّة وهي:
1) ديوان (أصعدُ وَسُلَّمِي من نار) – عام 1988.
2) ديوان (أنت معي) – عام 2002.
3) ديوان (أشعلُ الدنيا قصيدة) – عام 2005.
4) ديوان (تلاوة الطائر الراحل) – عام 2012.
ما رأيُكَ في مستوى الأدبِ والشعر عندنا في الداخل ومقارنة مع مستوى الأدبِ في الدول العربيَّة؟؟
أواكبُ ما يُنشرُ عربيًّا وأرى بموضوعيَّةٍ تامَّةٍ أنَّ شعرنا الفلسطيني لا يقلُّ مستوى الجيِّد منهُ عن مستوى الشِّعر العربي القائم، بل أحيانا أرى تفوُّقا ربَّما هذا التفوُّق نابعٌ من الحالةِ السياسيَّةِ والتاريخيَّة الخاصَّة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في كلّ أماكن تواجده.
الشعراءُ المفضلون لديكَ: محليًّا، عربيًّا وعالميًّا؟؟
أحبُّ أدونيس ومحمود درويش وسميح القاسم ونزار قبَّاني وسعدي يوسف والجواهري.. ليسَ لشهرتهم، بل لأنني احبُّهُم.. وأحبُّ أيضًا شعراء كثرين عربيًّا والقائمة طويلة، ولكن أعودُ دائما لهؤلاء لأنني أعتبرُهم حالات خاصَّة واستثنائيَّة.. وأحبُّ أيضًا محمد الماغوط وأنسي الحاج وأحمد الشّهاوي.. وغيرهم. وعالميًّا: أحبُّ رامبو وبايرون وبولدير وجوتي وطاغور… وأريدُ أن أذكرَ شاعرًا واحدًا من العصرالقديم أحبُّهُ حبًّا جمًّا وهو شاعر العرب الأكبر أبو الطيب المتنبِّي.
أنتَ مؤَسِّسُ ورئيسُ الاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيِّين (48) في الداخل.. حدِّثنا بتوسُّع عن هذا الإتحاد.. متى تأسِّسَ ولماذا أسِّسَ وأقيمَ ولأيِّ هدفٍ وما الفائدة ُ من إقامتِهِ وعدد أعضائهِ ومن أيَّةِ أطر وجهاتٍ وشرائح… وما هي أهمُّ إنجازات وأعمال هذا الإتحاد…وما هي نظرة ُ الناس والمجتمع والصَّحافة والإعلام وحتى الشُّعراء والمثقفين ورأيهم في هذا الإتحاد؟؟
تأسِّسَ إتحادُ الكتاب الفلسطينيين في الداخل (عرب 1948) في نهايةِ سنة 2010 واعتبرنا المرحلة الأولى مرحلة تجريبيَّة، وقد أقمنا مؤتمرنا الثاني في ربيع السنة الماضية، وأعاد أعضاء الاتحاد انتخابي ديموقراطيًا لرئاسة الاتحاد لدورة ثانية وتشكلت إدارة جديدة، انتدبت الشاعرة زهيرة صباغ نائبةً لرئيس الاتحاد، والشاعر أحمد فوزي أبو بكر أمين سر،.. ونحنُ نعرفُ أنَّ قبل هذا التأسيس كانت فترة ٌ طويلة لم يكن فيها إتحاد كتاب قائم على أرض الواقع… نحنُ ككتاب فلسطينيِّين داخل دولةِ إسرائيل نحتاج لإطار ثقافي أدبي أكثر من أيِّ مجموعةِ كتاب أخرى في العالم العربي لأننا نعيشُ في دولة تتناقضُ مع ثقافتنا وهويَّتنا وتاريخنا ولا ننتمي لوزارةِ ثقافيَّة أو لأيِّ جهةٍ ومؤسَّسةٍ أخرى. ومن ناحيةٍ أخرى نحنُ فئة ٌ كانت مهملةً عربيًّا وحتى فلسطينيًّا لأسبابٍ كثيرة،وهنالك من لم يتعاملُ معنا بحجَّةِ التطبيع… ونحنُ نرفضُ جملة ً وتفصيلا أن يطالنا هذا المصطلح ُ كوننا جزءا أصلانيًّا من الشَّعب الفلسطيني والأمَّة العربيَّة ونحنُ الصَّامدون على أرضنا التاريخيَّة المنتمون لشعبنا وأمَّتنا إنتماءً كاملا، لذلك رأينا أننا نجتاجُ إلى جسم وإطار أدبيٍّ كإتحادِ كتابٍ يستطيعُ أن يعيدُ لنا الخارطة الثقافيَّة والأدبيَّة الفلسطينيَّة والعربيَّة، وقد نجحنا وبخطواتٍ واسعة تحقيق الكثير من هذه المعادلةِ، فلأول مرة تاريخيًا يعترف أهم تنظيم أدبي على مستوى العالم العربي، وهو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، بنا كجزء من مكوناته، ونحن الآن شركاء مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب الفلسطينيين، في مشروع الوحدة الثقافي الفلسطينية، وقد كرّمنا، من قبل اتحاد كتاب المغرب والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في الأجتماعات الدائمة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في طنجة-المغرب، دورة القدس، أنا والزملاء مراد السوداني وخالد أبو خالد ووليد أبو بكر والمترجم المعروف صالح علماني، وهذه أول مرة تكرم كوكبةً تمثل جميع أطياف الشعب الفلسطيني المنقسم بين الداخل والأراضي المحتلة عام 67 والشتات، مجتمعين، وقد عدنا مع إنجازات وتوصيات هامة، من أهمها مركزة الادب الفلسطيني عامةً والفلسطيني ال (الثماني أربعيني خاصةً) عربيًا، وقرارات بجوائز، تخصص للداخل الفلسطيني من اتحاد كتاب الامارات، وجائزة القدس، التي منحت هذا العام للأديب رشاد أبو شاور.
لقد سبقَ وكانت هنالكَ عدَّة ُ أجسام وعدَّة ُ إتحاداتٍ وروابط وتجمُّعاتٍ أدبيَّةٍ وثقافيَّة للشعراءِ والكتاب المحليين.. ولكن معظمها بل جميعها أخفق وقد تلاشت هذه الإتحادات والروابط بشكل تدريجي. واليوم غير موجودة على الساحةِ… هل هذا الإتحاد الذي قمتَ أنتَ على تأسيسهِ بمبادرة منكَ ومن بعض الزملاء يستطيعُ أن يسدَّ الفراغ َ والنقصَ الذي تركته الروابط والإتحاداتُ السابقة وسيقوم بمهامِّهِ على أحسن وجهٍ في خدمةِ الأدباءِ والشعراء والثقافةِ والأدِب المحلي بشكل عام وسيكونُ الملاذ والعنوانَ لكلِّ شاعر وأديبٍ محلِّي مظلوم حوصرَ وعُتِّمَ عليهِ إعلاميًّا (سلطويًّا وفئويًّا)..إلخ. وسيأخذ بيده ويعملُ على نشر إبداعِه.. أم ماذا.. ما هو تعقيبُكَ؟؟
لا أعتقدُ الإتحادات والروابط السابقة فشلت بل أنها كانت أطرًا ناجحة، وللتنويه فإنَّ الإتحادَ العام والسابق وإتحادات الكتاب والرابطة شملت الكثيرَ من الكتابِ والمبدعين الكبار وترأسَ هذه الأطر شعراءٌ وكتابٌ لهم قيمتهم وعلى رأسهم الشَّاعر الكبير سميح القاسم والشَّاعر المبدع حنا أبو حنا والكاتب المعروف محمد علي طه والشاعر المرحوم جمال قوار وغيرهم… وَمِمَّا ادَّى إلى إنهاءِ دور هذه الأطر هو الصراع الحزبي بينهم.. ونتأمَّل لا نعودُ إلى ذلك الخطأ الكبير، ولذلك حرصنا منذ البدايةِ أن يكونَ هذا الإتحادُ لا حزبي وغيرَ منتم لأيِّ حزب من الأحزاب، وكلُّ إنتماءٍ لأيِّ عضو ٍ لأيِّ حزب عربي (لأننا لا نقبل بالطبع أعضاءً منتمين لأحزابٍ صهيونيَّة) هو يعتبرُ إنتماءً شخصيًّا لا علاقة للإتحاد بهِ… ولكننا نحترمُ دورَ أحزابنا العربيَّة ونسعى للتعاون معهم دون تفرقةٍ بين حزب وإخر، وخاصة في ظل القائمة المشتركة، والتي نراها منعطفًا هامًا.
ما هي شروط ُ الإنتساب لهذا الإتحاد من قبل الشعراءِ والأدباء… هل المستوى الثقافي والأدبي الإبداعي والإلتزام الوطني والقومي هم الشروط الأساسيَّة أم هذا الإتحاد على استعداد لقبول أي شخص للإنظمام إليهِ حتى لو كان يعتبرُ من رجال السلطةِ ويعمل ضدَّ قضايا شعبهِ وأمتهِ. أو إذا لم يكن مبدعا وكتاباته هراء وتخبيصات ودون المستوى…الشيىء الذي نراه ُ بكثرةٍ في بعض المهرجانات التي تقام محليًّا والمدعومة سلطويًّا؟؟
الشروط ان يكونَ الكاتبُ أو الشَّاعرُ أو الناقدُ أو الباحث قد اصدرَ كتابا أو ما يوازي كتابا منشورًا…والشرط الثاني هو شرط الالتزام الوطني.
في الندوات والمناسبات الأدبية والثقافية.
هل سيكون لهذا الإتحاد مواقف صريحة وجريئة في قضايا وأمور هامَّة تواجهنا دائما (للأقليَّة العربيَّة في الداخل) وسيصدرُ من قبله البيانات والتصريحات في وسائل الإعلام في كلِّ قضيَّةٍ وأمر ثقافيٍّ وفكري يتعلَّق بجوهر وأسس مستقبلنا وإبداعنا الأدبي والثقافي والفني لأننا نعيشُ الآن في الداخل في حالة فوضى وتسيُّب على الصَّعيد الأدبي والثقافي والفني والأمور مختلطة ومنقلبة رأسا على عقب؟؟؟
المفروض ان يكونَ لكلِّ جسم ثقافي منظم، موقف من القضايا الهامَّة ونحنُ حتى الآن أصدرنا بيانات حولَ قضايانا فلسطينيَّة وعربيَّة وشاركنا في أحداث تخصُّ الأمور الفلسطينيَّة والقضايا العربيَّة عامة.
ما رأيُكَ في جائزة التفرُّغ السُّلطويَّة التي تمنحُ كل سنةٍ لمجموعةٍ من الكتاب والشعراء المحليِّين من جميع النواحي؟؟
أنا أيضا ضدُّ هذه الجائزة.. ولكن هنالك من يعتقدُ أنَّ هذهِ الجائزة حقٌّ لنا.. وأنا شخصيًّا أرفضُ هذه الجائزة ولكن لا أزاودُ على من أخذها ومنهم كتابٌ وطنيون، لكنني يحقُّ لي ولغيري أن أناقشَهم حول أهميَّةِ مقاطعةِ مثل هذه الجوائز.
أسئلة شخصيَّة
البرج): العذراء
شخصيات مهمَّة (على جميع الأصعدة) تربطك بهم علاقة ٌ وصداقة وطيدة، مثل: شعراء كتاب فنانون شخصيات سياسيَّة، رجال أعمال.. إلخ؟؟
شرَّفني وأسعدني أنهُ كان لي الحظ أيضا أنني تعرَّفتُ على كبار الشعراء والأدباء المعاصرين والفنانين المعاصؤين، ومنهم: أدونيس وأحمد فؤاد نجم وعلاء الاسواني وربطني علاقة ٌ وثيقة بالشَّاعر المرحوم طيّب الذكر، سميح القاسم… وتعارف عام مع الشاعر الكبير المرحوم محمود درويش… وتربطني علاقة ٌ بقيادات سياسيَّة فلسطينيَّة وعربيَّة.
أنتَ لكَ الكثيرُ من القصائد الملحنَّة والمُغَنَّاة…مع من تعاملتَ من الملحنين والمطربين محليًّا وخارج البلاد..من هم الذين لحَّنوا وغنوا قصائدك؟؟
أسعدني أيضا أن يُلحِّنَ من قصائدي الملحِّن والمطرب الفلسطيني النصراوي ” فوزي السَّعدي ” وكوكبة من المطربين المحليِّين، مثل: منى نجم وأمل خازن وعادل حمدان. وكان لنا عملٌ مشتركٌ حيث أصدرنا ألبوما غنائيًّا كاملا بعنوان: ” أنتَ معي ” سنة 2003. ولحَّنَ أيضا قصائد أخرى لي، ونحن الآن في صدد اطلاق مشروع جديد وفوزي السَّعدي لحَّنَ الكثيرَ للشُّعراء الفلسطينيِّين والعرب..وبرأيي حتى الآن لم يأخذ هذا الفنان الكبير حقه إعلاميًّا كما يستحقّ.
طموحاتُكَ ومشاريعُكَ للمستقبل؟؟
أطمحُ وأتمنى أن أتفرَّغُ يوميًّا للعمل الثقافي والأدبي فقط وأطمحُ أن أزيدَ ولو شيئا على الإنجاز الإبداعي القائم..لا أن أكون، زيادة ً عليهِ.
كلمة ٌ اخيرة ٌ تحبُّ ان تقولها في نهايةِ اللقاء؟؟
أوَّلا أشكرُكَ أخي الشَاعر والإعلامي الصَّادق والملتزم ” حاتم جوعيه ” على هذا اللقاء الذي شعرتُ فيهِ بصدقِكَ وغيرتِكَ الصادقة على الحالةِ الثقافيَّة والوطنيَّة…واطلاعك المتعمق على المشهد الثقافي والمعرفة المتعمقة بالشعر والأدب عامةً، في ظل الفوضى والتسيُّب المتفاقم على السَّاحةِ الأدبية والثقافيَّة.. وأتمنَّى لكَ طولَ العمر والمزيدَ منَ العطاء.