خطبة الجمعة من كفرقرع بعنوان ‘‘فِي رِحَاب سُوْرَة التَّكَاثُر‘‘
تاريخ النشر: 18/04/11 | 6:42ابو الحارث
بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة، من مسجد عُمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 11 من جمادي الأول 1432هـ، حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري “أبو أحمد”، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك، ‘‘فِي رِحَاب سُوْرَة التَّكَاثُر‘‘، هذا وأم في جموع المصلين، فضيلة الشيخ صابر زرعيني “أبو الحسن”، إمام مسجد عمر بن الخطاب.
ومما جاء في خطبة الشيخ لهذا اليوم المبارك:” الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل الله ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد: فأوصي نفسي المقصرة وإياكم بتقوى الله سبحانه؛ ثم أما بعد: فيقول المولى سبحانه:((أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ* ثُمَّ لَتُسْـأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ)).
في ظلال آيات بينات من كتاب الله سبحانه وتعالى نعيش هذه الخطبة، علَّ الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا، وأن يفتح علينا بهذا القرآن العظيم الذي نزله الله سبحانه لهداية البشرية والإنسانية وإنقاذها من الجهالة والضلالة، والشبه والشهوة، إلى النور والإيمان والسعادة والرضوان.
وأردف الشيخ قائلاً:” إخوة الإسلام وأحباب الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم: هذه السورة التي بين أيدينا اليوم سورة قليلة الآيات قصيرة المقاطع إلا أنها من السور العظيمة في القرآن العظيم، هذه السورة تعيش بنا بين جو هذه الدنيا الآسن الماجن المتخلف العفن، وبين جو الآخرة المشرق الباهر الرائع البديع.
فلنستمع إخوة الإسلام إلى قضايا هذه السورة الكبرى، يقول الله سبحانه وتعالى: ((أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ))؛ ألهاكم التكاثر عن الغاية التي خلقتم من أجلها، وكان الله يعتب وينذر عباده التائهين الذين شردوا عن طريق الحق. يبدأ الله سبحانه وتعالى هذه السورة بهذا الهجوم على من ألهتهم هذه الدنيا وشغلتهم عن ذكر الله تعالى وعبادته وطاعته، وفي آية أخرى يأمر الله سبحانه وتعالى عباده بأن لا تلهيهم هذه الدنيا وتشغلهم عما خلقوا لأجله، فيقول سبحانه:((يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَـٰكُمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولُ رَبّ لَوْلا أَخَّرْتَنِى إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ وَلَن يُؤَخّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)).
وإستطرد الشيخ حديثه بالقول:” أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ بهذه الدنيا الفانية الملعونة التي لعنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفها بأنها ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً، هذه الدنيا التي لا تساوي عند الله شيئاً، ولو كانت تساوي عنده شيئاً لما سقى منها كافراً شربة ماء.
((أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ)) والتكاثر -عباد الله- على أقسام، منه التكاثر بالأموال، وهذا الذي تشير إليه الآيات ويدل عليه أيضاً الحديث عن الرسول أنه قرأ يوماً هذه السورة فقال عليه الصلاة والسلام: ((يقول ابن آدم مالي مالي، وهل لك يا ابن آدم إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت؟!!))، ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: ((قلب الشيخ شاب على حب إثنتين: طول الحياة، وحب المال))، ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: ((لو كان لإبن آدم واديان من ذهب لأحب أن يكون له ثالثا، ولا يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب)).”.
وتابع الشيخ:” ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من التكاثر بالأموال والانهماك على حطام هذه الدنيا ويقول: ((ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان من قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)).. ولذلك لما جاء جبريل عليه السلام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بمفاتيح خزائن الأرض وقال له:” يا محمد لو أردت أحول لك جبال الأرض ذهباً وفضة فعلت”، أوّل من تكاثر بأمواله وكنوزه قارون، منحه الله كنوزاً كالتلال، ما جمعها بجهده ولا بذكائه ولا بعرقه لكنه كفر نعمة الله وأصر على تجريد نعم المال من الشكر، وأخذ يتكاثر بماله الذي كان يعجز الرجال الأشداء عن حمل مفاتيح خزائنه، وأخذ يسعى في الأرض فساداً، فماذا كان جزاؤه؟ ((فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ))؛ كان ضعفاء الإيمان من قوم قارون عندما يرون قارون متنعماً في أمواله يقولون: ((يلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قَـٰارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظّ عَظِيمٍ)).
وأضاف الشيخ:” فلما خسف الله به الأرض عرفوا أن النعيم والسعادة والحظ ليس في جمع المال وإنما في طاعة الرحمن ((وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَـٰفِرُونَ* تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))..”.
هذه الآيات يا عباد الله توبيخٌ لمن ضيع حياته في جمع الأرصدة لكنه ليس له رصيد من الإيمان والعمل الصالح، ليس له رصيد من الصلاة والقيام والصدقة والعمل الصالح بعد الإيمان بالله.
وشدد الشيخ حديثه بالقول:” فوالله الذي لا إله إلا هو إن السعادة ليست في الدور ولا في القصور، ليست في بناء الفلل والعمارات ولا في ركوب السيارات، السعادة والله أن تكون عبداً لرب الأرض والسموات، وأن تكون من أولياء الله الذين يعملون الصالحات ويجتنبون المحرمات. بالغنى أنت مبتلى وبالفقر انت مبتلى..”.
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثلـه وأنك لم ترصد لما كان أرصـدا
يقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس))، ويقول عن سنة الفجر عن ركعتي الفجر أنها خير من الدنيا وما فيها، فكيف بصلاة الفجر؟.
وأردف الشيخ قائلاً:” هذه هي السعادة يا عباد الله، وهذا هو الملك، وهذا هو السلطان سلطان العبودية لله والتذلل بين يديه، يقول إبراهيم بن أدهم عليه رحمة الله: والله إنا لفي نعيم وفي سعادة وفي لذة لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف.
وأما عبودية المال والمادة فيقول عنها صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار، وتعس عبد الدرهم، وتعس عبد الخميلة والخميصة)).”.
ووجه الشيخ نداءً عاماً قال فيه:” معاشر المسلمين: إن أعداء الإسلام يريدون منا أن ننشغل بحطام هذه الدنيا وأن نتكالب عليها حتى تسيطر هذه الدنيا على قلوبنا وتمتلئ بها نفوسنا، وإذا دخل حب الدنيا إلى القلب خرج منه حب الآخرة، لأن الدنيا والآخرة لا تجتمعان في قلب مسلم، فهما كالضرتين إن أرضيت إحداهما غضبت الأخرى.”.
وقال أيضاً:” يريد أعداء الأمة أن يغرقوا أمة الإسلام في الشهوات واللذات حتى يتناسوا قضاياهم الكبرى وحقوقهم المسلوبة وهذا واقع الأمة اليوم، وما أخبر عنه الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم في قوله: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها))، فقال قائل: أوَمن قلة يومئذ يا رسول الله؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت)).
وتابع الشيخ حديثه بالقول:” إخوة الإسلام: إن المال في نفسه وذاته ليس مذموماً، بل هو من أكبر أسباب القوة والمنعة والعزة، وقد ملك الصحابة وكثير من السلف المال، ولكن لم يشتغلوا به ولم يلههم عما خلقوا لأجله، بل شغلوا المال في طاعة الله وصرفوه ثمناً لجنة الله، وامتثلوا قول الله:((وَٱبْتَغِ فِيمَا ءاتَاكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ))، ومن التكاثر – يا عباد الله – التكاثر بالأولاد، والأولاد من متاع هذه الدنيا ومن فتن هذه الدنيا يقول سبحانه: ((إِنَّمَا أَمْوٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ)) ويقول سبحانه وتعالى: ((إِنَّ مِنْ أَزْوٰجِكُمْ وَأَوْلـٰدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ)) وكثرة الأولاد ليست من علامات القبول والرضا، بل قد يكون الأولاد سبباً في شقاء الوالد وبؤسة ((وَمَا أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ بِٱلَّتِى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلاَّ مَنْ ءامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً))، وممن تكاثر وافتخر بأولاده الوليد بن المغيرة، آتاه الله عشرة من الأبناء، كان يحضر بهم المحافل ويتباهى بهم في المجالس، ولكنه نسي أن الذي خلقه فرداً بلا ولد هو ((الله ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ)) ولكنه كفر نعمة الله، وسخر أبناءه لمحاربة الله فماذا كان جزاؤه؟ ((سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لا تُبْقِى وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ))
ومن التكاثر أيضاً يا عباد الله التكاثر بالعلم والشهادات والمناصب والهيئات، والعلم يا عباد الله إن لم يورث ويكسب صاحبه خوفاً وخشية وإنابة إلى الله فهو ضلال وجهالة ولعنة، العلم إن لم يتبعه عملٌ صالح فهو حجة على صاحبه وندامة يوم القيامة.
ولذلك نعى الله سبحانه على المتكثرين في العلم بلا عمل فقال سبحانه عن بني إسرائيل: ((كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً))؛ وكذلك نعى الرسول على المتكثرين في العلم بلا عمل فقال صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من أعراض الدنيا لم يجد عرف الجنة أي رائحتها، وإن عرفها من مسيرة أربعين عاماً)).
وأردف الشيخ قائلاً:” ((أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ))؛ ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد والجاه والعلم والمنصب والهيئة وبمتاع هذه الدنيا وزخرفها وما زلتم معرضين في غفلة وفي سهو ولعب حتى زرتم المقابر، وهذه الزيارة ليست كالزيارات، إنها زيارة جبرية وزيارة حتمية وزيارة لا رجعة بعدها إلى البيت، إنها زيارة بالأكفان، إما إلى روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران.
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء منقول
فإذا حملت إلى القبور جنـازة فاعلم بأنك بعدهـا محمول
كل يوم يا عباد الله نودع ونشيع غادياً ورائحاً إلى الله، قد قضى نحبه ومضى حقاً إلى ربه فنودعه في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد، خلع الأسباب وفارق الأحباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، غنياً عما خلف، فقيراً إلى ما أسلف، أليس في هذا معتبر وعن البغي مزدجر؟!! كفى بالموت واعظاً، وكفى بالقبر عظة وعبرة.
وأضاف الشيخ قائلاً:” عباد الله يا عباد الله: سوف نخرج من هذه الدنيا كما دخلنا إليها حفاة عراة ولن يبقى معنا إلا العمل الصالح ((وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَـٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَـٰكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ))؛ ((أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ))؛ كلا أداة ردع وزجر: لم تُخلقوا للدرهم والدينار ولا للهو والملذات، خُلقتم لمعرفة الله عز وجل؛ قال المفسرون: تعلمون الأولى ساعة الموت، وتعلمون الثانية يوم القيامة، سوف تعلمون الحقيقة مرتين، وهذه معرفة بعد فوات الأوان.
إذا إنتقل الإنسان من هذه الدار إلى دار القرار سوف يرى كل شيء ويعلم كل شيء، ويعرف كل شيء ويشاهد كل شيء بعينه ويندم حين لا ينفع الندم.
فيا نفس توبي قبل أن لا تستطيعي أن تتوبي. وإستغفري لذنوبك الرحمن غفار الذنوب. إن المنايا كالرياح عليك دائمة الهبوب..، سيأتي يوماً يعض الظالم على يديه، سيأتي يوماً يعرف الإنسان لم خلق في هذه الدنيا، وسيعلن حينها ما أثمن ما في الدنيا، ولماذا بعث إليها..”.
وقال الشيخ في سياق حديثه:” يختم الله سبحانه وتعالى هذه السورة العظيمة بقوله: ((ثُمَّ لَتُسْـأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ)) وكل ما أنعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان فهو نعيم، ونعم الله سبحانه وتعالى على عباده لا تحصى ((ثُمَّ لَتُسْـأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ))، لو تدبرنا هذه الآية لإنقلبت حياتنا رأساً على عقب، وتغير سلوكنا، لصرنا أناساً آخرين، ولكن المؤسف أننا نقرأ القرآن.. ولا يدخل هذا القرآن في صميم حياتنا اليومية، ولا في علاقاتنا ومشاعرنا ولا في حل قضايانا..”.
وأضاف الشيخ:” كل لو تعلمون علم اليقين: لو نظرت إلى إبنك لعلمت علم اليقين أن يداً كريمة؛ حكيمة؛ عليمة؛ قديرة خلقته في بطن أمه وأنها لم تنساه..؛ لو دققت في طعامك وشرابك لعلمت علم اليقين أن الرزاق ذو القوة المتين، هو الله جل وعلا..؛ لو دققت في معاملات الناس لرأيت كيف أن الله يجزي الصادقين الصابرين وأنه لا رازق إلا الله، ولا معطي إلا الله، ولا مانع إلا الله، ولا رافع إلا الله، ولا خافض إلا الله..”.
وتابع الشيخ:” فالواجب على العبد أن يشكر هذه النعم، وشكر النعم يكون بثلاثة أمور: باللسان والقلب والجوارح، فاللسان يلهج بالشكر والثناء على الله بهذه النعم، والقلب يعترف ويقر بأن هذه النعم من عند الله، والجوارح تستمر في طاعة الله عز وجل شكراً لله.
وإختتم الشيخ خطبته الأولى بالقول:” وجاء في سبب نزول هذه الآية العظيمة كما في الصحيحين أن الرسول تلمس ذات يوم طعاماً في بيته فلم يجد طعاماً، فخرج من بيته وهو جائع وإذا به يجد في طريقه أبا بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب رضي الله عنه فيسألهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن سبب خروجهما من البيت، فيقولان: والله يا رسول الله ما أخرجنا إلا الجوع، فيقول لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذهبوا بنا إلى فلان من الأنصار علنا أن نجد عنده طعاماً))، فلما وصلا إلى بيت الأنصاري ورآهم كبر من الفرح وقال: والله ما أحد أحسن مني ضيفاً اليوم، فذبح لهم شاة وأكلوا وشربوا وشبعوا، فلما شبع صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لتسألن يومئذ عن النعيم)).
فصلوات الله وسلامه عليك يا رسول الله، شبع مرة واحدة في أشهر طويلة، ومع ذلك يتحرى السؤال من الله عز وجل ونحن نشبع مرات في اليوم والليلة، ومع ذلك نتسخط على نعم الله عز وجل، فنسأل الله تعالى أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا، ونسأله جل وعلا أن لا يعاملنا بما نحن أهله وأن يعاملنا بما هو أهله، فهو أهل التقوى وأهل المغفرة..”.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تدان..”.
ومما جاء في خطبة الشيخ الثانية:” أيها الإخوة الكرام، قال علماء التفسير: في حياة الإنسان نعيم قد لا ينتبه إليه، نعمة الصحة سوف تُحاسب عنها، هذه العين التي ترى بها، نظرت إلى ما حرم الله، أم نظرت إلى آيات الله، هل غضت عن محارم الله، أم ملأت عينها من الحرام، هذه العين نعمة، كيف استخدمتها ؟ وهذه الأذن ماذا استمعت بها ؟ هل استمعت بها إلى ما لا يرضي الله ؟ أم استمعت بها إلى الحق.. وهذا اللسان كيف يتحرك ؟ بالغيبة، بالنميمة، بالكذب، بالبهتان، بالسخرية أم بذكر الله عز وجل. نعمة الزوجة، الأولاد هذه من نعيم الدنيا، سوف نسأل عنها يوم القيامة.
إن أردت أن تكون غنياً فكن مع الله، كن مع الغني، إن أردت أن تكون قوياً فكن مع القوي، إن أردت أن تكون عالماً فكن مع العليم، إن أردت أن تكون عزيزاً فكن مع العزيز.
ومالي سوى فقري إليك وسيلة فبالافتقار إليك فقري أدفع
ومالي سوى قرعي لبابك حيلة فإذا رددت فأي باب أقـرع
وإختتم الشيخ خطبته بالحديث حول المشاريع التي يقوم عليها بيت مال المسلمين في كفرقرع، والذي يرعى العشرات من الفعاليات والمشاريع اليومية، وشدد على ضرورة دعم هذا البيت الوقفي لسد حاجات أهلنا الذين أوجب علينا الله عز وجل ونبيه أن نقوم على حاجتهم ومعونتهم..”.
الله اكبر ولله الحمد
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،أجمل تحية الى فضيلة الشيخ عبد الكريم مصري ،ونشكره على مواضيع خطبه الشيقة. كما أشكر المصور المبدع ألذي أتحفنا بمشاهدة أنوار وجوه أحبائنا بالمسجد لكم منا كل الحب والتقدير. كما اشكر كل العاملين في موقع بقجة كفرقرع، ولكم منا أحلى تحية وسلام ،والسلآم عليكم ورحمة الله وبركاته.
منور الشاشه يا عمي نسيم.