الى الشيخ رائد صلاح… رسالة من فوق النفط
تاريخ النشر: 07/04/13 | 0:12كان وما زال النفط العربي ذو خصائص احتراقية مزدوجة، فغربا كان يوظف لإشعال النهضة الغربية وشرقا كان ولا يزال يوظف ايضا لحرق كل قضايا الأمة، وكم كانت القضية الفلسطينية تموت احتراقا بهذا النفط حتى تحول كل من ساندها من قوى اقليمية الى رماد كمثل العراق وما آلت اليه الامور هناك، باختصار فقد تشكل هذا النفط بصور أنظمة شبه اسلامية وقومية كما وأنتج انظمة تجاهر بالخيانة علنا باسم (السلام)، وعندما نقرأ تاريخ هذه الانظمة جميعها بلا استثناء ترانا نفتقد للسلام والأمان لكل قضايا الامة الحقيقية، وقد حذرنا قياداتنا وسخطنا عليهم سابقا عندما قاموا بزيارة القذافي قبل انطلاق الثورات العربية بسنة، وكنت يا شيخي العزيز على رأسهم، لكنكم لم تعتذروا للجماهير الرافضة لتلك الانظمة، حتى وصل الامر بالشيخ كمال الخطيب ان يصرح بعد انطلاق الثورة العربية وبطريقة مهينة لكل منتقدي تلك الزيارة بحضور المئات في منتجع الواحة ان زيارتكم تلك لليبيا وكأنها انتجت الثورة هناك فإنها ستحفزكم لزيارة كل الانظمة العربية طمعا ببركتكم التي انتجت الثورة الليبية بعد عام ثم أشار لمحمد زيدان والذي صادق على هذا الكلام بابتسامة!
فهل يعني هذا يا شيخي ان زيارتكم للخليج ستنتج ثورة هناك بعد عام ؟ وهل يترجم كلام نائبك انكم لا تسألون عما تفعلون والعياذ بالله ؟ وهل غاب عن الشيخ كمال الخطيب ان الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني قد تميزت عن كل شعوب الامة العربية بأنها لم تسبح يوما او تهلل باسم "اصحاب السمو والجلالة" في حين فعلت قياداتها ذلك الفعل المنكر! وقد تظهر النتائج سر عدم اعترافكم بالخطأ لأن نيتكم كانت التمادي بالسير بعكس اتجاه مزاج الجماهير التي رفعتكم حتى تؤتون بثمار تمثيلكم العالمي لها بشكل يشفي كل جراح الامة والقضية الفلسطينية والتي سيثبت التاريخ اننا جوهر هذا الصراع وتحديه الاكبر.
شيخي الموقر الشيخ رائد لم اخشى يوما من انتقاد اي كان فاسمح لي بانتقادك نصرة لك، وشاور في امرك راس الهرم ولكن لا تنسى القاعدة الجماهيرية والتي اعتبر نفسي جزء لا يتجزأ منها، فزيت الاقصى عصي عن تسوله في الخليج، ولا يمكن ان تمتد قضية الاقصى في بحر متلاطم من امواج البترول، لأنك لو نظرت بتبصر تاريخي قصير فسترى بحر من الدماء الراقدة تحته، وسترى شهيق قضايانا لا يتمتع بزفير يخرج للعالم من تلك الطبقة النفطية السميكة التي تغطي بحر الالام، لذا فيجب ان تكون رسائلنا فوق هذا البحر النفطي لكي لا تباع قضايانا وتشترى بمزادات سياسية عالمية، ولكي لا نضع قضية الاقصى رمز القضية الفلسطينية في مغامرة قد يحترق فيها وقد يشتعل، فأنت الذي منعت مرارا من زيارة دول اقرب من الخليج يجب ان تعلم ان الخليج لم يفتح لك ابوابه صدفة بشتى الحجج والمبررات، لقد ارادوا استغلال مكانتك العالمية لتكون جزء من حاجز يبنونه تحت رعاية القوى العالمية ليس كما يظن البعض جهلا للتآمر على النظام السوري النازي ولكن لاحتواء الثورة العربية الشاملة والتآمر على وصولها لكل بقعة عربية تخدم مصالح الغرب، وإذ يمثل الخليج بثرواته روح الغرب وتقدمه فانه يمثل لنا الموت الحضاري والتشرذم التاريخي، فهم يسعون لفرز الامة على اساس مذهبي وطائفي ليصورا انفسهم حماة اهل السنة، والسنة اصلا براء منهم، فضلا عن تقمصهم المضحك لدعاة حقوق الانسان في مناطق الثورة العربية المجيدة، لقد وقعت المعارضة السورية بهذا الشرك، ولم تدرك ان كل مواقف ودعم الخليج يندرج تحت سياسة امريكية عنوانها "عكس عكاس" حتى اصبح تأييد الثورة السورية معناه ضمنيا التأييد لأنظمة الخليج!
وأنت شيخي اذ نعتبرك قائدا بارزا ورمزا شعبيا على مستوى كل قطاعات الجماهير وليست فقط الحركية، فإننا ندعوك للخروج من لعبتهم وألا نكون جميعنا اداة لتقطيع اهداف الامة وطموحها، لان كل الانظمة العربية بلا استثناء قد غرقت بالسكر الديكتاتوري على طاولات الغرب عندما كان يغرق الاقصى بالدماء، لذا فأعطي الاقصى حقه بان يكون زيته نقيا كما كان من دماء وإحاطة الفقراء، لان المال الخليجي مال حرام ولا يجوز التصدق به حتى فكيف سيتحرر الاقصى بهذا النفط والذي بحاجة لتنقية اصلا من الخيانة وفصله من دماء الشرفاء في كل مكان ، وهنا لا بد من تذكيرك بان الهوية الاسلامية والتي لم تضف اليها الانظمة المتآسلمة غير انعكاسات سلبية، تلك الهوية التي نحتفظ بها بالقرن الواحد والعشرون لم تكن نتاج ضخ الامة العربية وحدها عبر التاريخ ، فقد ضخت بهذا التاريخ وبنفحات ونفخات من التقدم الحضاري والعلمي والسياسي امم تمثلت بالأمة الفارسية والتركية والكردية ، فأي متنكر لوجود هذه القوى عن الساحة الاسلامية اليوم فهو اذ يتنكر لتاريخه وهويته بادعاءات مذهبية وفقهية مصطنعة ومبرمجة هنا وهناك، وقد نختلف مع ايران بتجاوزاتها الدموية في سوريا لكننا ابدا لن يسوقنا هذا الصراع لمقارنتها او مقاربتها مع امريكا على اساس المثل الشعبي "فخار يطبش بعضه" وهذا لا يعني ابدا اعفاء ايران من المسؤولية والمحاسبة التاريخية على موقفها ولكن لنتعلم قليلا من الغرب والذي طحنت الحرب العالمية فقط قبل سبعون عاما كل شعوبه بعضهم في بعض ولكنهم عندما وضعوا مصلحتهم التاريخية فوق جراح الحرب تلاشت الحساسية بينهم حتى ذابت كل الذكريات الموجعة ونهضوا حتى يخيل لك ان الحرب بينهم كانت قبل سبعون قرن! لكن دول الخليج تريد بلحظة عمى بصيرة وضعف ايراني ان تقدم هذا الصراع بشكل تناحري على الصعيد الفكري والبشري، وهي تساهم بتشويه الثورة السورية بحجة الدعم المادي، رغم ان دورهم لا يتعدى ماديا جمعيات غربية انسانية، فكيف نفسر كل هذا الزخم الخليجي بالمواقف المؤيدة للثورة في حين يفتح مشفى ميداني على الجانب الاسرائيلي لعلاج الجرحى من السوريين! وكيف لا ننتبه لبعض علماء ودعاة الخليج بفتاويهم المخزية مثل فتوى "نكاح الجهاد" ولما يفسرون كل شئ على اساس جنسي، في محاولة تدنيس الاجساد السورية التي تهلك كل يوم ويموت الابناء والنساء تحت القصف والردم فما هي فتواهم اذا لأسرانا في السجون الاسرائيلية والذين يقضون فيها السنين والمؤبدات!
هل حقا يفكر شعب يتعرض يوميا لإبادة جماعية ويتألم انسانيا بالجنس! وكيف يختلف هؤلاء عمليا عن نظرية فرويد والتي احال فيها كل حالات وتصرفات الانسان والمجتمعات الى هذا المفهوم الجنسي، حتى ان فتاوى الجهاد ظهرت من هناك باهتة كونها تحمل في طياتها نفاقا عندما يخفون هذه الدعوة على حكامهم وأنظمتهم تلك الانظمة تتغذى عليها امريكا وإسرائيل نفطيا حتى بات يباع نفطهم في ام الفحم اغلى من تل ابيب ! وأخيرا فانك يا شيخ لا زلت تحمل في قلوبنا وقارا ومعزة، ولا زلنا مناصريك، وفقط اردت ان احافظ عليك بهذا المفهوم وان يرتفع رصيدك الجماهيري كونك تستحق ذلك اخلاقيا ووطنيا، لكن وظيفتي الان هي اظهار الصورة لك اذا اخفاها عنك بعض المحيطون بك، لان موقفك من الخليج لا بد ان يحمل استراتيجية واضحة خالية من الرصد المبطن من بعض القوى المعادية للثورة، وواضحة بحيث لا يحتار فيها حتى اعضاء من الحركة الاسلامية يفتقدون لأداة الدفاع عن موقفك هذا لتدارك التقولات العبثية والاتهامات الباطلة والتي تصب ليل نهار للنيل من رصيدك الشعبي .
هل من مستفيد هل من متعظ اين الضمائر الحية لكي تستيقظ على هذة الانغام او على هذة الجواهر والدرر التي يستشم منها الصدق والاخلاص في الوعظ بارك اللة فيك اخي في اللة وسدد خطاك اخ علي جمعة