غزة بين مطرقة الدمار، وسندان الإعمار
تاريخ النشر: 29/07/15 | 12:00قال كارتر في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الامريكية” إن على الحكومات الغربية دفع (إسرائيل) التخلي عن إصرارها تتبع كل كيس إسمنت يدخل غزة، وهو أمر يستحيل تحقيقه، “ويمكن منع حفر الأنفاق بواسطة اتفاق سلام يكون تحت الإشراف”.(دنيا الوطن 23-3-2015).
إن الدمار الذي حاق بغزة، إثر العدوان الإسرائيلي الأخير، قد فاق الخيال وفاق كل توقع؛ فهو دمار شامل لا يبقي ولا يذر: ازهاق للأرواح، قتل وتشريد، هدم البيوت على رؤوس أصحابها، وتدمير لمؤسسات المجتمع الصحية، والاكاديمية، والمنابر الدينية، إضافة لإلحاق الأذى بمراكز الإيواء المحمية دولياً كمدارس الاونروا وباحات وتخوم المستشفيات. حمم تصهر الحجر قبل البشر، وتخلف آثارا كارثية على البلد ونفسيات اهلها، وربما تطال مستقبل الطفولة.
من تقودة رجلاه الى مرابض الاسود في غزة هاشم، يدرك بأن الركام في كل مكان، وفي كل حي، وبالكاد سلمت منه بيوتات هنا اوهناك. فعدد ما تضرر من منازل يناهز (141) الف منزل من ضمنها (131) منزلا تعود ملكيتها لغير اللاجئين. بلغ عدد الاسر التي تلقت مساعدات نقدية كبدل ايجار لمن تدمرت بيوتهم بشكل كامل ، أو شبه كامل، بلغ عددها(4300) اسرة. هذا غيض من من فيض، بل هناك الكثير من الاسر التي لم تتلقى شيئاً البتة، وتبيت على الطوى، ولا تسأل الناس، الحافاً، وربما طواها النسيان وغابت في المجهول.
شعب غزة، نبض الامة وضمير تضحيتها، الذي ما هان عليه دم العرب يوما، فهل يهون عليكم دمه الان؟ كم عليه أن يصبر وينتظر ويعاني معاناة تنوء بحملها الجبال؟ ومن منطلق شر البلية ما يضحك، أن بعض العارفين، أو”العرّافين”، في قضايا الإعمار يتنبأون بأن اعادة الاعمار قد تستغرق (30) سنة على الأقل، كحد أدنى. وهنا لا بد من التذكير بأن برنامج الامم المتحدة الإنمائي ما فتئ يحض ويذكِّرُ ويؤكد بضرورة الوفاء والتقيد بما تعهد به مملو الإعمار. فالوضع لا يحتمل المزيد من التأجيل والتسويف، ولا نريد ان نقول المماطلة، فالقيظ مهلك وقاتل، والشتاء زمهرير مفنٍ، وكم بيت او شبة
بيت
او كرفان اجتاحته مياه الأمطار دون استئذان وسابق انذار.
التلكؤ العربي، وسياسة الإحتلال، هما معاً، سيدا الموقف. فحكومة الكيان غير مطمئنة لنوايا الغزيين، ولربما في يقينها أن مواد اعادة اعمار البيوت ستؤول الى بناء الأنفاق، عوضا عن استخدامها لأنفسهم. اما ما وُعِدهَ الغزيون من منح ومساعدات، فهي تمر بمسارات ضيقة ومتعرجة، وبيروقراطيات قاتلة، والمغبون أخيرا هو الشعب. قال كارتر في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الامريكية في 23-3-2015:”إن على الحكومات الغربية دفع (إسرائيل) التخلي عن إصرارها تتبع كل كيس إسمنت يدخل غزة، وهو أمر يستحيل تحقيقه، “ويمكن منع حفر الأنفاق بواسطة اتفاق سلام يكون تحت الإشراف”.
“كرم أبو سالم” هو الشريان الحيوي لعبور المنتج الغذائي والزراعي، وبقية المساعدات التي تحفظ رمق العيش لأكبر تجمع محاصر في العالم، في ظل التنادي بحقوق الإنسان وحفظ كرامته وصونها من الابتذال. ” مع طالع كل شمس” تعبر هذا المعبر ما يقارب من (570) شاحنة محملة بالمواد الزراعية والتجارية وما يتعلق بوسائل المواصلات، بينها ما يقارب من (72) شاحنة محملة بالمواد الصالحة للإعمار. هذه خطوة طالما ظمئ المرء ليسمع بها، فكيف به وهو يشاهدها عياناً وقد حطت بحمولتها وتآخت مع الركام، تبثان اللوعة احداهما للاخرى. ودخل الاسمنت والحديد ومستلزمات اعادة الإعمار، ولكن؟
العهدة على”وكالة القدس للأنباء 25-7-2015″، فقد ذكرت ما مفاده أن أكواما من مواد البناء تربض في الجنبات وفي جوار بيوت القادة، وليس الثكالى والمحرومين والمساكين. هي مواد من اولويات القادة ابتداء، وهذا يشمل القادة من الصف الثالث الى الرابع. ما يريده”الغلابى” هو العدل،كونه أساس الملك. وهنا نقتبس مما ذكرته”وكالة القدس للأنباء”:”إن من بين مالكي المنازل المدمرة كليا التي وافقت سلطات الاحتلال على السماح بإعادة بنائها القيادي البارز في حماس”محمود الزهار”، والقياديين في كتائب القسام الذراع العسكرية للحركة الشهيدين”محمد ابو شمالة ورائد العطار”، اللذين
اغتالتهما قبل أيام قليلة من نهاية العدوان الصيف الماضي”.
القيادة الفلسطينية باتت ترى أن التعامل القطري المنوط بمشاريع إعادة الإعمار في غزة يمر دون علمها ودون أخذ رأيها، الا فيما ندر، وعلى نطاق ضيق. وتجرى بعض الاتفاقات والمباحثات الثنائية بين قطروالقطاع الخاص في حكومة الكيان كذلك بمعزل عن السلطة الفلسطينية. اقترحت كذلك حكومة قطر أن يتم بناء محطة للطاقة داخل حدود الكيان، ويتم ربطها بغزة، ناهيك عن تعاقدها- قطر- مع(200) من المدرسين ، إضافة الى التبرع بمبلغ(10) مليار دولار (راي اليوم2-6-2015).
نناشد ذوي الأمر الإسراع في توصيل مواد الإعمار لتكتمل الفرحة للجميع خاصة، بعد بدء العمل بإعادة بناء اول بيت تم تدميره. نشد على أياديكم بالاسراع في ايصال المعونات والمستحقات لأهلنا الطيبين في غزة هاشم، غزة العزة، ومربض الأسود.
يونس عودة/ الاردن