قراءة اولى للمجموعة القصصية "التفاحة النهرية" للأديب محمد نفّاع
تاريخ النشر: 09/04/13 | 14:01قراءة اولى للمجموعة القصصية "التفاحة النهرية" للأديب محمد نفّاع قرأت في الايام الاخيرة مجموعة محمد نفاع "التفاحة النهرية" والصادرة عن دار راية للنشر – حيفا.
والمجموعة تتشكل من ست عشر قصة قصيرة وتقع في مئتين وثمان وثلاثين صفحة. والقصص بمجملها ديناميكية، بعيدة كل البعد عن الرتابة، يصول فيها الكاتب ويجول مما يعطي القاريء الشعور بأنه فراشة تتنقل في مرج، من زهرة لأخرى، أولاها بديعة زاهية والتالية أبدع.
فمن لقطة توضح بساطة وسذاجة هذا الشعب الى موقف يظهر مدى العمق الفكري لهذا الاديب، ومن موقف قومي-وطني يعبر فيه عن حب الوطن الى آخر أممي، يكشف عن حب الكاتب للناس، كل الناس، خاصة البسطاء منهم. ومن الخاص للعام وبالعكس، نجد ربطا مثيرا بين مواقف وأحداث شخصية وبين ما هو مجتمعي بمستويات مختلفة، قروي، جليلي، فلسطيني، عربي، وأممي.
ناهيك عن المزج الرائع بين ما هو تراثي-فلاحي الى الخوض في بطون التراث الادبي العربي من شعر ونثر مرورا بالادب العالمي الحديث.
على امتداد المجموعة تشعر وكأنك أمام عرض لفنان كبير أو قل لعالم خبير، في تفاصيل هذا الوطن، بأرضه وشعبه، نبته وزرعه، يقوم بتفكيكه الى أجزائه ليعيد ربطها من جديد.
فهو يصف لنا جبال الجليل، بقممها الشامخة، ويمر بنباتاتها وحيواناتها، بينابيع مائها، أشجارها وشجيراتها، سهولها ومغرها، أرضها وسمائها، طقسها ومناخها، ليوضح علاقتها بالانسان الفلسطيني وعلاقته بها.
فوق هذا كله، يقوم محمد نفاع بنوع من التحليل السيكولوجي العميق لشخصياته، وبرؤية انسانية نادرة، فها هنا صبية تحمر خدودها خجلا في لقاء حب على نبعة الماء، الى شيخ كبير يشتاط غضبا وهو يستعيد عنزاته الشاردة التي احتجزها مختار المستوطنة القريبة، وها هو الكاتب في عنفوان شبابه يصف شعوره المتنوع تجاه الآخر، من ابنة صاحب العمل الى مخبر الأمن وضباطه، انتهاء بالممرضة العربية التي قامت على علاجه في المشفى.
ما من شك في أن محمد نفاع نجح في مجموعته هذه، وبوضوح وطني-أممي، بدمج المتناقضات، المادية والروحية، القومية والاممية، الذكورية والانثوية، الطفولية والكهولية، وأدخلنا في متحف لتاريخنا القديم والحديث، هو بحد ذاته بذرة لمشروع حفظ للتراث، وفي ذات الوقت منطلق نحو المستقبل.
جدير جدا بالمطالعة!