حان الوقت لنتغيّر
تاريخ النشر: 12/04/13 | 22:37كثيرًا ما يأتيني ردود على مقالاتي وخاصّة الاجتماعيّة منها والتي تلقي الضوء على بعض مشاكلنا وهمومنا، وكثيرًا ما يتصل بي اناس من مراكز اجتماعية متنوعة يعرضون عليَّ أن اجريَ قلمي في موضوع اجتماعيّ يقضّ مضجعهم ويؤرّقهم، كما حدث مع احد الأطباء ، والذي طلب أن أخوض في موضوع سلّم الأولويات في مجتمعنا العربيّ، هذا السلّم الذي ظلَّ منصوبًا كما هو عشرات السنين حتّى بات متهرّئاً تحت أقدام الحضارة!!
هناك قصة مشهورة تحكي عن رئيس بلدية عربية، زار مدينة المانيّة ، فأعجِبَ ايّما إعجاب بالنظافة هناك، فلما اجتمع الى رئيس بلديتها سأله عن عدد عمّال النظافة في مدينته ، فجاء الردُّ : مائة ألفاً.
فصرخ الرئيس العربيّ من هول العدد، ولكن رئيس البلدية الألماني استدرك قائلاً:كل مواطن في مدينتنا يا سيدي هو عامل نظافة!!
القضية تتعلّق بالتربية والأخلاقيات والعقلية وسلّم الفضليات، فعندما يُنظِّف كل مواطن بيته وما حوله، تضحي البلدة بل الدولة كلّها نظيفة.
وسلّم الفضليات هو هو الذي يخلق الأخلاقيات ويُنير العقول ويغيّر الأفكار. ومجتمعنا العربي بحاجة فعلاً الى هزّة شديدة تجعله يستيقظ من سُباته الطويل ومنامهِ الأطول، والمطلوب من اليوم بل من الأمس تغيير هذا السُّلّم وترتيب درجاته من جديد، ولا بأس بل من الأفضل ان نضع مخافة الله في أول درجات هذا السُّلّم، شريطة أن تأتي هذه المخافة عن محبة لا عن خوف وارتعادة، فالله الخالق ليس "بُعبعًا".
ومن ثَمَّ يأتي العلم، فالعلم إن لم يكن في أوّل حساباتنا، فقد تخبّطنا في القاع وفي الحضيض وخسرنا موكب الحضارة السائر ابدًا الى الأمام … والحضارة لا تأتي هكذا جُزافًا الى حيِّنا ولا تأتي كضربة حظّ من السَّماء ، بل تأتي مُتوّجةً بالعلم مكلّلة بإكليل البحث والاستقصاء.
وكثيرون منّا قد وعوا ذلك الأمر فأضحى بيتهم خلية علم وكعبة للورّاد وقلعة منيعة امام العواصف، بعكس أولئك الذين يقتاتون على الماضي ،فجاء زواج الولد والصبّية في المقدّمة وتلاه بناء البيت والبيوت والعمل حتى الإرهاق من أجل إدخال أبنائنا سلك العمل في السلطة المحليّة ، عدا عن التكاثر الغير مدروس.
إن كانت هذه طموحاتنا –وهي شرعية في بعضها ووقتها- فعلى الدنيا السلام، فسنبقى نلهث خلف الشعوب الراقية ، وستبقى البيوت المضيئة بشهادات أبنائها قلّة، وستظلّ بلداتنا "ترفل" بالقاذورات "وتميد" بالمدارس والمؤسسات " الخربة الخاوية" ، اقول هذا وأنا متضايق ومتأثر.
كُنّا سّباقين ، وكانت بغداد محط ّ انظار العالم وكذا القدس ودمشق والقاهرة، فلماذا لا نعيد هذا المجد الضائع، ولماذا يأبى ضميرنا أن نرمي بقشرة على شارع من شوارع باريس ونرضى " بشغف" ان نرمي سَلا ًّ من القاذورات في شوارع القاهرة!!؟ .