شهر نيسان شهر الحزن والمآسي ورحيل العظماء

تاريخ النشر: 14/04/13 | 20:38

شهر نيسان،شهر كثرت فيه المآسي والألام والأحزان الفلسطينية،ففي هذا الشهر ارتكبت العصابات الصهيونية مجزرة بحق اهالي قرية دير ياسين الفلسطينية،حيث قتلت سكانها شيبة وشباباً وشيوخاً ونساءاً وأطفالاً بدم بارد، وعملية القتل تلك لم تكن فقط بدافع القتل على خلفية العنصرية والكره والحقد على الشعب الفلسطيني، بل تلك العملية كانت بهدف ترويع شعبنا الفلسطيني،وحملة على الهجرة ومغادرة الوطن، عملية قتل كان لها هدف لتحقيق مشروع سياسي،مشروع يستهدف طرد وتشريد وإقتلاع شعبنا الفلسطيني من أرضه، وبالفعل نجح المشروع الصهيوني في طرد وإقتلاع وتهجير جزء كبير من أبناء شعبنا الفلسطيني، والذي أصبح بفعل النكبة خارج حدود الوطن في مخيمات اللجوء في دول الطوق العربي وفي الشتات، ولكن رغم النكبة وما عنته من اقتلاع وطرد وتهجير لشعبنا، إلا أن هناك من بقي وصمد من شعبنا مؤكداً للحركة الصهيونية، بأن هذا الشعب مثل طائر الفنيق يخرج من تحت الرماد، وأن نظريات قادته عن شعبنا بأن كباره يموتون وصغاره ينسون لن تتحقق وهذا الشعب مهما تعرض للعسف والظلم والطغيان والقمع، سيبقى مسكونأ بحق العودة للوطن ولا بديل غير الوطن، فهذا حق فردي وجمعي لا يسقط بالتقادم ولا بالمبادرات ولا ب "الجهبذة".

وأيضا في هذا الشهر استشهد القائد خليل الوزير"أبو جهاد" أحد أبرز قادة الثورة الفلسطينية، وأحد الأركان الأساسية لحركة فتح، حيث اغتاله جهاز الموساد الصهيوني في تونس، وعملية الاغتيال تلك لم تكنفي إطار وسياق تصفية قيادات الثورة الفلسطينية المناضلة وذات الفعل والتأثير في الساحة الفلسطينية، بل لكون أبو جهاد هو من وقف على رأس قيادة الانتفاضة الفلسطينيةالأولى، انتفاضة الحجر في كانون أول /1987 ،وهو الشخصية الفلسطينية التي لها علاقة مباشرة بالقيادات الميدانية لحركة فتح، والقادر على أن يكون موحداً للساحة الفلسطينية بأحزابها وفصائلها، حيث لعب دوراً بارزاً في عودة الوحدة واللحمة لمنظمة التحرير الفلسطينية، بعد ما اختلفت فصائلها عقب دورة المجلس الوطني الفلسطيني غير الشرعية في عمان، ولكون أبو جهاد أيضاً المسؤول العسكري المباشر لساحة الداخل، فإنه جرى استهدافه، حيث كانت تتضح في الأفق معالم مشروع سياسي، مشروع يراد له أن يسير بدون حلقات اعتراضات جدية ومركزية فلسطينية عليه، حيث كان اتفاق اوسلو وما جره على الشعب الفلسطيني من مصائب وويلات التقسيم الجغرافي والاجتماعي والسياسي، ولتكن تداعيات اوسلو ومخاطره علينا كشعب فلسطيني موازية لتداعيات ومخاطر النكبة، إن لم يكن اكثر قليلاً، وبكلمات ثعلب السياسة الاسرائيلية "شمعون بيرس" واحد مهندسي اتفاق اوسلو ،أوسلو الانتصار الثاني لدولة اسرائيل بعد النكبة.

وفي هذا الشهر أيضاً جرت تصفية القائد الجبهاوي ابراهيم الراعي في سجون الاحتلال وزنازينه من قبل أجهزة المخابرات الصهيونية، بعد رحلة تحقيق قاسية معه استمرت قرابة عام .

هذا المناضل الاسطورة الذي رفض ان يبوح بأي سر من أسرار حزبه ورفاقه في أقبية التحقيق، وليوجه لطمة قوية لجهاز "الشاباك" الصهيوني، وليرسي مع رفاق حزبه في الجبهة الشعبية مدرسة الصمود في أقبية التحقيق، وليصبح بعد ذلك الرمز والعنوان الذي يتغنى به الشعب الفلسطيني في الصمود والتضحية، والإحتلال أقدم على اغتيال هذا الرفيق، لكونه يدرك جيداً أن استمرار بقاءه ووجوده أسيراً أو حراً طليقاً، سيبقى يشكل خطراً على دولة الإحتلال، وسيصبح الرمز والنموذج لكل من يعتقل من أبناء شعبنا الفلسطيني، ولكن لم يدرك ويتعلم أنه بإستشهاد الرفيق الراعي في أقبية التحقيق غدا رمزاً وعنواناً ليس لمناضلينا، بل لكل أبناء شعبنا الفلسطيني، وكذلك تجذرت مدرسة الصمود في التحقيق التي كان للجبهة الشعبية دوراً بارزاً في ولادتها .

وفي شهر نيسان أيضاً اغتالت وحده مختارة من جهاز الموساد الصهيوني وقف على رأسها يهود براك القادة الفلسطينيين الثلاثة أبو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال العدوان، وعملية الاغتيال تلك تأتي في إطار الحساب المفتوح مع قادة المقاومة الذين لعبوا دوراً بارزاً في عملية ميونخ الشهيرة والتي كانت اسرائيل تعتبر بالتحديد ابو يوسف النجار احد قادتها، وترى في كمال ناصر والعدوان من قادة الفكر والرأي والموقف في الساحة الفلسطينية، وهي ترى في الكلمة المقاتلة خطر عليها كما هي البندقيةالمقاتلة،وقبلهم اغتالت الشهيد المناضل الأديب، الكاتب، السياسي غسان كنفاني،فهي ترى بمثل هؤلاء القادة والرموز العظام خطراً على دولتها وجودها وامنها.

وفي شهر نيسان يأتي يوم الأسير الفلسطيني،حيث اكثر من 4700 أسير فلسطيني، ما زالوا في سجون الاحتلال ومعتقلاته وزنازينه، وما يزيد عن سبعين منهم مضى على وجودهم في الأسر عشرين عاماً فما فوق، والعديد منهم فقدوا احبة وأعزاء لهم وهم خلف القضبان،دون أن يتمكنوا من إحتضانهم أو ان تقر أعينهم برؤيتهم أو إلقاء نظرة وداع عليهم، ومنهم من كبر اطفالهم وتزوجوا دون ان يتمكنوا من مشاركتهم لحظات فرحهم، ومنهم من نهشت الأمراض جسده بفعل طول الفترة وعتمة السجن وعسف السجان ورطوبة الجدران والاهمال الطبي، ومنهم من استشهد داخل الأسر جراء سياسة الاهمال الطبي تلك والتي كان آخر ضحاياها الأسير المناضل ميسرة ابو حمدية، ومنهم من إستشهد جراء التعذيب والتحقيق كالأسير عرفات جرادات، ومازالت قائمة الأسرى الشهداء تكبر وتتوالى، وأيضاً الأسرى تشن عليهم من قبل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها حرباً شاملة من أجل كسر إرادتهم وتحطيم معنوياتهم، ومصادرة منجزاتهم ومكتسباتهم والتعدي على حقوقهم، وفي إطار هذه الحرب الشاملة، خاض أسرانا البواسل الكثير من معارك الأمعاء الخاوية "الإضرابات المفتوحة عن الطعام" من أجل ذلك،واليوم يخوض الأسير المناضل سامر العيساوي أطول إضراب مفتوح عن الطعام، من أجل استعادة حريته، حيث جرى إعادة اعتقاله بعد أن جرى تحرره في صفقة الوفاء للأسرى، تحت حجج وذريعة خرق شروط الصفقة، وهو الان يقترب من الموت، مما يتطلب منا أن نتحمل مسؤولياتنا على كل المستويات تجاه كل أسرانا البواسل، وعلينا أن نقرن القول بالفعل بأن يكون هذا العام ،عام الحرية لأسرانا، ورغم ذلك نقول بأن شهر نيسان شهر الحزن والألم ورحيل العظماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة