في مواجهة القمع والارهاب الفكري في العراق
تاريخ النشر: 17/04/13 | 1:00لا جدال في أن الهجوم الغوغائي المنظم ، الذي تعرضت له مؤخراً الصحف العراقية الأربعة الصادرة في بغداد عاصمة الرشيد ، وهي " الناس" و"الدستور" و"البرلمان" "المستقبل " من قبل قوى وجماعات ومليشيات الارهاب وعصابات الظلام والتكفير السلفية ، هو اعتداء بكل المقاييس على الصحافة المستقلة،وتهديد للكلمة الحرة، وقمع لحرية الرأي والتعبير، وانتهاك فاضح وصارخ للحريات الخاصة والعامة وتقييد الحقوق.
وهذا الهجوم هو ليس امر جديد وغريب ومستهجن في استهداف الصحفيين والمؤسسات الاعلامية العراقية . فمنذ سنوات طويلة يواجه الاعلام العراقي الحر والمستقل هجمة ارهابية من النظم الحاكمة وقوى العمالة والخيانة وجماعات التطرف والتعسف الديني والاستبداد السلفي ، وذلك في محاولة بائسة لفرض لغة الغاب على نهج الحوار والديمقراطية في العراق وحجب الحقائق والمعطيات عما يجري على ارض الواقع في المجتمع العراقي ، الغارق حتى اذنيه في غلواء المذهبية والطقوسية الطائفية والقبلية والعشائرية والنزاعات الفكرية والدينية والسياسية .
ان المتابع للحالة السياسية الراهنة والمشهد العراقي الحاضر يلحظ بشكل واضح وملموس عمليات القمع والارهاب الفكري ، الذي تواجهه الثقافة والصحافة العراقية ويتعرض له المثقفون العراقيون . فهنالك قمع منظم ومدبر ومخيف ضد الثقافة الحرة التقدمية والنخب الطليعية والمثقفين التقدميين الاحرار ، الذين يغردون خارج السرب لما يضطلعون به من دور تعبوي وتنويري وطليعي في خدمة الشعب والناس وقضاياهم اليومية والمصيرية وفي البناء العراقي ، وطموحهم المستقبلي في تأسيس المجتمع المدني الحر الديمقراطي المتطور ، الذي يرسي التقاليد الديمقراطية ويحقق آمال وطموحات الانسان العراقي في الحرية والامن والعدل والاستقرار والرخاء الاقتصادي والعيش الكريم .
وهذا القمع السلطوي يستهدف بالاساس تدجين الاعلاميين والمثقفين وشراء ضمائرهم وتزييف مواقفهم ، وتغييب دور المثقف الحر والحد من مساهمته الحضارية في عملية التطور الاجتماعي ووأد مشروعه التأصيلي التنويري النهضوي . وكذلك تكميم الافواه وتصفية الوعي السياسي والفكري المتنامي واغتيال العقول العراقية المفكرة واخراس اصوات المعارضة المنادية بالتغيير والمطالبة بالبديل الديمقراطي المأمول، والتنكيل بالفكرالتحرري وحملته والمؤمنين به، عدا عن تهيئة الاجواء وتوفير المناخ لتكريس خطابات السلطة وتوجهاتها القامعة ولاجل تعميق ثقافة التوجه الطائفي المحاصصي المنعزل ،الذي يجزئ الوطن العراقي.
اننا نريد لوسائل الاعلام في العراق والوطن العربي والعالم أجمع ممارسة عملها ونشاطها بعيداً عن كل عوامل الضغط والتهديد والتعتيم . وعليه فإننا ندين بشدة الاعمال البلطجية والافعال الدنيئة بحق الصحفيين العراقيين وضد الصحف العراقية ، التي تقوم بواجبها وتؤدي دورها ، ونرفض جملة وتفصيلاً الاعتداء الاخير ، الذي طال الصحف العراقية الاربعة ،ويندرج في اطار ثقافة العنف والقمع والهيمنة والاقصاء . ومن الأجدر دعم المثقفين والاعلامين وحمايتهم من الاعتداءات التعسفية ، فهم سؤدد شعبهم وبوصلته الحقيقية حتى يتم تصويب الاوضاع في العراق والقضاء على كل اشكال الفساد والتخلف والتجاذبات الطائفية البغيضة ، ويتحقق الحلم العراقي بالمستقبل السعيد في الوطن الحر الديمقراطي التعددي الذي يحترم الرأي الآخر .