اللغة
تاريخ النشر: 17/08/15 | 7:44الأنسان يمتاز بالعلم، وانما العلم بالتعلم، والتعلم باللغة، واللغات تتفاضل في حقيقتها وجوهرها بالبيان، وهو تأدية المعنى، تقوم بالنفس تامة على وجه يكون أقرب الى القبول وأدعى الى التأثير، وفي صورتها وأجراس كلمها بعذوبة النطق وسهولة اللفظ والألقاء والخفة على السمع، وان اللغة العربية من هذه المميزات الميزان الراجح، والجواد القارح، يعرف ذلك من أخذها بحق وجرى فيها على عرق، فكان من مفرداتها على علم وفن، فالكلام الذي يعطي العلوم منازلها ويبين مراتبها، ويكشف عن صورها ويجني صنوف ثمرها ويدل على سرائرها ويبرز مكنون ضمائرها، وبه ايات الله ميز الأنسان من سائر الحيوان، ونبه فيه على عظم الأمتنان، فقال : الرحمن علم القرأن خلق الأنسان علمه البيان. فلولاه لم تكن لتتعدى فوائد العلم عالمه، ولا صح من العاقل ان يفتق عن ازاهير العقل كمائمه، ولتعطلت قوى الخواطر والأفكار من معانيها، واستوت القضية في موجودها وفانيها، ولوقع الحي الحساس في مرتبة الجماد، ولكان الأدراك كالذي ينافيه من الاضداد، ولبقيت القلوب مقفلة، ولقصرت على ودائعها، والمعاني مسجونة في مواضعها، ولصارت القرائح عن تصرفها معقولة، والأذهان عن سلطانها معزولة، ولم عرف كفر نت ايمان، وأساءة من أحسان، ومن هنا ينبغي ان يحكم في تفاضل الأقوال. جنبك الله الشيهة، وعصمك من الحيرة، وجعل بينك وبين المعرفة سبباَ، ومن الصدق نسباَ، وحبب اليك التثبت، وزين في عينيك الأنصاف، وأذاقك حلاوة التقوى، وأشعر قلبك عز الحق وأودع صدرك برد اليقين، وطرد عنك ذل اليأس، وعرفك ما في الباطل من ذلة، ومن الجهل من القلة…………………….
محمد صبيح