معذرة ! لسنا بسذج
تاريخ النشر: 28/04/13 | 23:45منذ سنين ، تطالعنا العناوين الملونة بأخبار متلاحقة عن رحلات دولية يقوم بها أعضاء الكنيست إلى جميع أنحاء العالم ، توصف على أنها زيارات عمل هامة توهمنا أنها قد تأتي أكلها ذات يوم ، لدعم مصالح الشعب الفلسطيني داخل إسرائيل ، وحل بعض القضايا المتراكمة والفظيعة ، وترانا نقول بان الفرج سيكون قريبا بعد تلك الزيارات .
هناك من يطير بعيدا حتى أن يحط في قلب أمريكا ، ويلتقي حسب التقارير الصحفية المصورة بجاليات وقيادات وبرلمانيون وسياسيون وعدد بلا حرج ، وما أن تحط طائرته بالمطار عائدة لنا به بسلام ، واذا بتلك التصريحات تسبقه ألينا تحت عناوين ثقيلة العيار ، نكاد نطير لها فرحا وبه لان الفرج نراه وقد اقترب .
ومنهم من يتواضع فيقفز برشاقة إلى رام الله ويلتقي بفلان وعلان من أصحاب السيادة والمعالي والسعادة والفضيلة ،"وتعلمون أن رام الله مليانة من أصحاب هذه الصفات" ، وأيضا من هناك نلتقي بعناوين وتقارير ليست بأقل مساحة من تلك التي وردتنا من أمريكا تارة ، ومن أوروبا تارة أخرى .
منهم من حزم الأمتعة ليصل إلى الصين واليابان وروسيا وتركيا ، وكذلك هو الأمر من هناك ، عناوين ومقالات وتقارير حول عظمة الصين ونظافة اليابانيين ، ولذيذ طعام الأتراك ، ورباطة جأش الروس ، وطبعا تلك هي التقارير ذاتها ، والعناوين ذاتها . فنقول : إذا ها هو الفرج آت لا محالة ، وذلك طبعا بحسب تلك التقارير حول زيارة قام بها النائب العلاني أو النائبة الفلانية .
أما قمة تلك الرحلات تلك التي تحط في دول الخليج وعلى رأسها ست الكل ، قطر ، عاصمة الخلافة الإسلامية العادلة ، التي قد يصلنا منها بعض الفتات من أموال الحرام ، ومع هذا نقول ها هو الفرج آت وقريب .
وطبعا فانا لم انس لقاءات السفراء ونواب السفراء ووكلاء السفارات المصرية والأردنية والتركية وربما "الصومالية" . والعناوين ذاتها تشع في وجوهنا من خلال جميع المواقع المحلية ، وعددها بالعشرات ما شاء الله ، وترانا نكاد نطير فرحا وبهجة لأننا نتأمل بان الفرج آت وقريب .
وبما أننا أصبحنا مجتمعا غير ساذج ، إذا لا بد لنا من طرح التساؤلات ، وربما المساءلات وربما المحاسبات لؤلائك النواب المحترمين الذين جملوا رحلاتهم وتسميتها "بزيارات عمل" :
1. ما الذي جئتم لنا به من هناك ، من شانه ساهم في حل واحدة من قضايانا العالقة ؟؟
2. ما هي نتائج تلك "الرحلات الاستجمامية" التي لقبتموها بزيارات عمل ولقاءات جاليات داعمة لقضيتنا الداخلية في مناطق أل 48 ؟
3. ما فائدة ذهابكم إلى ايطاليا ونتائجها ؟
4. ماذا حققتم من زيارتكم إلى أمريكا ؟
5. كم هو حجم التبادل التجاري مع الصين ؟
6 . أي صفقة عقدتموها مع الروس؟
7. كم هي الملايين التي جئتم بها من قطر ؟
8 . ماذا لكم مع المصريين؟
9. كيف هي أحوال اليابانيين معنا ؟
10. هل من أجوبة ؟
صراحة ، هناك ضحك على اللحى ، وما عدنا نستطيع الصمت والسكوت ، والتعلق بالأمل ، فلا أمل لنا من لقاءاتكم هذه ، ولا نحسدكم طبعا إذا كانت تلك مجرد رحلات استجمامية بحتة ، وصحتين على قلوبكم ، لكن لنا طلب وحيد ، ألا تسمونها لقاءات عمل من اجل رفع قضايانا بالمحافل الدولية ، وألا تصفوها بأوصاف اكبر مما تحتمل ، وعليكم أن تعوا جيدا ، بان مجتمعنا ليس ساذجا إلى هذا الحد ، واعلموا كذلك انه ليس ذلك المجتمع قبل عشرون عاما .
مجتمعنا اليوم تحول إلى مجتمع مثقف ،واع ، يمارس السياسة ويفهم أسرار لعبتها جيدا ، ولديه من المعرفة والقدرات والثقافة والمعرفة ، ما يفوق كثيرا من السياسيين من مختلف الأحزاب السياسية ، ويستطيع أن يقرأ المكتوب من عنوانه ، ويرى ما بين السطور من النظرة الأولى .
معذرة ، فنحن لسنا بسذج .