لم يبق شيء في الصندوق …والكل خرج من الخزانة

تاريخ النشر: 04/09/15 | 17:09

المساعي حثيثة ومتسارعة وعلى قدم وساق ، ويبدو أن سياسة فرض الأمر الواقع باتت قاب قوسين أو أدنى ، وبقوانين دولية وتحت رعاية ووصاية الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

ففي الوقت الذي ما زالت دماء المسلمين تستباح في كل مكان ولا من ساكن يتحرك لوقف هذا النزيف من قبل هذه الجمعية التي أخذت على عاتقها منذ نشأتها حماية الإنسان والحقوق الإنسانية ، في الوقت الذي تغتال الطفولة وتمزق أشلاء في سوريا وبورما وفلسطين والعراق وفي كل بقعة ترفع فيها راية التوحيد في هذا العالم المجرم السادر في إجرامه ، في ظل غياب ضمير دولي عالمي مستتر بل متعفن يقيم الدنيا ولا يقعدها على تعذيب حيوان، ويغط في نوم عميق ويدير الظهر إزاء مجازر تتفتت لهولها الصخور الصماء ومناظر وأشلاء لا يمكن لشعور آدمي أن يتحمل رؤيتها ، وفي ظل تقاعس دولي وأممي وتخاذل حكام من أبناء جلدتنا تسري في عروقهم دماء عربية وإسلامية استؤصلت ضمائرهم في أبشع عملية استئصال للضمير.

في هذا الوقت الذي يجب أن تكرس فيه راعية الديموقراطية وحقوق الإنسان الجهود لرفع الظلم والطغيان عن المستضعفين المقهورين المسحوقين تحت عجلات القهر والقتل والتشريد ،يترقب العالم بأسره تلك الوثيقة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة والتي من المقرر أن تطلقها في جلستها التي ستعقد في نيويورك في الفترة 25 – 27 من شهر أيلول الحالي ،هذه الوثيقة بعنوان :

” تحويل عالمنا : أجندة 2030 للتنمية المستدامة ”
هذه الوثيقة تمثل تحديا صارخا جديدا يواجه الأسرة والمجتمع وضع لها جدول زمني 15 سنة ليتم تطبيقها تطبيقا كاملا .
وقد نصت الوثيقة في مقدمتها : ” نحن عاقدون العزم على تخليص البشرية من طغيان الفقر والعوز ، وللشفاء وتأمين كوكبنا ، ونحن مصممون على اتخاذ خطوات جريئة وتحويلية لازمة لتحول العالم إلى مسار مستدام ، ونحن نشرع في هذه الرحلة الجماعية ، نتعهد أن لا يتخلف أي أحد عنها ” .
وفي الحقيقة فإن هذه الوثيقة كما جاء في البيان الصادر عن هيئات العلماء والمنظمات الإسلامية حول هذه الوثيقة ، فإنها تشمل على العديد من البنود التنموية الهامة ، إلا أنها تعود وتكرر بل ترسخ نفس القضايا المثيرة للجدل والخلاف والتي تكررت وتعاقبت في كل المؤتمرات المتعاقبة التي نظمتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن التنمية أو السكان أو المرأة والتي كان من شبه المستحيل تطبيق تلك البنود تطبيقا تاما بسبب اعتراض العديد من الدول والحكومات عليها .

ومن بعض البنود التي جاءت في الوثيقة :

• إتاحة خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للجميع على مستوى عالمي ( بغض النظر عن العمر ، في إطار الزواج أو خارج إطار الزواج ).

ووفق هذا البند يحق لغير المتزوجين وكذلك الأطفال والمراهقين الحصول على كل المعلومات والخدمات اللازمة لمنع الحمل ، بمعنى منح هؤلاء الضوء الأخضر لممارسة الزنا ، وهذا البند في هذه الوثيقة الجديدة استمرار لما جاء في المؤتمر الدولي للسكان الذي نص على أن : ( المراهقات اللواتي يحملن يحتجن إلى دعم خاص من أسرهن ومجتمعهن المحلي خلال فترة الحمل ورعاية الطفولة المبكرة …) لا بل تجاوز الأمر لأبعد من ذلك ، لإباحة الإجهاض والحصول على خدمات الإجهاض الآمن .

• إقرار حقوق الشواذ جنسيا من خلال الإلحاح على مساواة ( النوع ) الجندر وإدراجها ضمن منظومة حقوق الإنسان العالمية ، وربط هذه المساواة بتحقيق التنمية المستدامة .

وتشير التقارير إلى الدعم المتواصل من قبل الأمين العام للأمم المتحدة لفئة الشواذ وحقوقهم والعمل الدؤوب على إزالة كل العراقيل أمام تحقيقها .
فكما جاء في أحدث تقرير والمعنون : ( الطريق إلى العيش بكرامة بحلول عام 2030 والقضاء على الفقر وتغيير حياة الجميع وحماية كوكب الأرض )والذي جاء فيه : ( يجب تأمين بيئة مواتية في ظل سيادة القانون من أجل المشاركة الحرة النشطة والمجدية للمجتمع المدني والقائمين بالدعوة الذين يعبرون عن أصوات النساء والأقليات ، وجماعات المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية ).

ويتضح جليا أن من أهداف وثيقة التنمية المستدامة إقرار الشذوذ وحقوق الشواذ كقضية جوهرية يجب أن تحسم عالميا .

ولا يخفى على كل متابع للأحداث ، بل لا يمكنه غض النظر عن هذا التزامن بين انعقاد الجلسة الخاصة للجمعية العمومية وبين حراك ومسيرات وفعاليات قام ويقوم بها الشواذ وتغطية وسائل الإعلام لها ومواقع التواصل الاجتماعي على مستوى عالمي والذي يهدف بما لا يدعو للشك لتوصيل رسالة واضحة صريحة أن الشذوذ أصبح أمرا واقعا وطبيعيا ، وللشواذ الحق باختيار هويتهم الجندرية وتوجهاتهم الجنسية وتحت حماية ورعاية ووصاية القانون الدولي .

• ضرورة القضاء على الزواج في نفس المرحلة العمرية التي طالبت فيها بإباحة الزنا والشذوذ .
فالقانون الدولي يعتبر الطفولة تنتهي بسن 18 والزواج ما بعد سن 18 يعتبره زواجا مبكرا ، وهذا الوثيقة تبيح الزنا للمراهقين والشبان وتمنع الزواج في نفس العمر .

• المطالبة بتغيير منظومة القوانين التي تحكم الأسرة بدعوى أنها” قوانين تمييزية ” لتطبيق التساوي التام .
فالأجندة الجديدة تطالب بتجاوز كل الخصوصيات وتطبيق التساوي التام ومن ثم تغيير القوانين التي تحترم بدعوى أنها قوانين تمييزية فهي تدعو إلى :
– التساوي التام في أحكام الزواج.
– إلغاء الولاية ، إلغاء القوامة ، واستبدالها بالشراكة والتناصف التام في كل المسؤوليات الأسرية .
– التساوي في الإرث .
– مساواة الأنواع – ( الأسوياء والشواذ) في الحقوق والواجبات فكما ترث الزوجة زوجها يرث الشاذ شريكه ، وكذلك الأمر أولادهما بالتبني ، ويحصلون على كافة الضمانات الاجتماعية التي يحصل عليها الأزواج الطبيعيون الأسوياء .

• الإلزامية الدولية لتطبيق الأجندة الجديدة بحلول عام 2030
وقد جاء في نص الوثيقة : ” … ستحكم كل قراراتنا لمدة 15 عاما القادمة … وسيتم تنفيذها على نحو يتسق مع حقوق والتزامات الدول بموجب القانون الدولي … ” كما نصت على أن : ” أهداف التنمية المستدامة متكاملة وغير قابلة للتجزئة وذات طابع عالمي “بمعنى لا يجب التحفظ على أي هدف من تلك الأهداف حتى وإن تعارض مع القيم والأخلاق .

إلى هنا وبتصرف عن بيان صادر عن هيئات العلماء والمنظمات الإسلامية حول هذه الوثيقة .

والسؤال المطروح : بما أنه لم يبق شيء في الخزانة ولم يعد هناك أمر مخفي في الصندوق ، فقد أصبحت الأمور علنية ومكشوفة وواضحة كرابعة الشمس في وضح النهار ، فما عساها حكوماتنا العربية والإسلامية فاعلة ؟ وهل ستغير قوانينها لتنسجم مع هذه المواثيق ؟

وماذا نحن فاعلون إزاء هذا الخطر المحدق الذي يزحف إلينا ولمجتمعاتنا وبيوتنا وأبنائنا وبناتنا …هل سنفعل شيئا أم ننتظر حتى تقع الفأس بالرأس ولا نكون سوى ردات فعل لا تسمن ولا تغني من جوع ؟

00000000LELA

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة