ماذا جاء في كتاب «تفسير التوراة باللغة العربية.. تاريخ ترجمات أسفار اليهود المقدسة ودوافعها»
تاريخ النشر: 05/09/15 | 4:57يعد كتاب «تفسير التوراة باللغة العربية.. تاريخ ترجمات أسفار اليهود المقدسة ودوافعها»، لمعده سعديا بن جاؤون بن يوسف الفيومي، شكلاً من أشكال الترجمة التفسيرية للنصوص.
ويبين الكتاب أن أسفار اليهود المقدسة من أقدم الآثار الدينية التي وصلت إلينا مدونة في لغتها الأم، اللغة العبرية، وهذه الأسفار التي يطلق عليها العهد القديم، وأصبحت تسمية الكتاب المقدس تشمل أسفار العهدين القديم والجديد وذلك بعد ظهور المسيحية.
ويقدم سعديا في كتابه تفسيراً لأسفار التوراة الخمسة: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية. ويستخدم في ذلك الحروف العبرية واللغة العربية.. وهذا أسلوب كان شائعاً ومتبعاً لدى يهود العصر الوسيط سواء في المشرق العربي أو في الأندلس الإسلامية. ويعرف هذا الأسلوب حديثاً بالعربية اليهودية.
ومؤلفات سعديا كتبها كلها بهذه الطريقة ويعزى سبب ذلك إلى أن العبرية لم تكن اللغة المستخدمة التي يسهل كتابة مؤلفات بها. ويعد هذا الكتاب شكلاً من أشكال الترجمة التفسيرية للنصوص واسعة الأفق وأنموذجاً للغة العربية التي امتلك ناصيتها أحبار اليهود في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وهو تفسير بسيط لنص التوراة فقط محرراً بمعرفة العقل والنقل كما يوضح المؤلف.
ويوضح المؤلف هدفه من وضع الكتاب قائلاً: «إخراج معاني الكتاب المقدس من كتب النبوة المسمى التوراة من اللغة القديسة إلى اللغة الغالبة على زمان المخرج له ووطنه».
ويبين بعد ذلك الدافع الذي جعله يقدم على هذا العمل فيقول: «.. لأن بعض الراغبين سألني أن أفرد بسيط بعض التوراة في كتاب مفرد لا يشوبه شيء من الكلام في اللغة مصرفها ومبدلها ومقلبها ومستعارها، ولا يدخل فيه قول من مسائل الملحدين ولا من الرد عليهم ولا من فروع الشرائع العقلية ولا كيف تعمل السمعية إلا إخراج نص التوراة فقط».
وساعد سعديا في إنجازه الكتاب علمه بالديانة اليهودية، وتأثره الكبير بالثقافة العربية والإسلامية وعلماء الكلام، ومعرفته الواسعة بالنحو العبري، فضلاً عن تمتعه بحس دينى ولغوي.
وجميع ذلك خدمه في أن تأتي هذه الترجمة معبرة عن المضامين التي تضمنها النص العبري مباشرة، وذلك عكس الترجمات المسيحية التي تمت عبر الترجمة اليونانية والترجمة اللاتينية. ومن مميزات هذه الترجمة أنها أيضاً تجنبت الحرفية إلى حد كبير وهو ما جعل صاحبها يستخدم عنوان تفسير التوراة بالعربية، وربما كان هذا العنوان إشارة ضمنية منه لصعوبة ترجمة النصوص الدينية.
ويبين الكتاب الآثار الواضحة للحضارة العربية الإسلامية في الترجمة على المستويين اللغوي والديني؛ إذ آثر سعديا استخدام ألفاظ عربية تناسب عقلية البيئة التي يعيش فيها، أو استعارة النص القرآني في بعض الأحيان، أو ترجمة أسماء الأماكن بما كانت تعرف به في عصره.
المؤلف في سطور
سعديا الفيومي. أحد أهم الفلاسفة اليهود في العصر الإسلامي عامة وفي القرن الثالث الهجري على وجه الخصوص. ولد في مصر، وتلقى في قريته الفيوم تعليماً عربياً. كما درس الكتاب المقدس والتلمود، ثم توجه إلى فلسطين حيث أكمل دراسته.