ملامح الحضارة السوريّة في (التراث الأثري السوري) عفيف البهنسي

يُحيط كتاب (التراث الأثري السوري) لمؤلفه الدكتور عفيف البهنسي، بملامح الحضارة السوريّة، بدءاً من ظهور القرى، وبداية الزراعة في العصر الحجري، مروراً بعهد الأسرات، والعهد القديم، والحواضر الأولى..

والعصر الروماني والبيزنطي، وصولاً إلى العصر الإسلامي. فهذه المنطقة التي تسمى عند العرب (بلاد الشام) تعتبر من أقدم مناطق العالم حضارة، ما يجعلها تحمل بعداً سياسياً واقتصادياً ودولياً واسعاً، لا يُقاس بحجمها، وإنما بموقعها الاستراتيجي الهام بين قارات ثلاث، وقد برزت أهميتها منذ نشاط طريق الحرير الذي يبدأ من الصين، مروراً بالسواحل السوريّة على البحر الأبيض المتوسط، باتجاه الغرب، أو باتجاه جنوب سوريّا عبر تدمر وحلب، وكانتا من المراكز الهامة في هذا الطريق الذي يخترق الهلال الخصيب الذي يبدأ رأسه الشرقي من الخليج العربي، وينتهي رأسه الغربي في سيناء.

إن الأهمية الإستراتيجيّة لموقع سوريا (بحسب الكتاب) جعلها مليئة بالمدن العامرة والحواضر. وأقدم تسمية أطلقت على سوريا هي (بلاد عمورو) أي الغرب من الرافدين، ثم ظهرت تسمية (أسورا عربايا) في العهد الفارسي، وتحرّف اسم (أسورا) إلى (سوريا) وكان الإغريق أول من استعمل هذه التسمية التي وردت على لسان (هيرودوت) المؤرخ، ولكن في نصوص أوغاريت العائدة للقرن الرابع عشر قبل الميلاد، ورد اسم (سورين : Shryn ).

يُشير الكتاب إلى أن سوريا أو الشام، تضم اليوم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، وأُطلق اسم Syrian على السكان الذين يرجعون إلى أصل سوري (شرقي المتوسط).

وفي العهد البيزنطي، اقتصر اسم سوريا على الشمال وقُسّمت قسمين: سوريا الأول Syria Prima وعاصمتها إنطاكيا، وسوريا الثانية Syria Secunda وعاصمتها أفاميا. يتوزع التراث الحضاري السوري على الجزيرة الفراتيّة، والمنطقة الوسطى والساحليّة والجنوبيّة وأبرز حواضنه: أوغاريت، الممالك الآراميّة، تدمر، أفاميا، وإيبلا.

كان للتراث الحضاري السوري تأثيره الكبير في الغرب (كما يقول الكتاب). إذ جاء اسم (أوروبا) من اسم الأميرة السوريّة (أوروبا) بنت أجينيور، وانتقلت الأبجديّة السوريّة إليها، وكذلك عبادة الآلهة الكوكبيّة.