وادي عارة: خيال تحطيم الحدود القوميّة بأمسية نقاش
تاريخ النشر: 08/05/13 | 10:33بثُّ الفيلم "دخلت مرّة الجنينة" للمخرج آڤي مغربي، في عرعرة كان فرصة مميّزة لنقاش بين يهود وعرب حول ماضي ومستقبل شعوب المنطقة. الفيلم الذي يتناول التاريخ الذاتيّ للمخرج ومعلّمه للّغة العربيّة، عليّ الأزهريّ، يصف الواقع في المنطقة في سنوات الثلاثين من القرن الماضي، حيث كان بالإمكان عبور الحدود بين تل أبيب وبيروت ودمشق بدون أيّة صعوبة، ويستنتج من ذلك بالنسبة لإمكانيّة العيش دون حدود قوميّة في المستقبل.
بثّ الفيلم والنقاش، اللذان جريا في 30.4 في دار جمعيّة المنتدى التقدّميّ في عرعرة بمبادرة مشتركة مع حزب العمّال "دعم"، هما الحدث الأوّل في سلسلة أمسيات ثقافيّة ونقاشيّة سياسيّة- اجتماعيّة، يشارك فيها مبدعون عرب ويهود وجمهور مختلط من المنطقة. الهدف هو إثارة نقاش سياسيّ- اجتماعيّ عميق في المسائل التي تهمّ المجتمع العربيّ واليهوديّ على حدّ سواء.
افتتح الأمسية وجيه صيداوي، مدير جمعيّة المنتدى التقدّميّ الذي استضاف اللقاء، بشرح حول نشاطات المركز، وسامي مصاروة من منظّمي الأمسية، من سكّان القرية وعضو في حزب "دعم"، الذي تحدّث عن نشاطات الحزب خلال الانتخابات، وعن دعمه للربيع العربيّ وتأثيراته على ما يحدث في إسرائيل في الوقت الراهن، حيث شكّل الفيلم الذي تمّ تصويره في بداية الثورة المصريّة، مثالاً لذلك.
سمّي الفيلم على اسم الأغنية "دخلت مرّة الجنينة"، للمطربة المصريّة أسمهان التي عاشت في القرن الماضي؛ هذه الأغنية التي تشكّل أحد الشواهد الكثيرة للثقافة العربيّة الشرق أوسطيّة التي كانت قبل 1948، عندما عاش اليهود والعرب حياة مشتركة في ثقافة واحدة ولغة واحدة وتنقّلوا بحرّيّة بين لبنان وسوريا وفلسطين، الأمر الذي يبدو في أيّامنا خيالاً بعيد المنال.
مغربي كعادته، لم يبقَ خلف الكاميرا. الفيلم يتابعه عن كثب ويتابع معه معلّم اللغة العربيّة، اللذين يتحدّثان فيما بينهما عن ماضي عائلتهما- مغربي، من مواليد في إسرائيل، الذي عائلة جدّه اليهوديّة هاجرت من لبنان أثناء حرب 1948، والأزهريّ الذي طُردت عائلته من صفّوريّة في نفس الوقت. كلاهما، الطالب والمعلّم، يتوقان للعيش بحسب قواعد تختلف عن تلك التي يمليها مجتمعهما. يأمل مغربي بأن يجيد اللغة العربيّة، وأن يحطّم حدود اللغة، وينشئ علاقات مع مبدعين من البلاد العربيّة. الأزهريّ الذي يعيش اليوم في يافا، يعيش مع زوجته اليهوديّة الأصل وابنته التي تتكلّم اللغتين وتواجه هويّتها المختلفة.
بعد انتهاء بثّ الفيلم، جرى نقاش مع مغربي والأزهريّ، تطرّق إلى العمليّة الاستثنائيّة المتعلّقة بإنتاج الفيلم، التي اشتملت على مشاركة تامّة للمشاركين في عمليّة اتّخاذ القرارات. ومن ثمّ تطوّر النقاش ووصل إلى مسائل الهويّة القوميّة التي يواجهها المجتمع العربيّ. وما أثار اهتمام الحاضرين كان اختيار الأزهريّ الغريب لحياة علمانيّة محضة في مجتمع لا يزال يعيش بحسب العادات والتقاليد الحمائليّة التي تهيمن على نمط الحياة في المستوى الخاصّ والعامّ، كنمط المشاركة العائليّة في الانتخابات العامّة للكنيست.