فيلم فلسطيني يوثق كارثة إنسانية وينتصر للحب
تاريخ النشر: 08/09/15 | 16:48يطرح الفيلم الوثائقي “رسائل من اليرموك” قضية تخص عصر ما بعد الإنترنت، وإن لم يشر إليها مخرج الفيلم الفلسطيني رشيد مشهراوي في التعليق الصوتي.. هي استحالة إخفاء كارثة إنسانية أو التستر عليها في ظل ثورة الاتصالات.
فالمخرج الذي لم يذهب إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا، تمكن من صنع هذا الفيلم كما صنع عن المخيم أنشطة أخرى ثقافية دون أن يغادر مدينة رام الله حيث يقيم ويتواصل مع أحد أبناء مخيم اليرموك بالصوت والصورة، ويتلقى منه صورا فوتوغرافية ومقاطع فيديو كشفت جوانب من كارثة إنسانية في مخيم يضم نحو 400 ألف فلسطيني.
وفي وسط القصف وانقطاع الخدمات الأساسية، فقد انحاز الفيلم مع أهل المخيم إلى إرادة الحياة فكانت الموسيقى في الشارع أعلى صوتا من الانفجارات.
والفيلم الذي تصل مدة عرضه إلى 59 دقيقة، يتنافس ضمن مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل بمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط والمقام حاليا بالمدينة الساحلية بمشاركة أفلام من 33 دولة في أقسامه ومسابقاته المختلفة.
ومشهراوي الذي ولد في غزة عام 1962، هو أول سينمائي فلسطيني ينجز أفلاما داخل الأراضي الفلسطينية منذ فيلمه الوثائقي الأول (الملجأ) عام 1986، وأسس عام 1990 شركة أيلول للإنتاج الفني، ومن خلالها قدم عدة أفلام روائية طويلة بدأها بفيلم “حتى إشعار آخر” (1993) الذي نال عنه عدة جوائز في مهرجانات دولية.
ويبدأ فيلم “رسائل من اليرموك” بتواصل المخرج بالصوت والصورة مع الفتاة الفلسطينية “لميس” التي تحكي عن مأساة المخيم وكيف أنها خرجت ووصلت إلى ألمانيا مع آخرين، بعضهم سوريون طلبوا اللجوء السياسي، وأنها مازالت تنتظر الموافقة على طلبها لأنها كتبت في أوراقها أنها “فلسطينية” وتضحك لأنهم في ألمانيا “لا يجدون دولة بهذا الاسم”، وما زالت تنتظر.
ويبدأ مشهراوي الاتصال بالشاب “نيراز سعيد”، وهو خطيب “لميس”، فيمده بصور فوتوغرافية ومقاطع فيديو يصورها للمخيم الذي يتعرض للقصف في ظل الحرب الأهلية في سوريا وما يترتب عليها من حصار وانقطاع المعونات الغذائية والمياه والكهرباء.
ولكن سكان المخيم وسط الكارثة التي ربما تحصد روح أي منهم في أي لحظة -حيث قتل شقيق نيراز فجأة- لا ينسون حقهم في الحياة، فيعيشون على أمل الخلاص، حتى إن “أيهم” صديق نيراز يدفع البيانو الضخم على عربة حديدية يجرها مع أصدقائه ويقدم معزوفات في وسط الشارع ويتجمع السكان فيغنون وينتظرون.
وفي مشهد له دلالة يجيب نيراز عن سؤال المخرج: “من أين؟”، قائلا: “من قرية عولم بقضاء طبرية”، فتنتقل الكاميرا إلى هناك وتتجول دون أن يعوقها بيت أو أي من معالم ما كان القرية سابقا.
ويعلق المخرج قائلا إن قرية عولم لم تعد موجودة إذ إنها “دمرت بالكامل”، ولا يعرف نيراز هذه الحقيقة، ومن الأفضل أن يظل حيا على أمل العودة إليها.
ومن الصور ومقاطع الفيديو التي صورها نيراز، يقام معرض فني بمتحف محمود درويش في رام الله، يفتتحه وزير الثقافة الفلسطيني ورئيس البلدية، ويحظى بحضور كبير يتأملون الصور التي تغلب عليها المعاناة على خلفية مقطع فيديو لدرويش يقول فيه: “سنلتقي غدا على أرض أختك فلسطين/ هل نسينا شيئا وراءنا؟ نعم.. نسينا تلفت القلب/ وتركنا فيك خير ما فينا/ تركنا فيك شهداءنا الذين نوصيك بهم خيرا”.
وتتنافس في مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل عشرة أفلام من المغرب والجزائر وتونس وسوريا ولبنان والأردن والإمارات وسلطنة عمان وفلسطين ومصر.