زيارة القرضاوي لغزة تصبّ النّار على زيت الانقسام الفلسطيني
تاريخ النشر: 12/05/13 | 0:00توصيف إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة في غزة للقرضاوي بأنه "شيخ الثورة العربية وشيخ الثورة الاسلامية والربيع العربي، وشيخ الثورة وشيخ التحول الاستراتيجي في هذه الامة وشيخ الجهاد في القدس وفلسطين"، جاء ليصب الزيت على نيران الانقسام الفلسطيني ولتلهبها أكثر.
ولوحظ أن مراسم استقبال الشيخ القرضاوي والوفد الذي رافقه كانت أشبه بالمراسم الرسمية التي تتبعها الحكومة لدى استقبالها الشخصيات الرسمية، آخذةً بعين الاعتبار الوضع الصحي للشيخ الذي لا يسمح له بالوقوف طويلاً. في صالة كبار الزوار في المعبر وعلى مدار أكثر من ساعة ونصف الساعة، كرر ممثلو المستقبلين وعلى رأسهم هنية عبارات الترحيب بزيارة القرضاوي، وهو ما قوبل بكلمات الشكر والثناء على صمود أهل غزة في وجه الاحتلال والحصار من قبل عدد من العلماء الضيوف من بينهم الرئيس السوداني الأسبق المشير عبد الرحمن سوار الذهب والشيخ القرضاوي الذي استذكر زيارته لغزة الأولى إبان العامين 1957و1958. وللتعبير عن مدى الحفاوة والترحاب، قاد إسماعيل هنية سيارته الشخصية وإلى جانبه الشيخ القرضاوي في طريقه إلى مدينة غزة، كاسراً بذلك قواعد البروتوكول، تماماً كما سبق أن اصطحب الأمير القطري الشيخ حمد بن خليفة آل ثان إلى جانبه في سيارته في اختتام زيارة الأخير التاريخية لغزة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ومنذ اندلاع الحركات الاحتجاجية التي سميت فيما بعد بثورات "الربيع العربي" جاءت مواقف القرضاوي (86 عاما) وفتاواه متسقة تماما مع الدبلوماسية القطرية حتى انه اصبح المفتي الحاص بهذه الاحتجاجات. والقرضاوي (86 عاما) رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي زار غزة مساء الاربعاء الماضي عبر معبر رفح جنوب القطاع على الحدود المصرية، كان أفتى قبل عام واحد بعدم زيارة القدس وهو أمر يعبر عن التناقض في مواقفه.
ولم يتوان القرضاوي عن تقديم الشكر لدولة قطر التي يحمل جنسيتها "لدعمها كل الثورات العربية ولوقوفها إلى جانب أهل غزة"، وخصص ولي عهد قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني طائرة قطرية لسفر وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حيث أقلتهم من الدوحة حتى مطار العريش المصري القريب من معبر رفح، بحسب القرضاوي.
ومع تناقض المواقف الفلسطينية في شأن زيارة القرضاوي، فإنه كان قال في كلمة خلال مؤتمر صحافي عقده في المعبر "اصبحنا في موسم جديد وعهد جديد للامة نحن الان في غزة التي لم ازرها منذ عام 1958، نريد ان نجدد العهد مع ابناء هذا البلد كلها ابناء فلسطين جميعا من اجل تحرير فلسطين ،كلنا نعمل من اجل تحرير كل فلسطين".
وتابع "كل طموحنا ان نموت في سبيل الله وان تحيا فلسطين، نحن مع هذا الشعب الكريم الذي ضحى في كل ما خاض وانتصر، انني على يقين اننا سننتصر، ما كان احد يظن ان تنتصر الشعوب وتطرد هؤلاء الطغاة الذين حكموها في مصر وتونس، وستنتصر سوريا ايضا وسينتصر الاسلام". وعلى الرغم ان الثورات العربية على هامش الربيع لم تطرح اية شعارات في شان تحرير فلسطين ومواجهة اسرائيل لا في مصر او تونس وليبيا او اليمن وسوريا، إلا أن الشيخ (القطري – المصري) قال إن "فلسطين كانت أولى قضايا ثورات الربيع العربي بالمنطقة، مجددًا تأكيده على ضرورة عدم التنازل أو التفريط في شبر واحد من الأرض الفلسطينية".
وأضاف :"كنت آمل منذ فترة طويلة أن أزور غزة التي رفضت الانكسار أو الذلة للعدو الإسرائيلي وأثبتت وجودها وأنها لن تقبل الهوان والذل وقالت لا لإسرائيل".
وواكب وصول رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي مع وفد من علماء المسلمين إلى غزة مساء أمس عبر معبر رفح، تباين في مواقف الفصائل الفلسطينية بين مرحّب بالزيارة ومندد بها. وعلى أرض معبر رفح كان رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية وبرفقته النائب الأول لرئاسة المجلس التشريعي أحمد بحر ومعهما لفيف من الوزراء وقادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومجموعة من العلماء والدعاة الفلسطينيين وممثلي فصائل فلسطينية، في استقبال الشيخ القرضاوي والوفد المرافق.
وفي شأن الجدل الفلسطيني حول زيارة القرضاوي التي اعتبرتها حركة (حماس) "تاريخية" كانت حركة (فتح) كبرى الفصائل الفلسطينية وتعتبر عماد السلطة الوطنية رفضت الزيارة.
قال المتحدث باسم حركة (فتح) أحمد عساف إن الشعب الفلسطيني بقواه الوطنية مجتمعة بما في ذلك جميع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وبمرجعياته الدينية الرسمية المسيحية والإسلامية ترفض هذه الزيارة وتقاطعها، وتعتبر أن الشيخ القرضاوي غير مرحب به في الأراضي الفلسطينية.
وأضاف أن "الشيخ القرضاوي له العديد من المواقف التي غلفها بطابع ديني بما يسمى بالفتاوى، ولكنها في الحقيقة كانت سياسية وأثرت بشكل كبير وسلبي على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، حيث أباح ما قامت به حركة حماس من انقلاب دموي في قطاع غزة راح ضحيته المئات من الشهداء من حركة فتح ومن أبناء الشعب الفلسطيني".
ومن جهته، ندد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول بالزيارة مشيرا إلى أن زيارة الشيخ القرضاوي لقطاع غزة هي «زيارة مشبوهة لأنها تأتي من شخص مشبوه بمواقفه وفتاواه»، مذكرا بفتوى القرضاوي التي دعا فيها الولايات المتحدة الأميركية وحلف الأطلسي للتدخل في الشؤون العربية.وفي الضفة الغربية، نظمت جهات فلسطينية عدة مسيرات واحتجاجات علي الزيارة في مدينة الخليل مساء الأربعاء.
وقاطعت غالبية الفصائل الفلسطينية زيارة القرضاوي لقطاع غزة في ضيافة حكومة حماس في القطاع.، وانتقدت بعض الفصائل قمع أجهزة حركة (حماس) للصحافيين المنددين بالزيارة.
وقال جميل مزهر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن "ما يجرى غير مفهوم ويضع علامات استفهام على أجهزة حكومة حماس".
ولم تشارك أغلب الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة فتح ـ الفصيل الرئيسي في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.
وقال القيادي في حماس صلاح البردويل: "التباين في المواقف السياسة أمر مشروع للجميع ويستطيع كل إنسان أن يعبر عن وجهة نظره السياسية، لكن دون التجريح بالآخرين والمقاطعة والاصطفاف ضد أي جهود تسعى لرفع العدوان عن غزة والشعب الفلسطيني" وكان الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا"، أكد رفضه الشديد للزيارة التي يقوم بها وفد شيوخ قال إنهم من جماعة الإخوان المسلمين، برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي إلى قطاع غزة الخاضع لحكم حركة حماس .
واعتبر صالح رأفت نائب الأمين العام لفدا وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أن زيارة القرضاوي من شأنها أن تشجع قيادات في حركة حماس على رفض مشاركة حركتهم في المشاورات التي يجريها الرئيس محمود عباس مع القوى والفعاليات الفلسطينية من أجل تنفيذ اتفاق القاهرة للمصالحة وإعلان الدوحة من خلال التوافق على تشكيل الحكومة الانتقالية، وللاتفاق على تحديد موعد لإجراء انتخابات الرئاسة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ورأى رأفت ان القرضاوي يحرض حركة حماس على تكريس الانقسام بين الضفة وغزة وتحويله إلى انفصال دائم من خلال إقامة إمارة تابعة للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
وأكد رأفت في ختام تصريحه على أن زيارة القرضاوي لغزة "خدمة مباشرة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تعمل ليلا نهاراً للحيلولة دون تجسيد دولة فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967"، مشيرا لتزامنها مع الاقتحامات المتكررة التي تقوم بها سلطات الاحتلال وعصابات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى في القدس.